إسرائيل تطرد مراقبي حقوق الإنسان من المناطق الفلسطينية وتسحب إقاماتهم

أقدمت وزارة الخارجية الإسرائيلية على وقف منح تصاريح إقامة لممثلي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذين يراقبون الممارسات إزاء السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلين. وقد اضطر تسعة منهم إلى المغادرة، وبقي ثلاثة منهم يتوقعون أيضا سحب تصاريحهم، التي تنتهي مدتها في نهاية الشهر الجاري.
ومن بين من غادروا القدس مدير مكتب المجلس، جيمس هينان. وحسب مصادر في الخارجية، يتضح أن هذا الإجراء تم في إطار الانتقام من المجلس بسبب قراره في فبراير شباط الماضي وضع «قائمة سوداء»، تضم أسماء شركات تمارس أنشطة تجارية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان المحتلة، تعتبر أنشطة مخالفة للقانون الدولي. وتشمل القائمة 112 شركة، 94 منها إسرائيلية و18 شركة من ست دول أخرى، تعمل بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء أو بطرق التفافية في المستوطنات الإسرائيلية.
ومن بين الشركات المدرجة بـ«القائمة السوداء» جميع البنوك الإسرائيلية، وشركات الهواتف المحمولة والاتصالات، وشركة «بوكينج كوم» الهولندية، الخاصة بحجز الغرف والفنادق عبر الإنترنت، والشركات الأميركية الناشطة في مجال السياحة: «تريب أدفايزر»، و«إير بي إن بي»، و«إكسبيديا».
وقالت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشال باشليه، تعقيبا على القرار: «نحن ندرك أن هذا الموضوع معقد وكان ولا يزال موضع جدل. ولكننا تصرفنا وفق قرار مجلس حقوق الإنسان من العام 2016، الذي استندنا فيه إلى وقائع تدل على أن هذه الشركات تخرق القانون الدولي، واستندنا فيه إلى القرار الصادر عن المحكمة العليا الأوروبية، في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، والقاضي بإلزام جميع دول الاتحاد الأوروبي بوسم منتجات المستوطنات»...
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد قررت في حينه مقاطعة المجلس وتقييد نشاطاته. وفي شهر يونيو حزيران الماضي، باشرت الخارجية الامتناع عن تجديد تأشيرات إقامة للمسؤولين الأمميين. وعللت ذلك بأنه تنفيذا للقانون الإسرائيلي الذي يعاقب كل من يقاطع إسرائيل أو يتخذ قرارات تساعد على مقاطعتها. واعتبرت الخارجية قرار وضع «القائمة السوداء» دعوة لمعاقبة الشركات على تعاملها مع إسرائيل. وادعت أن هذا التعامل ينطوي على التمييز العنصري ضد المستوطنين». ونفت باشليه هذا الادعاء وقالت: «هذه القائمة لا تشكل وليس في نيتها أن تشكل عملية قضائية أو شبه قضائية، لذلك فإن المخاوف الإسرائيلية من استخدامها وسيلة للمقاطعة، هو بلا أساس». وأوضحت بأن جمع البيانات عن الشركات لم تتم بسهولة بل اشتملت على مناقشات واسعة مع دول ومؤسسات فكرية وأكاديميين والشركات المعنية. ومن بين 300 شركة تمت مناقشة أنشطتها في المستوطنات، وضعت 112 شركة فقط في القائمة السوداء. ووعدت بأن «الشركات الواردة في القائمة لن تبقى عليها إلى الأبد بالضرورة. وعندما تتوفر أسباب منطقية تدعو للاعتقاد بأن الشركة توقف أو لا تشارك في نشاط من هذا النوع، فيمكن شطبها من القائمة».
يذكر أن وزير الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية، د. رياض المالكي، رحب في حينه بإصدار القائمة، بأنه «انتصار للقانون الدولي وللجهد الدبلوماسي، من أجل العمل على تجفيف منابع المنظومة الاستعمارية والمتمثلة بالاستيطان غير الشرعي في الأرض الفلسطينية المحتلة». وبالمقابل، أدانت الخارجية الإسرائيلية، القرار واعتبرته «استسلاما فاضحا لضغوط البلدان والمنظمات التي تريد إلحاق الأذى بإسرائيل، رغم أن معظم دول العالم رفضت الانضمام إلى حملة الضغط السياسي هذه».