حكيم زياش: الانتقام من توتنهام ليس ضمن حساباتي

سجل النجم المغربي حكيم زياش الهدف الذي جعل نادي أياكس متقدماً بثلاثية نظيفة على توتنهام في مجموع مباراتي الذهاب والعودة، وبدا أن النادي الهولندي قد وضع قدماً في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا عام 2019. وبعد أكثر من ساعة بقليل، كان زياش يندب حظه ويعض أصابع الندم ويستشيط غضباً بعد خروج أياكس من البطولة بطريقة غريبة للغاية. وبعد 18 شهراً، ما زال النجم المغربي يشعر بالألم على ما حدث.
يقول زياش عن عودة توتنهام في النتيجة والتأهل لنهائي البطولة بعدما أحرز النجم البرازيلي لوكاس مورا ثلاثة أهداف تاريخية في تلك المباراة: «لقد سرق الحلم الذي كنت أسعى لتحقيقه منذ أن كنت طفلاً. لقد كان الأمر صعباً ومؤلماً للغاية. ما حدث في ذلك الوقت كان ضرباً من ضروب الجنون، وكان من الصعب على العقل استيعابه. لا يحصل المرء على ما يستحقه دائماً، وكان يتعين علينا أن نستخلص الدروس والعبر مما حدث، وقد فعلت ذلك بالفعل. وأنا أدرك الآن تماماً أن المباراة لا تنتهي إلا بإطلاق الحكم لصافرة النهاية».
والآن، أصبح زياش لاعباً في صفوف تشيلسي، ويشعر المرء بأنه قد مر وقت طويل للغاية منذ أن تم الإعلان في فبراير (شباط) الماضي عن تعاقد تشيلسي مع زياش كأول لاعب يضمه النادي في عهد المدير الفني الإنجليزي الشاب فرانك لامبارد. وقد تأخر ظهور زياش مع «البلوز» في بداية الموسم بسبب تعرضه لإصابة في الركبة، ولم يظهر مع الفريق إلا هذا الأسبوع عندما شارك كبديل أمام ساوثهامبتون وإشبيلية.
يقول النجم المغربي: «لم أستطع العودة مبكراً، لكن يتعين علينا أن نفكر بشكل واقعي وأن نعلم أن الموسم لا يزال طويلاً، ولا يزال هناك الكثير من المباريات. أنا أتطلع فقط إلى الأمام، وأشعر بالهدوء وأبذل قصارى جهدي وألعب بطريقتي المعتادة». ويجيد زياش اللعب في مركز صانع الألعاب، ويمتلك قدماً يسرى استثنائية، ويمكنه صناعة الأهداف ببراعة، كما يمكنه تسجيل الكثير من الأهداف؛ ويمتلك موهبة كبيرة في المراوغات والاستحواذ على الكرة. ويبلغ زياش من العمر 27 عاماً، وبالتالي كان من الغريب أن يستمر لاعب بهذه الفنيات الهائلة في الملاعب الهولندية طوال هذه المدة الطويلة.
وقبل العامين الماضيين، كان هناك العديد من علامات الاستفهام حول زياش، رغم جميع أرقامه المثيرة للإعجاب، حيث دخل اللاعب المغربي في مشاحنات لفظية مع المديرين الفنيين، وأحياناً مع الجماهير، وكان عرضة للانحراف عن المسار الصحيح، وفي وقت ما قرر مسؤولو نادي تفينتي سحب شارة القيادة منه بسبب المشاكل التي يقوم بها. وقال زياش ذات مرة إن ماركو فان باستن، مدربه السابق في نادي هيرينفين وأحد أبرز خريجي أكاديمية أياكس للناشئين عبر التاريخ، كان «اسماً كبيراً كلاعب، لكنه ليس مدرباً كبيراً». ولم يعتذر زياش عن هذه التصريحات، وبالتالي فإن صراحته الفجة في بعض الأحيان تعد جزءاً لا يتجزأ من شخصيته. وبالتالي، هناك شعور بأن شخصية زياش قد أعاقت مسيرته كلاعب إلى حد كبير.
يقول النجم المغربي عن انتقاده لفان باستن، الذي وصفه فيما بعد بأنه «غبي»، لأنه فضل اللعب لمنتخب المغرب بدلا من هولندا: «كانت هذه هي الطريقة التي كنت أنظر بها للأمور آنذاك. أنا لا أخشى أن أكشف عن وجهة نظري ورأيي؛ وأتحدث دائماً من قلبي وأكشف عما أشعر به. يمكنهم التعامل مع تصريحاتي بالطريقة التي تروق لهم، لكنني في نهاية المطاف أؤمن تماماً بقوة ما أقول». ويضيف: «أنا لا أشعر بأي انزعاج بسبب الطريقة التي يفكر بها الآخرون والأندية الأخرى. وفي نهاية المطاف، فإن معظم الأندية تقرر شراء اللاعب أم لا بناء على الأداء الذي يقدمه داخل المستطيل الأخضر. وعلاوة على ذلك، لم أكن أرغب في التسرع والانتقال إلى أي نادٍ آخر في سن مبكرة. لقد استغرقت بعض الوقت من أجل التطور والتحسن والتعلم والنمو كشخص».
وخلال نشأته في ظروف صعبة في درونتين، على بُعد 40 ميلاً شمال شرقي العاصمة الهولندية أمستردام، استطاع زياش من تنمية وتطوير موهبته الطبيعية، وكان يعود إلى المنزل بعد المدرسة مع والدته وثمانية من أشقائه الأكبر منه سناً. وكان والده قد توفي وهو في العاشرة من عمره. وخاض زياش أولى معاركه الكروية في شوارع هولندا. يقول زياش: «كل الأشياء التي حدثت لي عندما كنت صغيرا، وكل هذه الأشياء التي رأيتها عندما كنت ألعب في الشوارع، جعلتني شخصا أقوى بالطبع. يعني ذلك أنني عندما أكبر يمكنني اللعب بهذه القوة أيضاً، لأنني عندما كنت صغيراً وألعب في الشوارع كنت ألعب دائماً ضد من هم أكبر مني سناً. ورغم أنني كنت أفضل منهم من ناحية المهارات، فإنهم كانوا يركلونني، وهذه الأشياء أيضاً جعلتني لاعبا أقوى. مثل هذه الأشياء تساعد المرء على التطور والنمو، وهذه العقلية تساعد الشخص دائماً». ويتعين على زياش أن يقاتل بشراسة من أجل حجز مكان له في التشكيلة الأساسية لتشيلسي، الذي كان التوازن الدفاعي بالنسبة له يمثل مشكلة أكبر بكثير من النواحي الهجومية. ويقول زياش إنه يرى نفسه كصانع ألعاب، لكنه سيكون سعيداً أيضاً لو شارك في مركز الجناح، كما كان يفعل في أياكس. ومن المؤكد أن أي تشكيلة تضم زياش، وتيمو فيرنر، وكريستيان بوليسيتش، وكاي هافرتز ستكون قوية للغاية وستسبب مشاكل هائلة للمنافسين. ويعتقد زياش أن تشيلسي في طريقه إلى تكوين فريق قوي للغاية قادر على تعويضه عن إخفاقه مع أياكس للوصول إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا.
يقول زياش: «إننا فريق قوي الآن بالفعل، ونسير في الطريق الصحيح. في البداية عندما جئت إلى أياكس كنا نمر بفترات صعبة وكانت الأمور متقلبة وغير مستقرة، لكن كل شيء تحسن بمرور الوقت، لأن الأمر يتعلق بعملية بناء لا تحقق نتائج فورية بين عشية وضحاها. لذا، يتعين علينا فقط أن نتحلى بالصبر، وسوف ينجح كل شيء في نهاية المطاف».
ويرغب زياش في شراكة هجومية قوية مع الجناح كريستيان بوليسيك والثنائي المنضم حديثا تيم فيرنر وكاي هافرتس لكنه أقر بحاجته لمزيد من الوقت للتأقلم على سرعة اللعب. وأضاف: «كاي وتيمو موهبتان رائعتان وأثبتا بالفعل قدراتهما في السابق. لعب كريستيان هنا أكثر منا وتعرفون جميعا قدراته. إنه جناح لا يشق له غبار». وتابع: «الإصابة جاءت في وقت غير مناسب وهدفي الآن استعادة إيقاعي وطريقتي بالكامل». والآن وبعد أن انتقل زياش للعب في إنجلترا، هل سيشعر النجم المغربي بالرضا في حال الانتقام من الفريق الذي دمر أحلام طفولته - توتنهام - بعد أن أقصى أياكس من الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا؟ يقول زياش مبتسما: «حتى في هولندا كانوا يقولون لي إنه يمكنني الآن الانتقام من نادي توتنهام. لكنني كلاعب أسعى للفوز على أي فريق؛ توتنهام أو غيره».