خبير عقاري يحذر: القصور الريفية البريطانية تعرض بأكثر من قيمتها

حذر الخبير العقاري مارك كرامتون من شركة «ميدلتون إدفايزرز» التي تتخصص في مجال شراء القصور الريفية البريطانية لصالح عملائها وتعمل في مجال الاستشارة العقارية، من أن بعض القصور الريفية في مقاطعة ساري القريبة من لندن يطلب أصحابها أسعارا أعلى من القيمة الحقيقية لهذه العقارات. وأضاف أن بعضهم ينتظر على أمل أن يصل إليهم مشتر أجنبي «هبط لتوه من الطائرة» لكي يدفع لهم ما يطلبونه من أسعار باهظة.
وأضاف كرامتون في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الوضع الحالي في سوق القصور الريفية في مقاطعة ساري يعاني كثرة المعروض من العقارات في القطاع ما بين مليونين و10 ملايين إسترليني، ولكن معظم العقارات المعروضة مقومة بأكثر من قيمتها الحقيقية. وأشار إلى أن نظرة سريعة على العقارات المتاحة على الإنترنت تشير إلى وجود أكثر من 100 قصر ريفي على مقربة ساعة من لندن معروضة للبيع، مع بعض المواقع الباهظة في الأسعار مثل سان جورج وونتورث.
وقال كرامتون إن هذا لا يعني أن السوق تعاني ندرة المشترين أو انخفاض مستوى المبيعات، ولكن عدد المشترين أقل الآن وحساسيتهم للسعر أعلى. وشرح أن من الطبيعي أن تهدأ الأسواق في شهور الشتاء البريطاني، كما أن هناك عوامل أخرى تضغط على السوق، مثل الانتخابات البريطانية في شهر مايو (أيار) المقبل واحتمال فرض ضريبة إضافية على القصور الريفية، ولكنه لا يعتقد أن مثل هذه الضريبة سوف تكون مجحفة أو أنها سوف تؤثر جذريا على السوق، خصوصا بعد تعديل الضريبة العقارية الأخير، ومع ذلك فهو يتوقع أن تبقى الأسواق هادئة خلال الأشهر الـ5 الأولى من عام 2015.
وهو يعتقد أن هذه الفترة قد تكون هي الأفضل لتحقيق صفقة شراء جيدة، خصوصا لهؤلاء الذين يتطلعون للاحتفاظ بالعقار لفترة طويلة. وهو ينصح بالاستعانة بخبرة وكلاء شراء العقارات قبل الإقبال على هذه الخطوة من أجل تحقيق الثمن الملائم واختيار العقار الأفضل في السوق.
من ناحية أخرى، يضيف توم هدسون الشريك في شركة ميدلتون أن القصور العقارية تختلف عن عقارات لندن الفارهة في أنها لا تمنح المشتري منزلا فاخرا فحسب، بل تضفي عليه أسلوب حياة مميزا من حيث استخدامات القصر الريفي ووجود مساحات الأراضي حوله التي توفر له الخصوصية، وقد تضيف إلى القيمة الاقتصادية لما يمكن إنتاجه منها.
وتختلف شركات الاستشارة العقارية جذريا عن وكلاء شراء العقار؛ فشركات الاستشارة تتأكد من حصول المستثمر على العقار المناسب بالسعر المناسب، بينما يهدف الوكيل إلى بيع العقار بأسرع فرصة ممكنة للعميل حتى يحصل على عمولته ويتحول إلى بيع عقار آخر. وتقدم شركات الاستشارة خدمات أخرى، مثل تقديم النصيحة للمشتري حول العقارات المناسبة والقيمة المعقولة لكل منها، والتفاوض لصالحه مع بائعي العقار والعثور على العقارات قبل وصولها إلى السوق وإجراء كل الأبحاث المطلوبة حول العقار وخوض إجراءات الشراء حتى تسجيل العقار باسم صاحبه الجديد.
ويمكن باستخدام مستشار عقاري توفير الوقت والجهد للمشتري وتجنب الأخطاء باهظة الكلفة التي قد يقع فيها المستثمر، كما أن لشركات الاستشارة شبكات بحث خاصة يمكن من خلالها العثور على العقار الريفي المناسب من قبل أن يطرح للبيع في الأسواق. ولدى المستشارين العقاريين خبرة واسعة وعميقة بتاريخ تداول العقارات الريفية. وفي هذا القطاع لا يرغب أصحاب العقارات الريفية الفاخرة في عرضها في السوق وكشف أمور خاصة، مثل رغبتهم في البيع والثمن المطلوب في عقاراتهم، ولذلك فهو قطاع يهتم أكثر بالخصوصية عبر التواصل مع مستشارين يعرفون كيف يجدون المشتري المناسب من دون إثارة الانتباه. وتقدر مصادر السوق أن نسبة 75 في المائة من كل العقارات الريفية التي يزيد ثمنها على 5 ملايين إسترليني تباع خارج السوق عن طريق وكلاء أو مستشاري شراء.
وفي أوضاع السوق الحالية غير المستقرة في هذا القطاع، تكون مهمة الوكلاء هي الحرص على مصالح العملاء عند الشراء والحصول على أفضل الأسعار والشروط. ويصل الحرص ببعض الشركات إلى حد إجراء أبحاث عن التلوث والضوضاء وحتى الرائحة السائدة في المنطقة التي من شأنها أن تفسد مناخ الاستمتاع الذي يرغب فيه مشتري العقار الريفي.
ويكتسب وكلاء شراء العقار خبرتهم ومعلوماتهم من الكثير من المصادر، منها أصحاب العقارات أنفسهم، ودائرة الخدمات التي تتوجه نحو هذه الطبقة من رؤساء أندية الغولف ومديري المدارس الخاصة ورؤساء لجان التخطيط في المجالس المحلية. وأي من هؤلاء يستطيع أن يوفر المعلومة الحاسمة في أن عقارا معينا قد يعرض للبيع قريبا. وهم يعرفون أيضا عن أي مشروعات من شأنها أن تؤثر على قيمة العقارات في المنطقة مثل مشاريع إقامة توربينات رياح أو طرق جديدة تشق الأراضي الزراعية، وهي عوامل ذات تأثير سلبي على العقارات القريبة.
ويكتفي مستشارو العقار في العادة بعدد محدود من الزبائن، ما بين 10 و20 عميلا في العام الواحد، ولا يبحثون عن عقار مماثل لعميلين في الوقت نفسه. وهناك الكثير من أساليب اختيار وكيل أو مستشار الشراء المناسب، أهمها سؤال زبائن سابقين لهذه الشركات، ومراجعة سجلات البنوك الأرستقراطية الخاصة، مثل بنك «كوتس»، التي تختار أفضل الشركات فقط لترشيحها إلى زبائنها.
ويقول هدسون إن من الصعب وضع حد أقصى على أسعار القصور الريفية؛ لأن هناك بعض القصور التي تستحق عشرات الملايين من الجنيهات، ولكن بصفة عامة فإن الحد المتوسط للصفقات التي تقوم بها شركة ميدلتون في منطقة الجنوب، حيث نشاطها، تقع ما بين 3 و10 ملايين إسترليني. ونظرا لسرية الصفقات التي تقوم بها الشركة فضل هدسون عدم الحديث عن حجم أكبر صفقة قام بها حتى الآن، ولكنه أشار إلى أنها تزيد على 25 مليون إسترليني.
وأشار هدسون إلى أنه كلما اقترب موقع القصر الريفي من مركز لندن زادت نسبة المشترين الدوليين للعقار. وهذا يشمل أيضا مشترين من الشرق الأوسط، ولكن بصفة عامة يتوجه معظم المشترين من الشرق الأوسط للشراء في قلب لندن أو في محيط الطريق الدائري (إم 25) وأيضا القصور الريفية كبيرة الحجم التي تقع على مقربة من لندن بحد أقصى 40 ميلا خارج العاصمة.
وهو يصف عمل الشركة بأنه توفير الاستشارة للعملاء والتأكد من حصول العميل على العقار المناسب بالسعر المناسب وليس شراء العقار بسرعة. وتأتي أغلبية من العملاء عن طريق التوصية الشخصية من عملاء قدامى للشركة. ولا تنصح الشركة عميلها بشراء أي عقار لا يشعر برغبة قوية في شرائه، بل توفر ما لديها من خبرة ومعلومات حول السوق بصفة عامة وحول حالة العقار ومدى ملاءمته لحاجاتهم.
وهو يصف مزايا القصور الريفية بأنها توفر استثمارا جيدا على المدى البعيد للكثير من العملاء، وذلك من حيث القيمة الاستثمارية والقيمة المعيشية؛ فبينما يرى المستثمرون في المدن ارتفاعا أسرع للأسعار بالإضافة إلى القرب من كل التسهيلات التي توفرها الإقامة في المدينة، فالقصور الريفية يمكنها أن تمنح فرص مداخيل من مصادر مختلفة؛ فهناك فرص لزراعة الأراضي المحيطة بالقصر الريفي أو تأجيره للمناسبات الخاصة والمؤتمرات وخلافه. ومن الواضح أن استثمار عشرات الملايين من الجنيهات في عقار سوف يمنح صاحبه منزلا رائعا في موقع ممتاز، ولكن استثمار عشرات الملايين من الجنيهات في قصر ريفي سوف يمنح مالكه أسلوب حياة مميزا ويتيح لك الاستمتاع أكثر بالأصول الاستثمارية. والكثير من المستثمرين يشترون قصورا ريفية تحيطها مساحات كبيرة من الأراضي مما يمنحهم المزيد من الخصوصية والحماية.
والجزء الأول من مهمة شركة الاستشارة هو تحقيق الحد الأقصى من الفرص والتأكد من وجود نظرة شاملة لوضع السوق وأنواع العقارات المتاحة فيها. وتوفر شركات الاستشارة المزيد من الفرص للمشتري أكثر مما يمكنه أن يوفر لنفسه. وبخلاف الأسواق الأخرى، فإن سوق القصور الريفية بها درجة عالية من الخصوصية والصفقات السرية، ولا يمكن للعميل أن يكون على علم بها ما لم يكن على اتصال وثيق بالسوق على نحو يومي.