الحزن يخيّم على الألمان ومطالب بإقالة المدرّب لوف بعد الهزيمة المذلة أمام إسبانيا

أصبح مصير المدرب يواكيم لوف في مهب الريح بعد الخسارة المذلة التي تعرض لها منتخب ألمانيا أمام نظيره الإسباني بسداسية نظيفة قادت الأخير إلى نصف نهائي مسابقة دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم، رفقة فرنسا الفائزة على السويد 4 - 2 بالجولة الأخيرة من دور المجموعات. وانهالت الانتقادات على لوف مدرب ألمانيا بمجرد صافرة النهاية التي أعلنت عن أسوأ هزيمة لمنتخب ألمانيا منذ 89 عاما حينما سقط بالنتيجة نفسها أمام النمسا عام 1931.
ورفعت إسبانيا رصيدها في ختام المنافسات إلى 11 نقطة لتتخطى ألمانيا (9 نقاط)، فيما لم تلعب مباراة سويسرا وأوكرانيا لاكتشاف حالات إيجابية عدة بفيروس «كورونا» المستجد في صفوف الثاني.
ولا يبدو أن كلمات الدعم التي أطلقها أوليفر بيرهوف مدير منتخب ألمانيا للمدرب لوف، وتأكيده أن الأخير ليس مهدداً بفقدان منصبه، سيكون لها تأثير أمام طوفان الغضب والحزن الذي أصاب الشارع الألماني ومطالب الكثيرين بضرورة التغيير قبل 8 أشهر على انطلاق كأس أوروبا.
وشكّكت وسائل الإعلام الألمانية في بقاء لوف في منصبه الذي يحتله منذ عام 2006، وذكّر موقع صحيفة «بيلد»، اليومية الرياضية الأكثر متابعة في البلاد: «عانى المنتخب الوطني أسوأ هزيمة له منذ ودية النمسا عام 1931».
وتابعت: «يتعيّن على الاتحاد الألماني لكرة القدم الإجابة عن هذا السؤال: هل يواكيم لوف هو الرجل المناسب لقيادة المنتخب في كأس أوروبا بعد 8 أشهر؟ هل يمكننا الوثوق به لوضع الفريق على سكة النجاح ؟».
وأسف موقع «سبورت 1» من العرض الباهت والفرص النادرة التي حصلت عليها ألمانيا في مواجهة منتخب إسباني سريع ومتألق طوال الدقائق التسعين. وقال: «لقد شاهد لوف تقطع أوصال تشكيلته التي ظن أنها قوية».
وتوقّع موقع «إكسبرس» أن «فضيحة إشبيلية سيكون لها تداعيات... هل لا يزال لوف المدرب المناسب للمنتخب الألماني؟».
وكتبت صحيفة «سودويتشه تسايتونغ» الواسعة الانتشار في ميونيخ: «جاءت هذه المباراة مع إسبانيا لتؤجج نقاشا أطلقه بيرهوف مدير المنتخب حول موضوع «كم بقي من الوقت مع يواكيم لوف؟».
ومباشرة على قناة «إيه آر دي» الناقلة للمباراة، لم يتضامن قائد الوسط السابق باستيان شفاينشتايغر مع مدربه السابق الذي تمتع معه بعلاقة طيبة. ولم يخف رغبته بعودة الثلاثي توماس مولر وجيروم بواتينغ وماتس هوملس الذين استبعدهم لوف بعد خيبة الخروج من الدور الأول في مونديال 2018، وقال: «هذا منتخب ألمانيا، يجب أن يجمع أفضل اللاعبين. للمدرب رأيه، لكن أنا أختلف معه. في مباريات مماثلة تحديدا، افتقدنا للاعبين قادرين على التواصل والضرب على الطاولة».
وطالب لوثار ماتيوس ويورغن كلينزمان ومسعود أوزيل، الذين سبق لهم التتويج بلقب كأس العالم مع المنتخب الألماني، بعودة واحد على الأقل من الثلاثي المستبعد. وقال ماتيوس المتوج مع المنتخب بلقب كأس العالم 1990: «لم أر من قبل مثل هذا الإخفاق التام. ستكون هناك المزيد من النقاشات بشأن هوملس وبواتينغ. أنت بحاجة إلى قادة مثلهما بعد مثل هذه الهزيمة. وعند الحديث عن قيادة الفريق، يجب أن يشمل مولر أيضا». كما قال أوزيل (32 عاما): «حان الوقت لعودة بواتينغ للمنتخب». بينما أشار كلينزمان المتوج مع المنتخب بلقب كأس العالم 1990 والمدير الفني السابق له، بأن افتقاد القيادة على أرض الملعب كان أبرز مشكلة، في الهزيمة أمام الإسبان.
ووصف طوني كروس أكثر لاعبي ألمانيا خبرة في المباراة ما جرى بأنه «مؤلم جدا» وقال: «منافسنا كان أفضل في الدفاع والهجوم والكرات المرتدة. كانت خطتنا هي عدم المغامرة في البدء بشكل سريع وإبقاء نمط المباراة هادئا والسيطرة على وسط الملعب، لكن بعد استقبال الهدف الأول فقدنا التركيز، وفي الشوط الثاني أردنا الهجوم أكثر، ولم ينجح الأمر أيضا».
أما مانويل نوير حارس المرمى وحامل شارة قائد منتخب ألمانيا فقد أفسد المنتخب الإسباني عليه احتفاله كأكثر حراس المرمى خوضا للمباريات الدولية مع بلاده (96 مباراة) وقال عقب اللقاء: «إنها هزيمة محبطة لنا جميعا... إنني جزء من الفريق، خسرنا المباراة سويا، لغة الجسد والتواصل كانا ضعيفين للغاية، كان يجب أن نتحدث سويا بشكل أكبر خاصة بعد الهدف الأول».
ويشعر الشارع الألماني المهتم بكرة القدم بأن عملية إعادة بناء المنتخب التي وعد بها لوف بعد الخروج المخزي من مونديال 2018، لا تشير إلى السير بالاتجاه الصحيح ولا تزال بعيدة عن الاكتمال قبل 8 أشهر من انطلاق كأس أوروبا. واعترف لوف بأن الخسارة 6 - صفر أمام إسبانيا مؤسفه وقال: «إنه يوم كارثي»، لكن المدرب الذي يقضي عامه 14 في المنصب بات شاهدا على خروج فريقه من الدور الأول في بطولة للمرة الثالثة على التوالي.
وبعد الفوز بكأس العالم 2014 خرجت ألمانيا من دور المجموعات بعدها بـ4 سنوات، ثم هبطت من القسم الأول في دوري الأمم بعد عدة أشهر بسبب الفشل في الفوز بأي مباراة، وبقيت في النهاية بعد تغيير في اللوائح. لكن على لوف الاعتراف بأنه أحد أسباب هذا الخروج لأنه هو صاحب القرار في استبعاد أصحاب الخبرة والدفع بلاعبين لا يملكون المقدرة على تطوير أداء المنتخب. وقال لوف: «قلنا قبل المباراة إننا نثق في اللاعبين الموجودين بالتشكيلة وإننا في الطريق الصحيح، لكن رأينا أننا لا نتطور جيدا مثلما اعتقدنا». والأكيد أن المدرب البالغ 60 عاما والذي يتعرض لانتقادات منذ سبتمبر (أيلول) الماضي لن يجد ما يستطيع الدفاع عنه وستكون الأيام القليلة المقبلة حاسمة لمستقبله مع منتخب ألمانيا.
وكانت ألمانيا بحاجة لنقطة التعادل لتضمن تأهلها إلى نصف النهائي، لكن إسبانيا خطفت الأضواء بفضل ثلاثية فيران توريس في الدقائق (33 و55 و71) وألفارو موراتا (17) ورودري (38) ومايكل أويارسابال (89).
في المقابل أبدى لويس إنريكي مدرب إسبانيا سعادة بالغة وأثنى على لاعبيه بشكل كبير بعد الانتصار الساحق والتاريخي على نظيره الألماني وقال: «سعيد للغاية بهذه النتيجة التي حققها اللاعبون... أود أن أقول إن كل لاعب في الفريق ساهم في هذا النجاح، دون أن أسلط الضوء على أحد». وأضاف «الفوز على فريق مثل المنتخب الألماني يتطلب العمل الجماعي من الجميع، المباراة سارت بشكل مثالي. وكل عنصر شارك وحقق مهمته. أعتقد أننا لعبنا بشكل رائع منذ البداية. كانت واحدة من أفضل مباريات المنتخب».
أما الشاب توريس البالغ من العمر 20 عاما والذي أصبح أول لاعب في تاريخ إسبانيا يسجل هاتريك في شباك ألمانيا فقال: «لا أستطيع وصف شعوري بهذا الفوز الكبير. لقد جئنا إلى الملعب وكلنا تصميم على الفوز، لكن ما حققناه لم يخطر ببالنا. إنه شيء مذهل ولا يمكن تصديقه. وأهم شيء أنني احتفظت بكرة المباراة، وستظل في بيتي مدى الحياة».
وفي المجموعة الثالثة تغلبت فرنسا على ضيفتها السويد 4 - 2 في وقت سقطت فيه كرواتيا مجددا أمام البرتغال التي فقدت اللقب 2 - 3.
ورفع المنتخب الفرنسي رصيده إلى 16 نقطة في الصدارة علما بأنه ضمن بلوغه نصف نهائي دوري الأمم بفوزه على البرتغال 1 - صفر في عقر دار الأخيرة في الجولة الماضية.
وأحرز أوليفير جيرو ثنائية ليثبت أهميته مرة أخرى لمنتخب فرنسا. وسجل جيرو هدفين بواقع هدف في كل شوط وبينهما سجل بنجامين بافارد الثاني من تسديدة في الشوط الأول ليعوض المنتخب الفرنسي تأخره بهدف فيكتور كلاسون المبكر. وهبطت السويد، التي قلصت الفارق عبر روبن كوايسون قبل أن يضيف كينغسلي كومان الرابع في الوقت المحتسب بدل الضائع، للقسم الثاني. وتذيلت السويد المجموعة بـ3 نقاط متأخرة عن كرواتيا بفارق الأهداف.