ترمب يختار مرشحته للمحكمة العليا يوم السبت

أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيعلن رسمياً عن مرشحته لمنصب قاضية في المحكمة العليا خلفاً لروث بايدر غينزبرغ يوم السبت المقبل. وغرّد ترمب: «سوف أعلن عن اسم المرشح للمحكمة العليا يوم السبت في البيت الأبيض! نحدد الوقت لاحقاً».
وقد ألقى موضوع المحكمة بظلاله على السباق الانتخابي الأميركي وحوّل الانتباه ولو لبعض الوقت عن ملفات أخرى كملف مكافحة فيروس كورونا والعنصرية ودعم الشرطة. فالصراع حول تعيين بديل للقاضية الراحلة غينزبرغ وفّر للرئيس الأميركي مظلة أمان حمته مؤقتاً من الهجمات الشرسة التي شنها الديمقراطيون عليه في موضوع كورونا، فقررت حملته الانتخابية تسليط الضوء على ملف المحكمة العليا واختيار بديل محافظ لشغل منصب القاضية الليبرالية.
ومع تزامن الأحداث المتسارعة مع أول مناظرة رئاسية ستجمع بين المرشح الديمقراطي جو بايدن وترمب في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، يسارع المرشحان للتحضير لمواجهة أسئلة جديدة فرضت نفسها مع تطورات المحكمة، والجدل السياسي الذي رافقها والتجاذب المتعلق بوجوب تعيين بديل قبل الانتخابات أو الانتظار إلى ما بعد نتيجة التصويت.
وبدا واضحاً تركيز حملة ترمب على الترويج لاختيار بديل قبل الانتخابات، فقد تحدث الرئيس الأميركي في أنشطته الانتخابية التي يعقدها في ولايات عدة عن الموضوع كما أن مناصريه بدأوا بارتداء قمصان كتب عليها: «اشغل ذاك المقعد»، في إشارة إلى مقعد غينزبرغ في المحكمة. وسبب التركيز واضح، فالجمهوريون يعتبرون ما جرى فرصة ذهبية لاستقطاب أصوات المحافظين الذين سيغضّون الطرف عن أي خلاف مع ترمب مقابل تعيين قاض محافظ في المحكمة العليا. ويقول المحلل الاستراتيجي الجمهوري فورد أوكونيل إن خيار ترمب قد يؤدي إلى كسبه لأصوات الجمهوريين الذين لم يدعموا إعادة انتخابه في السابق: «الجمهوريون قد يختلفون على المرشحين للرئاسة لكنهم دوماً يتوافقون على موضوع القضاة».
وقد بدا هذا واضحاً من خلال إصرار الجمهوريين في مجلس الشيوخ على المصادقة على المرشح للمنصب قبل الانتخابات، فهناك شغف جمهوري كبير لتعيين قضاة محافظين، إذ إن هذه التعيينات هي لمدى الحياة، وسترجح الكفة لصالح أجندة المحافظين بشكل كبير في ملفات تهمهم كالرعاية الصحية والإجهاض والهجرة. وخير دليل على ذلك أن السيناتور الجمهوري المحافظ ميت رومني، الذي غالباً ما عارض ترمب وصوت لصالح عزله في مجلس الشيوخ، أعلن عن دعمه لتعيين قاض قبل الانتخابات، الأمر الذي أعطى زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش مكونيل أغلبية الأصوات اللازمة للمصادقة رغم معارضة الجمهوريتين سوزان كولينز وليزا مركوفسكي. وكان ترمب استقطب أصوات الإنجيليين والمحافظين في عام 2016 بفضل لائحته التي طرحها لمرشحيه للمحكمة العليا. وقد أظهرت استطلاعات الرأي حينها أن الناخبين صوتوا له بدلاً من منافسته هيلاري كلينتون لهذا السبب تحديداً.
لكن ما تتخوف منه حملة ترمب الانتخابية هو أن يؤدي الصراع على مقعد غينزبرغ محبوبة الليبراليين إلى بث الحماسة في صفوف الناخبين الشباب ودفعهم للتوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت لصالح بايدن، الذي يعاني حتى الساعة من غياب الحماسة في صفوف الناخبين. ويقول المحلل الديمقراطي جيم مانلي: «واقع الحال هو أن الجمهوريين يهتمون بموضوع التعيينات القضائية أكثر من الديمقراطيين. لكني آمل في أنه عندما يرى الناخبون أن القضايا التي تهمهم كالرعاية الصحية والإجهاض مهددة، فإنهم سيسعون إلى التصويت ضد الرئيس».
وقد دعا بايدن إلى الانتظار إلى ما بعد الانتخابات لتعيين بديل لغينزبرغ، محذّراً الناخبين من أن الرعاية الصحية هي على المحك وذلك في إشارة إلى جهود إدارة ترمب لإلغاء أوباما كير، وهو موضوع ستحسمه المحكمة العليا. لكن بالإجمال يتخذ نائب الرئيس الأميركي السابق مقعد المتفرج في هذا الملف، فمع تزايد الضغوط الليبرالية عليه لدعم الدعوات لتوسيع المحكمة العليا عبر تعيين قضاة إضافيين، اختار بايدن تجنب التطرق إلى الموضوع محولاً تركيزه على ملف كورونا. وقد كرر انتقاداته لترمب في رده على الفيروس في حدث انتخابي في ولاية ويسكنسن المتأرجحة.
ولعلّ استطلاعات الرأي الأخيرة التي لا تزال تظهر تقدم بايدن على ترمب بسبب انشغال الناخب الأميركي بكورونا هي السبب الأساسي وراء قرار حملة بايدن الاستمرار في التركيز على هذا الملف.
هذا، وقد أظهر استطلاع للرأي لصحيفة «بوليتيكو» أن 50 في المائة من الناخبين المسجلين يفضلون أن يختار الرئيس الجديد مرشحاً لمنصب المحكمة، فيما يقول 37 في المائة منهم إنهم لا يمانعون أن يختار ترمب المرشح لهذا المنصب، مقابل 12 في المائة من الذين قالوا إنهم لا يكترثون لهذا الموضوع.
ومما لا شك فيه أن ملف المحكمة العليا سيؤثر بشكل كبير على حظوظ المشرعين الذين يخوضون سباقات تشريعية في ولايات متأرجحة. أبرز هؤلاء السيناتورة سوزان كولينز التي أعلنت عن معارضتها لترشيح بديل عن غينزبرغ قبل الانتخابات. وتظهر استطلاعات الرأي أن كولينز التي تخوض سباقاً للحفاظ على مقعدها في ولاية ماين تتراجع أمام منافستها الديمقراطية سارة غيدون.