حان الوقت لتوفير مرشدين مخلصين يثق بهم لاعبو كرة القدم السود

أغمض عينيك، وتخيل أنك تنشأ في فقر مدقع، ولا تحصل على كثير من الفرص. وحتى عندما تكون عيناك مفتوحتين، فإنه من الصعب عليك أن تفهم هل عشت هذه التجربة بنفسك أم أنك لم تمر بها من الأساس!
لقد نشأت في جنوب العاصمة البريطانية لندن، وكنت أريد دائماً أن أكون لاعب كرة قدم. لكن ربما كنت أفكر بهذه الطريقة لأنني أعلم أن كرة القدم والموسيقى هما المقياس الوحيد للثروة والنجاح في مجتمعنا، لأنه من المستحيل أن ترى شخصاً أسود البشرة على شاشة التلفزيون بعيداً عن هاتين المهنتين! وهناك مشكلة كبيرة تتمثل في عدم وجود نماذج يحتذى بها الشباب في المجتمع المحلي، أو في المجتمع الأوسع نطاقاً، يمكنها أن ترشدك وتعلمك الأساسيات عندما تكون صبياً أو فتاة في سن صغيرة.
لقد كنت محظوظاً للغاية لأنني أصبحت لاعباً محترفاً في صفوف كريستال بالاس، قبل الانتقال إلى لينكولن. لكن ماذا يحدث لـ99 في المائة من اللاعبين الذين تستغني عنهم أكاديميات الناشئين، ويبتعدون عن اللعبة في نهاية المطاف، من دون أن تكون لديهم خطة بديلة بشأن المسار الوظيفي الذي سيعملون به بعد الابتعاد عن كرة القدم؟ في الحقيقة، لن يجد هؤلاء الشباب سوى الشوارع ترحب بهم، إذا لم يكن لديهم أي بديل، ويبحثون عن طريقة سريعة لكسب المال.
وخلال العام الماضي، قُتل شقيق أحد أصدقائي في الشارع، وهذا شيء لا يمكنك الهروب منه أبداً، إذا كنت تنتمي لهذه الخلفية العرقية. وحتى إذا انتهى بك المطاف باللعب في أحد أكبر الأندية في العالم، فمن الممكن في أي وقت أن تتلقى مكالمة هاتفية تنقل لك أخباراً سيئة عن أحد أقاربك أو أصدقائك!
إنني لن أنسى أبداً أن أحد زملائي في الفريق جاء إلى التدريبات في أحد الأيام ليخبر المدير الفني بأن بعض الأشخاص أطلقوا النار على منزله في الليلة السابقة، ليقال له إنه يتعين عليه فقط العودة إلى منزله ونسيان ما حدث، من دون أن يحصل على أي شكل من أشكال الدعم! والآن، يقضي هذا اللاعب عقوبة السجن لمدة 15 عاماً، وهو ما يظهر لنا كيف يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة فائقة!
وفي عام 2014، أدنت أنا ومايكل بواتينغ بالتآمر للتلاعب بنتائج المباريات، وصدر حكم بحرماننا من ممارسة كرة القدم مدى الحياة. وقضيت أيضاً 4 أشهر في السجن، ضمن حكم بالسجن لمدة 16 شهراً. وأقر بأني ارتكبت بعض الأخطاء، لكن المحاكم لم تجد أي دليل على التلاعب في نتائج المباريات! ومنذ أن خرجت من السجن، وأنا أدير ورش عمل، بالتعاون مع رابطة اللاعبين المحترفين والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، كجزء من برنامج النزاهة التابع للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، الذي يعد إلزامياً لأكاديميات الناشئين بالدوري الإنجليزي الممتاز. ومن المعروف أن جميع العاملين في أقسام النزاهة والتعليم بالدوري الإنجليزي الممتاز هم من البيض، كما هو الحال مع غالبية الموظفين. لكن كم عدد القادرين على دخول الأندية وإحداث التأثير نفسه الذي يمكنني أن أحدثه؟ إن اللاعبين الشباب يستمعون لي فقط لأنهم يرتبطون بما مررت به في حياتي.
وينطبق الأمر نفسه أيضاً على ما يحدث في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة اللاعبين المحترفين: كم عدد الأشخاص السود والآسيويين وغيرهم من الأقليات الأخرى الذين يعملون في أقسام النزاهة والاندماج في المجتمع؟ في الحقيقة، لكي نفهم التنوع، ونساعد على انتشاره بشكل أفضل، يجب دمج الأقليات في كل قطاعات المجتمع. وإذا كانت كرة القدم لديها قوة فريدة لإحداث التغيير، وتحسين جودة الحياة، فلماذا لا يتغير شيء في غرف الاجتماعات؟ وعلاوة على ذلك، دائماً ما ينظر إلى اللاعبين السود على أنهم مجرد لاعبين أقوياء يمكنهم الركض بسرعة، وأعتقد أن ذلك يعود إلى المجتمع، كما يعود إلى نقص تمثيل السود في المستويات الأعلى من اللعبة.
ومن المؤكد أن وسائل الإعلام تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، حيث إن الصحف والمواقع الإلكترونية تساهم في انتشار هذا التصور السيئ تجاه السود والأقليات العرقية. وقد رأيت بنفسي كثيراً من هذه الحالات في كثير من الصحف والمواقع خلال السنوات القليلة الماضية. وبالنظر إلى عدد الأشخاص الذين يقرأون ما تكتبه بعض من أكبر الصحف في البلاد كل يوم، فلم يكن من الغريب أن يشعر كثيرون بقدرتهم على التعبير عن آرائهم العنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى خلال المباريات.
ويجب أن نعرف أن ما أكتبه هنا ليس صرخة من أجل التعاطف بأي حال من الأحوال، لكنه سرد للحقيقة القاسية التي رأيتها بعيني وأنا أكبر في هذه البيئة التي لا نعرف سواها.
لكن كيف يمكن للمجتمع وكرة القدم فهم ما يعانيه اللاعبون السود من عنصرية وتمييز إذا كان هناك عدم تواصلٍ كافٍ مع أولئك الذين يمكنهم إحداث تغيير حقيقي؟ لقد تطلب الأمر حدوث مأساة عالمية كبرى لكي يدرك المجتمع أخيراً القضايا المتعلقة بالعرق والمساواة، مع العلم بأن لاعبي كرة القدم يلعبون دوراً رائداً في هذا الأمر. ونأمل الآن أن يبدأ المسؤولون في الدولة في ملاحظة ذلك أيضاً، ويلعبوا دوراً أكبر في مواجهة العنصرية!