نافذة على مؤسسة تعليمية: {إيكول نورمال سوبيريور}.. معهد النخبة في فرنسا

جامعة إيكول نورمال سوبيريور (بالفرنسية: École Normale Supérieure) أو مدرسة الأساتذة العليا، هي مؤسسة تعليم عال في قلب العاصمة الفرنسية باريس، تأسست أثناء الثورة الفرنسية في عام 1794، وفتحت أبوابها في عام 1795.. لكنها بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي الصعب في تلك الفترة التاريخية تم إغلاقها لفترة قصيرة، ثم أعيد تأسيسها على يد نابليون بونابرت في عام 1826.
ومرت المدرسة بمراحل تطور عدة، من مدرسة إلى كلية، ثم نهاية إلى الاتحاد الذي تم في عام 1985 بين كل من الإيكول نورمال سوبيريور والإيكول نورمال للشباب، لتصبح معهدا عاليا للدراسات العليا لا يلتحق به إلا النخبة من التلامذة بعد مرورهم باختبارات عديدة لقياس تميزهم في الثقافات العامة ومدى تضلعهم في الاختصاصات التي اختاروها، كما أن المعهد يهتم بالتعليم عن طريق البحث العلمي وبالتالي أصبح المكان معهدا لتأهيل الباحثين والأساتذة بالإضافة إلى رجال كبار الدولة الباحثين عن العلم والدرجة المميزة في كل مجالات المعرفة.
تضم كلية الدراسات العليا، كما يطلقون عليها، أعضاء هيئة التدريس من الخبراء المعترف بهم دوليا ومراكز رائدة للأبحاث العلمية ذات جودة عالمية مرموقة في المجتمع الفرنسي خاصة، وتتنوع التخصصات فيها بين العلوم الإنسانية الأساسية، وعلم الأحياء والكيمياء، وعلوم الكومبيوتر والفيزياء وعلوم الأرض وتاريخ الفن والنظرية، وتخصصات الجغرافيا، والآداب والفلسفة، واللغات المتنوعة، والعلوم الاجتماعية الكلاسيكية والدراسات المعرفية، والبحوث البيئية والإيكولوجية، والرياضيات وعلوم الأرض وعلم الآثار.
وبتنوع التخصصات، تؤهل الجامعة طلابها للخروج إلى المجتمع لأخذ دورهم كقادة المستقبل في كل ميدان المهنية التي يمكن تخيلها في مجال البحوث والإعلام، والخدمة العامة والقطاع الخاص.
ويستقبل المعهد نحو 2000 طالب سنويا، يمرون بعملية اختيار صارمة، يتفرع منهم أكثر من 400 مرشح لنيل درجة الدكتوراه للعمل بها، إلى جانب 430 من الباحثين الدائمين كمدربين، و240 من الموظفين الإداريين، ونحو مائة من حملة الدكتوراه الزائرين للمعهد بشكل ثابت، ويتم تنظيم البحوث في سبعة أقسام تتألف من 21 وحدة معترفا بها، أربع عشرة منها تمثل مؤسسات الدعم، وثلاثة اتحادات للبحوث. وتتميز الدراسة بالمعهد عن غيره بفرص التدريب على البحوث عالية الجودة التي تشجع على الابتكار والإبداع، والتي في الوقت نفسه تعطي الأولوية إلى اكتساب المعرفة الأساسية، وكذلك توفر البرامج الأكاديمية التي تؤكد على التجريب، وجودة التعبير والفهم لقضايا الدولية والثقافة التاريخية.
ويستطيع الطالب ممارسة حياته بصورة طبيعية في الحرم الجامعي، ليس بالدراسة فقط، بل بالإقامة في الأماكن المخصصة لمساكن الطلاب التي تقع في قلب الحي اللاتيني التاريخي النابض بالحياة من حيث توفير كل وسائل العيش الممكنة من مرافق ومطاعم ووسائل ترفيه أيضا.
كذلك يتمتع الطالب بحرم جامعي يسهل الوصول من خلاله للمكتبات التاريخية الغنية بالمعرفة وأمهات الكتب والمراجع الدراسية، حيث يمكن للطلاب تعلم اللغات، وتوفر كذلك فرصة قضاء فصل دراسي أو سنة في الخارج في إحدى الجامعات الأجنبية، والمشاركة في العديد من الأنشطة الثقافية والرياضية. وبشكل عام يهدف المعهد إلى توفير بيئة دراسية خصبة يقترن فيها التميز الفكري والعلمي مع تطور الشخصية لكل طالب أو زائر أو متعامل مع المعهد بأي صورة.
حققت مدرسة الأساتذة العليا على مر تاريخها إنجازات عديدة، فقد حاز عدد كبير من طلابها جوائز عالمية، حيث حصد خريجو المعهد ثلاث عشرة جائزة لنوبل، منها جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2012 للعالم الفرنسي سيرج آروش، الذي تشارك الجائزة مع العالم ديفيد وينلاند لدورهما في ما يتعلق بقياس والتلاعب بالجزيئات الأحادية دون التأثير في الطبيعة الميكانيكية للمادة.
بالإضافة إلى تقديم سبل التدريب القائم على الأبحاث في المؤسسات والمراكز البحثية التابعة للكلية الفرنسية، فإنها توفر أيضا فرصا من دورات تمهيدية وندوات توفر تقديم طرق جديدة للمجالين الفكري والعلمي الذي يدفع دائما إلى الابتكار والإبداع وكذلك المساهمة في جميع مجالات المجتمع بتنوعها سواء في المجال السياسي أو وظائف الاتصالات والأعمال التجارية.