مع استعجالها لإنتاج لقاح... مختبرات الأدوية تضغط على الحكومات لحماية نفسها

في السباق لإنتاج لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، تريد المختبرات حماية نفسها ولذلك تضغط على الحكومات الأوروبية لمشاركة المخاطر المالية في حالة تقديم شكاوى بسبب الآثار الجانبية، بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
ووقعت المفوضية الأوروبية في 27 أغسطس (آب)، نيابة عن 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، أول عقد مع شركة أسترازينيكا البريطانية لشراء مئات الملايين من الجرعات بمجرد توافر اللقاح.
والمناقشات جارية مع شركة سانوفي-غلاكسو سميث كلاين الفرنسية البريطانية، وشركة جونسون أند جونسون الأميركية وشركة كيورفاك الألمانية وشركة موديرنا الأميركية.
ولكن على المجموعات الدوائية أن تجد علاجًا أسرع بكثير من المعتاد: بين 12 و18 شهرًا بدلاً من عشر سنوات أو أكثر.
في مثل هذه الظروف، لا يمكن درس الآثار الجانبية غير المرغوب فيها، ولا سيما الآثار الجانبية على المدى المتوسط أو الطويل، مما قد يفتح الباب أمام مطالبات بالتعويض من المرضى.
وفي مواجهة هذا الوضع غير المسبوق، التزمت الحكومات التي تواجه فيروسًا يهدد سكانها وأدى إلى انهيار اقتصاداتها، بالمشاركة المالية. وأعلنت المفوضية الأوروبية أنه «لتعويض المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها مختبرات الأدوية، تنص عقود الشراء المسبق على أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعوض المصنعين الالتزامات المتكبدة في ظل ظروف معينة»، بدون إعطاء مزيد من التفاصيل.
ولم تعقب أسترازينيكا ولا سانوفي عندما اتصلت بهما وكالة الصحافة الفرنسية للتعليق.
ويبدو أن الدول الأوروبية ليس لديها خيارات كثيرة حيث يمارس مصنعو اللقاحات ضغوطًا على الحكومات للحصول على مساعداتها المالية، كما أظهر الجدل المحيط بسانوفي في فرنسا في مايو (أيار)، إذ قال مديرها الإداري بول هدسون، في ذلك الوقت، في البداية، أنه سيمنح اللقاح الأول للولايات المتحدة التي أشاد بنموذج عملها.
وفي الولايات المتحدة، تقوم هيئة الأبحاث المتقدمة والتطوير في مجال الطب الحيوي (باردا) التابعة لوزارة الصحة الأميركية، «بالتحرك بسرعة» و«تتعاون مبكراً مع شركات القطاع» من أجل «ضمان توافر الطاقات الإنتاجية وتقاسم المخاطر».
وقال الاتحاد الأوروبي للصناعات الدوائية والجمعيات الذي يضم سانوفي غلاكسو سميث كلاين وجونسون أند جونسون وأسترازينيكا، ولقاحات أوروبا، وغيرها من المختبرات المتخصصة في اللقاحات، إنه «في نقاش مع السلطات الأوروبية» لتطوير نظام تعويض في حالة ظهور آثار جانبية.
وشدد على أن «أي نظام يجب أن يجعل من الممكن تعويض المريض المعني بمستوى عادل، وتجنب التأخيرات التي لا نهاية لها بسبب التقاضي الباهظ والنتائج غير المؤكدة».
ولكن المفوضية الأوروبية تصر على أنه في حين أن الدول الأوروبية مستعدة للمساهمة مالياً فإن المختبرات هي التي تتحمل وحدها المسؤولية.
وقبل أكثر من ثلاث سنوات بقليل، في يونيو (حزيران) 2017، زادت العدالة الأوروبية من الضغط على مجموعات الأدوية. وفي حكمها، قضت محكمة العدل الأوروبية بأنه يمكن الاعتراف بمسؤولية اللقاح في تطوير المرض حتى في غياب اليقين العلمي.
وصدر هذا القرار الذي يسهل تعويض الحوادث بعد عقد من التقاضي بين مرضى التصلب المتعدد ومصنعي لقاحات التهاب الكبد بي، وهي مختبرات سانوفي باستور وغلاكسو سميث كلاين.
وأعرب يانيس ناتسيس الذي يمثل المرضى لدى وكالة الأدوية الأوروبية التي تصدر تراخيص التسويق، عن قلقه مؤخرًا في مقال في صحيفة برلينر تسايتونغ اليومية الألمانية، بشأن «الطبيعة السرية للمفاوضات» بين الشركات المصنعة والسلطات التي تصدر تراخيص اللقاح.
وقال «يجب أن يعرف دافعو الضرائب ما هي شروط الاتفاقيات» مع مختبرات الأدوية، بعد الإعلان عن العقد بين أسترازينيكا والمفوضية الأوروبية.