إثيوبيا تمنح الأمم المتحدة ممراً إنسانياً في تيغراي

بعد يوم واحد من دعوة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إثيوبيا للسماح لها بوصول فوري لعشرات الآلاف من اللاجئين الإريتريين في منطقة تيغراي، وتحذيرها من وجود نقص في الإمدادات الغذائية، منحت حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الأمم المتحدة ممراً إنسانياً «من دون قيود» في منطقة تيغراي بعد نزاع مسلح دام أربعة أسابيع وطلبات لإدخال مساعدات إليها، وفقاً لوثيقة اطلعت عليها الأربعاء «وكالة الصحافة الفرنسية». وأشارت المفوضية السامية إلى أن نحو 96 ألف لاجئ من إريتريا المجاورة يعيشون حالياً في تيغراي شمالي إثيوبيا. وقال مسؤولان بالأمم المتحدة، إن إثيوبيا والمنظمة الدولية توصلتا إلى اتفاق للسماح بدخول المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في إقليم تيغراي، حيث أعلنت القوات الاتحادية انتهاء عمليتها العسكرية ضد القوات المحلية. وقالت آن إنكونتر، مديرة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إثيوبيا، لـ«رويترز»، إن الاتفاق تم توقيعه من قبل حكومة أدبس أبابا. وذكر مصدر بالأمم المتحدة، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الأمم المتحدة والحكومة شكلتا مجموعة لوجيستية لضمان وصول المساعدات الإنسانية. والوثيقة الموقّعة من الأمم المتحدة ووزير السلام الإثيوبي تنص على تقديم «ممر آمن ودائم ومن دون قيود للعاملين في المجال الإنساني لتقديم الخدمات للسكان الأضعف في المناطق التي تديرها الحكومة في تيغراي ومنطقتي الحمرة وعفر الحدوديتين» المجاورتين. وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أمس (الأربعاء)، بأن الاتفاقية ستتيح لعمال الإغاثة «وصولاً مستداماً وآمناً» إلى المناطق المضطربة لمساعدة المتضررين من جراء النزاع بين الحكومة و«الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي». كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء تقارير عن وقوع هجمات وعمليات خطف وتجنيد قسري في مخيمات اللاجئين. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الأحد الماضي إنهاء هجوم عسكري على تيغراي كان بدأ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا أن المراقبين لفتوا إلى أن هذا قد لا يعني نهاية الصراع. ويشعر كثيرون في تيغراي أن الحكومة المركزية لا تمثلهم ويطالبون بمزيد من الحكم الذاتي.
وفي سياق متصل اجتمع رئيس الوزراء الإثيوبي مع الأحزاب السياسية أمس من أجل التخطيط لانتخابات العام المقبل وصرف الانتباه بعيداً عن الحرب المستعرة في شمال البلاد والتي قد تنزلق إلى حرب عصابات. وكانت حكومة آبي أحمد قد أرجأت الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة هذا العام بسبب مرض «كوفيد – 19»، لكن منطقة تيغراي لم تنصع للتأجيل وأجرت انتخاباتها التي أعادت انتخاب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وهي حركة مسلحة سابقة تحولت إلى حزب سياسي. وكان هذا التحدي أحد أسباب الهجوم العسكري الذي شنّته الحكومة الاتحادية على قيادات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي منذ الرابع من نوفمبر. ويُعتقد أن الصراع أودى بحياة الآلاف ودفع نحو 45 ألفاً للجوء إلى السودان، وعرّض الإصلاحات السياسية والانفتاح الذي بدأ منذ تولى آبي السلطة في 2018 للخطر. وقال مكتب آبي (44 عاماً) وهو أصغر زعيم في أفريقيا، والحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2019 لتوصله إلى اتفاق سلام مع إريتريا، إنه أجرى محادثات مع الأحزاب السياسية وجماعات المجتمع المدني ومسؤولي الانتخابات بخصوص انتخابات منتصف عام 2021.
وتولى آبي أعلى منصب في إثيوبيا بعد أن قادت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الحكومة لنحو ثلاثة عقود أصبحت خلالها قمعية بشكل متزايد، تسجن المعارضين وتحظر أحزاب المعارضة. وحسب المتحدثة باسمه، لم تتضح أي الأحزاب السياسية التي أجرى معها آبي محادثات. وتعهد بإجراء انتخابات نزيهة العام المقبل بعد أن أدان معارضون وجماعات حقوقية الانتخابات السابقة ووصفوها بأنها كانت مزيفة. لكن المحللين يقولون، إن اعتقال شخصية معارضة بارزة، قطب الإعلام وحليف آبي السابق جوهر محمد في يونيو (حزيران) بتهم الإرهاب، يظهر أنه هو الآخر يقوم بأعمال قمعية. وقال ويل دافيسون، كبير محللي شؤون إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية، «نظراً لسجن شخصيات معارضة رئيسية من الأورومو وأماكن أخرى، وصدور مذكرات اعتقال لقيادة جماعة المعارضة الوحيدة في البرلمان الاتحادي، الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، ستحتاج السلطات الاتحادية من الآن فصاعداً إلى السعي لتحقيق أقصى قدر من الشمول لمحاولة تهيئة الظروف لانتخابات يمكن اعتبارها نزيهة».
وأطاح آبي بالمنتسبين لتيغراي من الحكومة والمناصب الأمنية، قائلاً إن تمثيلهم يفوق كثيراً جماعة عرقية تمثل نحو 6 في المائة فقط من سكان إثيوبيا. وتدخل الجيش الاتحادي عندما تعرضت قاعدة عسكرية اتحادية لكمين في تيغراي. ويصف آبي، الذي تشيد به مجموعتا الأورومو والأمهرة العرقيتان الأكبر عدداً، قيادات تيغراي بالمجرمين الذين يعارضون الوحدة الوطنية ويتآمرون لشن هجمات في أديس أبابا وأماكن أخرى.
ويقول قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إنهم سيواصلون القتال من المناطق الجبلية المحيطة. وقال رشيد عبدي، خبير منطقة القرن الأفريقي، أمام منتدى على الإنترنت، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، «الحروب ليست كالصنابير التي تفتحها ثم تغلقها. ستكون هذه عملية طويلة الأمد جداً وممتدة». وأضاف «العبء يقع على أبي. إذا كانوا يريدون تحقيق الاستقرار في تيغراي فعليهم اتخاذ إجراءات سياسية الآن. ليس بوسعي رؤية كيفية القيام بذلك دون نوع من التفاوض».