بريطانيا أمام إغلاق تام أو «كارثة»

رسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس (الاثنين)، صورة قاتمة للثمن الذي يمكن أن تدفعه البلاد من ضحايا خلال الموجة الثانية لفيروس «كورونا» المستجد، قائلاً إن هناك خطراً من حصول «كارثة طبية وأخلاقية» إذا لم يتم إغلاق البلد بشكل كامل لوقف انتشار الوباء. وجاء كلامه وسط تحذيرات من أن أعداد الوفيات في فصل الشتاء يمكن أن تصل إلى ضعفي أعدادها خلال الموجة الأولى في الربيع، ما يعني أن الوفيات المتوقعة خلال الشهور المقبلة ربما تصل إلى عشرات الآلاف. ومن المقرر أن تبدأ إنجلترا يوم الخميس إغلاقاً تاماً يستمر شهراً، ويمكن أن يتم تمديده أكثر، فيما لجأت دول كثيرة في القارة العجوز إلى اتخاذ قيود مشددة بدورها، تراوحت بين الإغلاق الكلي أو الجزئي، في محاولة لكبح انتشار الموجة الجديدة للوباء.
وقدم بوريس جونسون، أمس، طلب فرض الإغلاق الكامل لإنجلترا، في كلمة أمام مجلس العموم المفترض به الموافقة على هذه الخطوة كي تصبح سارية، وهو أمر شبه مؤكد بعدما أعلن حزب المعارضة الرئيسي (حزب العمال) تأييده للإغلاق التام، في مواجهة تمرد محدود من داخل حزب المحافظين الحاكم من قبل نواب يريدون إغلاقاً جزئياً فقط. وأبلغ جونسون النواب بأن ليس هناك خيار بديل للإغلاق الشامل للبلاد، بعدما حاول في الأسابيع الماضية اعتماد خيارات أخرى، مثل فرض إغلاق محدود على مدن ومقاطعات يتفشى بها الوباء. وقال إن «كارثة طبية وأخلاقية» يمكن أن تحصل إذا لم يتم اللجوء إلى الإغلاق الكامل بسبب الضغط الكبير على القطاع الصحي من مرضى «كورونا» والمرضى الآخرين الذين تزيد أعدادهم عادة في فصل الشتاء.
ويقول حزب العمال إن الحكومة تأخرت 40 يوماً في فرض الإغلاق التام، علماً بأن هذا الحزب المعارض كان يضغط منذ سبتمبر (أيلول) الماضي على جونسون لتبني هذه الخطوة، لكن رئيس الوزراء دأب على رفضها، مفضلاً فرض إغلاقات جزئية. وسيصوت البرلمان يوم الأربعاء على طلب الحكومة فرض الإغلاق الشامل، علماً بأن اسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية تفرض قيوداً مشددة بدورها لمنع انتشار الوباء.
ويبلغ عدد وفيات «كورونا» في بريطانيا منذ بدء الموجة الأولى في الربيع قرابة 47 ألف وفاة. وأفادت تقارير في الأيام الماضية بأن تقديرات الحكومة لوفيات الموجة الثانية تضع الرقم بحدود 85 ألف ضحية خلال الشتاء.
وفي غضون ذلك، كشفت صحيفة «ذي صن» البريطانية، الاثنين، أن الأمير ويليام، الثاني في ترتيب خلافة العرش البريطاني، أصيب بفيروس «كورونا» في أبريل (نيسان)، وعانى صعوبات تنفسية. وأوضحت الصحيفة الشعبية أن الأمير البالغ الثامنة والثلاثين لم يشأ التحدث عن إصابته بالفيروس لأن «أموراً مهمة كانت تحدث»، ولأنه «لم يكن يريد أن يُقلق أحداً». وعزل ويليام نفسه بمنزله العائلي في أنمر هام بمنطقة نورفولك (شرق إنجلترا)، وفق تعليمات السلطات الصحية الحكومية، لكنه واصل نشاطه عبر الهاتف أو بواسطة تقنية الفيديو.
ولم يشأ قصر كنزينغتون التعليق على ما أوردته «ذي صن»، عندما حاولت وكالة الصحافة الفرنسية الحصول على استفسار. كما لم يُعطَ أي تفسير لعدم إعلان العائلة المالكة عن إصابة الأمير ويليام، خلافاً لما فعلت في 25 مارس (آذار) الفائت، بالنسبة إلى الابن الأكبر للملكة إليزابيث وريث العرش البريطاني الأمير تشارلز. ولم تظهر على أمير ويلز سوى عوارض خفيفة، وقد عزل نفسه 7 أيام في دارته في اسكتلندا مع زوجته كاميلا. لكن «الفيروس ضرب نجله ويليام بشدة»، وفق «ذي صن» التي نقلت عن مصدر طلب عدم كشف اسمه أن الأمير الشاب «كان يعاني في مرحلة معينة صعوبة في التنفس، مما سبب الذعر لجميع المحيطين به».
وفي برلين، حذّرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من «حالة طوارئ حادة» في المستشفيات نظراً إلى تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا، والأشخاص المصابين بأمراض خطيرة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن ميركل قولها أمس، خلال مؤتمر صحافي في برلين عقب اجتماع مع مجلس الوزراء المصغر المختص بإدارة أزمة كورونا: «هذا نمو متضاعف يجعلنا نقترب بسرعة متزايدة من حالة طوارئ حادة في مستشفياتنا». وذكرت ميركل أن الحكومة تراقب الوضع بقلق، مضيفة أنه في درجات الحرارة الباردة، كما هو الحال في الأشهر المقبلة، سيتفاعل الفيروس «بشكل مختلف وأكثر عنفاً».
وفي روما، أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي تطبيق حظر تجول ليلي، ضمن إجراءات جديدة لاحتواء تفشي الفيروس. وقال كونتي في خطاب أمام مجلس النواب إنه سيتم إغلاق المتاحف، وإغلاق المراكز التجارية في عطلات نهاية الأسبوع، وتمديد التعليم عن بعد ليشمل طلاب المدارس الثانوية، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية. ولن يُسمح سوى بوجود أعداد أقل من الركاب في وسائل النقل العامة، فيما سيتم تقييد التنقل من المناطق التي سجلت حالات إصابات مرتفعة وإليها. وأشار كونتي إلى أنه سيتم فرض مزيد من القيود المحلية في المناطق التي بها معدلات إصابة مرتفعة بالفيروس، واصفاً تطور الجائحة في إيطاليا بـ«المقلق للغاية».
وقال كونتي إنه سيجري تقسيم البلاد إلى 3 مناطق، اعتماداً على مستوى خطر التفشي، وحذر من أن وحدات الرعاية المركزة قد تفيض بالمرضى في 15 إلى 20 منطقة إيطالية خلال الشهر المقبل، إذا لم تتخذ خطوات لمواجهة ذلك، قائلاً إن مناطق بعينها واجهت قيوداً أكثر صرامة عن غيرها، بحسب ما أوردته وكالة «رويترز».
وقد أعلنت إيطاليا التي يبلغ تعداد سكانها 60 مليون نسمة تسجيل أكثر من 31 ألف حالة إصابة جديدة خلال 24 ساعة، السبت الماضي، ونحو 300 حالة وفاة. وسجلت إيطاليا، الأحد، قرابة 30 ألف حالة إصابة جديدة، وأكثر من 200 حالة وفاة.
وفي الفاتيكان، أهدى بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، أمس، صلاة يوم ذكرى الأموات «بشكل خاص» لأولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب «كورونا». ودعا البابا على «تويتر» إلى الصلاة «لأولئك الذين ماتوا وحدهم، دون عناق أحبائهم؛ ومن أجل أولئك الذين ضحوا بحياتهم في خدمة المرضى».
وفي لشبونة، أعلن رئيس وزراء البرتغال أنطونيو كوستا، أمس، أن الحكومة البرتغالية قدمت مقترحاً للرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا بإعلان حالة الطوارئ، للمساعدة في «إزالة الشكوك القانونية» حول الإجراءات التي تم تبنيها لمواجهة «كورونا». ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن كوستا القول للصحافيين إن المقترح بصورة أساسية «وقائي»، وهدفه إزالة أي شكوك حول احتمال فرض الحكومة لقيود على الحركة في أوقات معينة بمناطق مختلفة.
ويشار إلى أن الرئيس هو من يعلن حالة الطوارئ، ويتعين أن تحصل على موافقة البرلمان. وكانت البرتغال قد سجلت الجمعة الماضية أعداداً قياسية في الإصابات اليومية بفيروس كورونا، لليوم الثالث على التوالي. وفرضت الحكومة بالفعل قيوداً على التنقل بين البلديات حتى اليوم (الثلاثاء)، كما أعلنت عن قيود أخرى في بعض المناطق، يتم تطبيقها ابتداء من غد (الأربعاء).
وفي بروكسل، أعلنت بلجيكا أمس بدء تطبيق إجراءات جديدة لاحتواء التفشي السريع لفيروس «كورونا». ومن المقرر أن تغلق جميع المحال التي لا تبيع البضائع الضرورية، رغم أنها ستستمر في توصيل الطلبات للمنازل. ويمكن للمتاجر الاستمرار في عملها، ولكن غير متاح لها تقديم بضائع غير ضرورية. وقد أغلقت المطاعم والحانات والمقاهي منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجرى فرض قيود على الخروج في الليل.
وفيما يتعلق بالاختلاط، يمكن للمواطنين التواصل مع شخص واحد فقط خارج منزلهم. والذين يعيشون بمفردهم يمكنهم التواصل مع شخصين. ومن المقرر أن تبقى هذه الإجراءات حتى 13 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وفي زوريخ، أظهرت بيانات السلطات الصحية في سويسرا أمس أن حالات الإصابة بفيروس «كورونا»
زادت 21926 منذ صباح الجمعة، وذلك بعد أن شددت الحكومة الأسبوع الماضي الإجراءات بهدف إبطاء معدل تسارع انتشار «كوفيد-19»، بحسب وكالة «رويترز».
وارتفع إجمالي الحالات المؤكدة في سويسرا وإمارة ليشتنشتاين الصغيرة المجاورة إلى 176177 إصابة، في حين بلغت حصيلة الوفيات 2130، بعد زيادة 93 وفاة. وزاد إجمالي الحالات التي تخضع للعلاج في المستشفيات بنحو 500 حالة، مما أدى إلى استمرار الضغط على شبكة الرعاية الصحية المركزة في البلاد.
وفي فرنسا، قال رئيس الوزراء جان كاستيكس إنه سيمنع متاجر التسوق من بيع منتجات «غير أساسية»، بدءاً من الثلاثاء، لحماية أصحاب المتاجر الصغيرة الذين أجبروا على إغلاق أبواب محلاتهم.
وفرضت إسبانيا بدورها حظر تجول ليلياً، بينما طبّقت جميع مناطقها تقريباً إغلاقاً للحدود الإقليمية لمنع التنقل لمسافات بعيدة.