ما فعله أغويرو مع سيان ماسي ـ إليس لم يكن جيداً... فقط اسألوا أي امرأة

بعد أن عبّر المهاجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو عن إحباطه من مساعدة الحكم سيان ماسي - إليس لعدم منحه رمية تماس في الدقيقة 41 من المباراة التي انتهت بفوز مانشستر سيتي على آرسنال بهدف دون رد في الجولة الماضية من الدوري الإنجليزي، سارت ماسي - إليس في طريقها، لكن أغويرو بعد ذلك مد يده ووضعها حول رقبة مساعدة الحكم البالغة من العمر 35 عاماً. وهنا، نظرت ماسي - إليس بحدة وأبعدت يده عنها.
لقد انتهى هذا الموقف في لحظة بسيطة، لكن وسائل التواصل الاجتماعي فجرت الأمور بعد انتهاء المباراة، حيث انتشرت مقاطع فيديو لهذه اللقطة على نطاق واسع للغاية. وكنت أنا شخصياً واحدة من أولئك الذين كانوا يشاهدون المباراة، وشعرت بالاستياء لرؤية هذا المشهد، ونشرت تغريدة على موقع «تويتر» قلت فيها: «إنه تصرف مشين وغير احترافي ومتسلط». وفي غضون 24 ساعة فقط، حصل منشوري على 8800 إعجاب، و236 تعليقاً، كما تم إعادة نشر التغريدة 716 مرة.
لقد شعر الكثير من الرجال بالحاجة إلى الرد بنشر صورة للاعبي كرة القدم المشهورين وهم يضعون أيديهم على الحكام الذكور، فنشر بعضهم صورة للنجم الفرنسي بول بوغبا، وهو يضع يده على رأس حكم أصلع؛ وصورة أخرى لنجم برشلونة ليونيل ميسي وهو يضع يده على كتف أحد الحكام؛ وصورة ثالثة للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وهو يتحدى الحكم ويضع أنفه في أنفه؛ وصورة لأغويرو نفسه وهو يشير بإصبعه إلى صدر حكم إحدى المباريات. بل ووصل الأمر إلى أن البعض زعموا أن مجرد الإشارة إلى عدم ملاءمة ما حدث مع ماسي - إليس يعد في واقع الأمر تحيزاً ضد المرأة. وجاءت أبرز ردود الأفعال تؤكد على أن أغويرو لم يفعل شيئاً سوى أن لمس كتفها ولم يتحرش بها حتى يتم تضخيم الأمور إلى هذا الحد.
وفي الحقيقة، فإن مثل هذه الردود هي السبب في أنه ليس من المقبول تجاهل مثل هذه المواقف دون تعليق. أولاً، لا يجب أن يلمس أي لاعب حكام المباريات. ويجب أن نشير إلى أنه بحلول يوليو (تموز) 2016. أصبحت هذه المشكلة شائعة جداً، للدرجة التي جعلت مسؤولي رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، ورابطة الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم يجتمعون ويقررون وضع قانون ينص على إشهار بطاقة صفراء في وجه اللاعب في حال قيامه بـ«الاتصال الجسدي بأي حكم من حكام المباراة بطريقة غير عدوانية (على سبيل المثال، أي فعل لجذب انتباه المسؤول)»، بينما يجب إشهار البطاقة الحمراء في وجه اللاعب في حال قيامه بالاتصال الجسدي «بطريقة عدوانية أو تصادمية».
لكن هذا القانون لم يقضِ على الاتصال الجسدي، لكنه أعطى سلطات مهمة لحكام المباريات. وبالتالي، فإن عدم اتخاذ أي إجراء فوري ضد أغويرو يؤكد أن ماسي - إليس لم تشر إلى هذه الواقعة في تقرير المباراة. لكن هذا لا يعني أن ما حدث لم يكن مناسباً على أي حال. ومرة أخرى، وجدت ماسي - إليس نفسها في قلب عاصفة من التحيز على أساس الجنس لم تكن من صنعها هي. وبالنسبة للعديد من النساء العاملات في مجال كرة القدم، فمن المحتمل أن تؤدي هذه الضجة إلى توقف مسيرتهن المهنية، وفي أسوأ الأحوال إلى نهاية مسيرتهن.
وقالت جاني فرامبتون، وهي حكمة سابقة: «كنت أنا وويندي تومز أول امرأتين تعملان في مجال تحكيم مباريات كرة القدم للرجال في التسعينيات من القرن الماضي. وقلنا عدة مرات منذ ذلك الحين أنه ربما كان لدينا مستوى مرتفع جداً من التسامح في ذلك الوقت، لأننا كنا نريد فقط أن نلائم العمل في هذا المجال الجديد بالنسبة لنا. والآن، وبعد مرور 30 عاماً ما زلنا نواجه نفس المشكلات. لقد تم معاملتي أنا وويندي وكأننا في سيرك - لا أريد أن يظل هذا هو الحال الآن».
وبعدما نشرت التغريدة التي أشرت إليها سابقاً، تلقيت رسالة من حكمة في مباريات للهواة تشكرني على تعليقي على القضية التي يواجهونها «على أساس أسبوعي»، لكنهن يشعرن بأنهن «سيتعرضن للسخرية» إذا تحدثن عن ذلك.
في الحقيقة، لقد سئمت السيدات من لمسها بشكل غير لائق. إن رؤية أغويرو وهو يشد ماسي - إليس من الخلف ويضع يده بقوة حول رقبتها، ورؤيتها وهي تنظر إليه بحدة وهي تبتعد وترى يده تنزلق على ظهرها أثناء رحيله، كان لها صدى كبير في تجربتنا الجماعية كنساء. قد يقول الكثيرون إنه لم يكن مؤذياً أو عدوانياً أو شرساً، بل وقد يزعم البعض أن هذا الفعل من جانب أغويرو قد أدى إلى تهدئة الموقف، لكن الحقيقة أن ما حدث لم يكن جيداً، لأنه من غير المقبول أن تلمس امرأة بهذا الشكل في مكان عملها، ومن غير المقبول أن تلمس امرأة بهذه الطريقة في نادٍ، ومن غير المقبول أن تلمس امرأة بهذا الشكل في حانة، ومن غير المقبول أن تلمس امرأة بهذا الشكل في ملعب كرة قدم!
في الحقيقة، سيكون من الصعب العثور على امرأة لم تضطر إلى عبور الطريق للتأكد من أن شخصاً لا يسير وراءها، ولم يتم لمسها بشكل غير لائق في وقت من الأوقات، ولم تمش في الشارع وهي تمسك بمفاتيحها كسلاح للطوارئ للدفاع عن نفسها، ولم تضطر لإيقاف الموسيقى ليلاً لتجنب سماع تعليقات سخيفة، ولم تتعرض للمس على كتفها من شخص ما وتشعر بالخوف. هذا هو واقع المرأة في كل مكان وهذا هو السياق الطبيعي. ورغم كل ذلك، لم يعلق أغويرو على الحادث، وما زاد الأمر سوءاً أن مديره الفني في مانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، خرج ليدافع عنه، قائلاً: «سيرجيو هو ألطف شخص قابلته في حياتي. يمكننا أن ننظر إلى المشاكل في المواقف الأخرى، لكن ليس في هذه الحالة». لكن غوارديولا يجب أن يعلم أن الرجال الطيبين أيضاً قادرون على فعل أشياء سيئة!
صحيح أن اللاعبين يلمسون الحكام الذكور أثناء المباريات، لكن هناك سياقاً اجتماعياً وثقافياً يحكم ما قام به أغويرو تجاه ماسي - إليس، رغم أن لجنة الحكام لا ترى أن تصرفات أغويرو كانت عدوانية أو تحمل تهديداً، وبالتالي لا يستحق العقاب بأثر رجعي، وهو الأمر الذي سيجعلنا نرى مثل هذا المشهد مرة أخرى في ملاعب كرة القدم خلال الفترة المقبلة!