علماء «كاوست» يطورون برنامجاً لتحسين استغلال الطاقة الشمسية

يمكن للخلايا الشمسية العضوية، عما قريب، أن تنافس التقنيات الكهروضوئية التقليدية المعتمدة على السيليكون، في كفاءة تحويل الطاقة. وقد سعى الباحثون في جميع أنحاء العالم منذ فترة لابتكار مواد جديدة غير معتمدة على السيليكون لإنتاج طاقة المستقبل من ضوء الشمس، بحيث تكون تلك المواد ذات كفاءة عالية في تحويل الطاقة الضوئية إلى كهرباء، كما تكون أقل تكلفة وأخف وزناً.
وفي هذا الإطار، تمكَّن فريق من مركز الطاقة الشمسية، التابع لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، من تطوير برنامج حوسبي يوفر مجموعة من الإرشادات والقواعد المفيدة، للمساعدة على تصميم وتطوير أنظمة خلايا شمسية عضوية تحقق أفضل استغلال لضوء الشمس.
وجدير بالذكر أن أغلب الألواح الشمسية المعروفة حالياً تعتمد في صناعتها على مواد غير عضوية من أشباه الموصلات، تعمل على تجميع ضوء الشمس، وتحويله إلى طاقة كهربائية، غير أن بعض المواد الكهروضوئية العضوية ظهرت أخيراً كبدائل خفيفة الوزن، وغير باهظة التكلفة؛ حيث تتميز بسهولة ضبطها ومعالجتها على نطاقات كبيرة، وهو ما يجعلها أكثر جاذبية، نظراً لإمكانية إنتاجها على نطاق صناعي، وطرحها للتداول على مستوى تجاري.
وتعتمد الخلايا الشمسية العضوية الحديثة على الوصلات المتغايرة الكبيرة التي تجمع بين مانح إلكترون حساس للضوء، ومواد متلقية، من أجل تشكيل طبقة نشطة؛ بحيث يؤدي التعرض لضوء الشمس إلى إحداث حالة استثارة، تولد أزواجاً من الإلكترونات والفجوات ذات الشحنة الموجبة، وهي المسؤولة عن توليد التيار الكهربائي، ويجب أن تبقى حاملات الشحنة بعيدة بعضها عن بعض، وهو الأمر الذي يعتمد على المواد المانحة والمتلقية للإلكترونات.
وعلى مدار ما يقرب من عقدين، ساعدت المواد المتلقية، المعتمدة على «الفوليرين»، وهو عبارة عن جزيئات تتكون بالكامل من ذرات الكربون، في توفير خلايا شمسية عضوية، تتميز بكفاءة لا مثيل لها في تحويل الطاقة، إلا أن هذه المواد ظهرت لها عيوب عديدة، مثل انخفاض الجهد الكهربائي العالي، وضعف امتصاص الطيف الشمسي، وهو ما يقيد كفاءتها عند نسبة 11 في المائة فقط. وفي الوقت نفسه تمكنت بدائل أخرى لا تعتمد على «الفوليرين»، من التفوق على جميع الخلايا الحالية المعتمدة على تلك الجزيئات، إلا أن عدم فهم طبيعة العناصر التي تتحكم في كفاءة تحويل الطاقة لهذه الخلايا، كان حائلاً دون تحسين أداء الخلية.
وداخل مختبرات «كاوست»، لجأ البروفسور توماس أنثوبولوس، أستاذ الهندسة وعلوم المواد وزملاؤه إلى استخدام عمليات محاكاة حاسوبية، لتقييم تأثير عدة عوامل رئيسية، من بينها درجة امتصاص الطبقة النشطة وسمكها، وحركة حاملات الشحنة، ومعدل إعادة اتحاد الشحنة، على أداء الخلايا الشمسية العضوية غير المعتمدة على «الفوليرين».
ووجد الباحثون أن هذه الخلايا يمكن أن تحقق معدلات كفاءة تتجاوز 18 في المائة، حتى مع حركة الشحنة التي يمكن تحقيقها بسهولة في أنظمة المواد المتوفرة حالياً؛ بل يمكن أن تتجاوز الكفاءة 20 في المائة مع حركية عالية ومتوازنة للإلكترونات والفجوات، تكون مرتبطة بثوابت منخفضة لمعدل إعادة اتحاد الشحنة.
ويوضح الدكتور يوليار فيرداوس، زميل دراسات ما بعد الدكتوراه في «كاوست»، أن عمليات المحاكاة تعالج بوضوح تأثير هذه العوامل، لذا فإن الحد المحسوب لكفاءة الخلايا مشابه للكفاءة التي يمكن أن تحققها عملياً الخلايا غير المعتمدة على «الفوليرين»، مع التحسين المستمر للمواد.
ويقول فيرداوس: «إنني على يقين من أن الخلايا غير المعتمدة على (الفوليرين) ستحقق قريباً تلك الحدود المحسوبة للكفاءة»، وأوضح أن الفريق البحثي يعمل حالياً على جبهات مختلفة، مثل تطوير «طبقات بينية» جديدة و«صيغ إشابة»، مع الحفاظ على الهدف الرئيسي، وهو زيادة كفاءة الخلايا الشمسية العضوية، لتقترب أكثر من الحدود العملية المحددة في الدراسة.