مخاوف جزائرية من موجة جديدة بعد إعادة فتح المدارس

حذر محمد يوسفي، أشهر الأطباء المتابعين لتطور وباء «كورونا» في الجزائر، من «تراخٍ» محتمل في تدابير الوقاية من الفيروس والتقيد بها، في سياق تراجع معدلات الإصابة. وتبدي الحكومة مخاوف كبيرة من ارتفاع الإصابات بعد فتح المدارس من جديد، والمقرر في 4 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال يوسفي، رئيس قسم «كوفيد- 19» بمستشفى «بوفاريك» جنوبي العاصمة، وهي منطقة عرفت بكونها بؤرة للوباء في بدايته، إن انخفاض الإصابات بالفيروس في المدة الأخيرة (معدل 15 إصابة يومياً بعدما وصل إلى 700 يومياً منذ شهرين) «لا يعني أبداً أننا في طريق التخلص من الوباء، فالوضع عند الجيران كان متحكماً فيه في وقت مضى، ويشهد حالياً انفجاراً في عدد الإصابات»، في إشارة إلى الحالة الوبائية في تونس المجاورة.
وأبدت «جمعية آباء تلاميذ المدارس»، من جهتها، خوفاً من نتائج قرار العودة إلى المدارس، في حال عدم احترام إجراءات الوقاية بصرامة. وقال أعضاء في الجمعية، في تصريحات لوسائل الإعلام، إن قرار عدم تجاوز 20 تلميذاً بالقسم الواحد، في الأطوار التعليمية الابتدائية والمتوسطة والثانوية (بدل 35 و40 طالباً)، وذلك توخياً للتباعد الجسدي: «أمر جيد»؛ لكنهم قالوا إنهم يشككون في قدرة الأساتذة والمعلمين على تقديم الدروس في شكل يحترم الشروط البيداغوجية والعلمية.
وأكدت مديرة «ثانوية بن شعبان»؛ وهي بلدة قرب بوفاريك، في حديث مع «الشرق الأوسط» بخصوص بدء العام الدراسي، أنها تتوقع بقاء مخلفات أزمة «كورونا» لمدة لا تقل عن خمس سنوات. وأشارت إلى العشرات من تلاميذ التعليم المتوسط الذين سيتدفقون على مؤسستها، بعد أن تمت الموافقة على التحاقهم بها بمعدل منخفض.
كما توجد مخاوف من إصابات جديدة بسبب تجمعات الأحزاب، في إطار الدعاية الجارية للتعديل الدستوري الذي سيعرض على الاستفتاء في الأول من الشهر المقبل؛ حيث تغيب تدابير الوقاية، كارتداء القناع والتباعد بين الأشخاص.
وميدانياً، يلاحظ غالبية الجزائريين أن إجراءات الحجر الصحي لم تحترم أبداً بشكل كامل. فالأسواق والمحلات والشوارع مكتظة، منذ بداية تفشي الوباء في مارس (آذار) الماضي. ويقول كثير من الأطباء إن عدد الإصابات بالفيروس، في الواقع، أكبر بكثير مما تعلن عنه وزارة الصحة في بلاغاتها اليومية؛ لأن القليل ممن تظهر عليهم أعراض «كوفيد- 19»، يطلبون الخضوع لاختبار التأكد من الإصابة المتوفر في المستشفيات فقط، وهؤلاء يفضلون العلاج بأدوية متاحة في الصيدليات مخصصة للفيروس، وبالأعشاب المضادة للإنفلونزا.
وقال الطبيب بقاط بركاني، عضو «اللجنة العلمية» الحكومية، المتابعة لتطور الوباء، إن نوع الفيروس المتفشي في الجزائر يختلف من حيث قوته على اختراق مناعة الجسم، مقارنة بالفيروس الذي خلف آلاف القتلى في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا. ويرى أن «هذه الحقيقة زرعت ثقة مبالغة لدى المسؤولين والمواطنين على حد سواء، وهذا الأمر مقلق بالنسبة لي».