أنجو ريحان: أهل الفن مصدر ثقة أكبر من بعض السياسيين

قالت الممثلة أنجو ريحان إن الأحداث الأخيرة التي شهدها لبنان، أسهمت في تحويل اهتمامات اللبنانيين إلى الأعمال الخيرية. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تربيت على الإسهام في العمل الخيري، فاعتدت على والدي يفتح أبواب منزلنا أمام كل محتاج. فالعطاء لا ينحصر بالأشخاص الأثرياء أو المرتاحين مادياً، بل هو قيمة اجتماعية يمكن لأي أحد ممارستها؛ كلّ حسب مقدوره كي يشعر بلذتها».
أنجو التي عرفها اللبنانيون من خلال أعمالها المسرحية ومشاركتها في مسلسلات درامية وبرامج انتقادية ساخرة، تحتفظ بطاقتها وحيوتها لتفريغها اليوم في العمل الخيري. وتعلّق: «التمثيل هو مهنتي وشغفي في الحياة، ولكن مع غياب أي عروض، في ظل أوضاع غير مستقرة صحياً ولا اجتماعياً؛ وجدت نفسي أتحول لا شعورياً إلى العمل الخيري».
حاليا أطلقت أنجو ريحان جمعية «نفعل (We do)» بمشاركة الممثلين بديع أبو شقرا وعبدو شاهين. وتوضح: «إنها جمعية تعنى بالتنمية الفنية والاجتماعية معاً. حالياً أنا متفرغة تماماً لمساعدة الناس المحتاجين. وهذه الجمعية توزع نشاطاتها على جميع المناطق اللبنانية من دون تفرقة. وتردنا تبرعات من لبنانيين مغتربين ومقيمين يتصلون بنا، من أجل تقديم كل مساعدة نحتاجها. فالفنان هو مصدر ثقة حالياً أكبر من بعض السياسيين والزعماء. وفي ظل هذا الإهمال الذي نشهده من قبل المسؤولين عندنا، كان لا بد من أن نتحرك بسرعة وننزل على الأرض للمساعدة. فمنذ انطلاق الثورة، مروراً بجائحة (كورونا)، ووصولاً إلى انفجار بيروت، لمسنا حاجة كبيرة لمساعدة الناس. واللافت أن اللبناني معطاء بطبيعته وهو يقدم على المساعدة ولو بـ(فلس الأرملة)، كي يفرح عائلة أو يؤمن لها الدواء والمأكل».
وعمّا اكتشفته من خلال هذه التجربة الإنسانية، تقول أنجو ريحان في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اكتشفت أن اللبناني لم يكن يعرف مواطنه جيداً قبل الوقوع في أزمات متراكمة. فلقد كانت غالبيتهم على اعتقاد بأن هناك حواجز بينهم لا يستطيعون تجاوزها. وإذا بهم يلمسون على الأرض مدى قربهم بعضهم من بعض ومحبتهم الكبيرة للبنان وأهله من دون وضع أي شروط مسبقة. فالعمل الإنساني ينعكس إيجاباً على صاحبه، خصوصاً عندما يتمكن من إضفاء ابتسامة على ثغر مسن أو طفل. ومع تجاوب كبير من لبنانيين في الخارج وجمعيات صغيرة موجودة في لبنان، استطعنا أن نحدث الفرق، ونشعر الآخر بأن هناك من يسانده».
حالياً أصبح لجمعية «نفعل» مستودعات تخزن فيها المساعدات على أنواعها، من أدوية ومأكل وملبس وحاجات للأطفال. وتعلق أنجو: «سعيدة أنا بما أقوم به على الصعيد الخيري، سيما عندما أتعاون مع أشخاص نذروا أنفسهم لمساعدة الآخر. فكما جمعيتي (دفا) و(لبنان وين ما كان) هناك اليوم مجموعات ألمانية وغيرها تتصل بنا لتقديم العون».
ومن ناحية ثانية؛ انضمت أنجو ريحان إلى «تجمع إغاثة المسرح في لبنان». وتقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إنها مبادرة قام بها مجموعة من الممثلين أمثال فادي أبي سمرا ويحيى جابر وكريم دكروب... وغيرهم. وتهدف إلى مساعدة المسارح المتضررة من انفجار بيروت، ويتجاوز عددها 7 مسارح». كما أنها ستأخذ في الحسبان ظروف عمال المسرح من ممثلين وتقنيين توقفوا عن العمل بسبب الأوضاع في لبنان... «المسرح يشكل مورد رزق لكثيرين يعملون فيه، والتبرعات التي ستصل إلينا من لبنان وخارجه سيتم توزيعها على إعادة بناء المسارح المهدمة أولاً، ومن ثم سيستعان بها لمساعدة العاملين فيها».
وتتابع: «حالياً نحاول بالتعاون مع جمعيات أخرى دعم نقابتي الفن في لبنان (الفنانين المحترفين والممثلين). وبدأنا بتوزيع حصص غذائية على فنانين محتاجين ومتقدمين في السن لا مداخيل ثابتة لديهم».
وتشير أنجو إلى أن ما مرّ به اللبنانيون منذ اندلاع الثورة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حتى اليوم «زودهم بالثقة بالنفس، فصاروا على دراية بما يمكنهم تقديمه لأهل بلادهم في ظل غياب اهتمام المسؤولين عنهم... «فنحن أفراداً استطعنا أن نقدم الكثير لبلادنا، وهو ما لم يستطع القيام به حكّامنا».
وترى أنجو ريحان في المسلسلات الدرامية التي بدأ عرضها مؤخراً مثل «دانتيل» على تطبيق «شاهد» و«من الآخر» المنتظر عرضه في سبتمبر (أيلول) المقبل على شاشة «إم تي في» اللبنانية، متنفساً للمشاهد والممثل معاً... «يعتقد البعض أن عملنا لا يصب إلا في خانة الترفيه، ولكنه في الحقيقة هو مصدر رزقنا نتعيش منه كأي مهنة يمارسها غيرنا. ومن هذا المنطلق أجد في تجديد الحركة الدرامية وعرض أعمال منها ضرورة. وربما هذه الأعمال إذا ما واكبت واقعنا نحن اللبنانيين بشكل أكبر؛ من شأنها أن تسهم في توعية مجتمعنا. ولكني أرى أنه ما زال الوقت باكراً للحديث عن أعمال تتحدث عن الثورة أو جائحة (كورونا) وحتى عن انفجار بيروت. فعلينا أن نرى المشهد عن بعد، ونكون قد استوعبناه ولمسنا حيثياته وانعكاساته علينا. وهو أمر يتطلب بعض الوقت كي يتلقفه كتّابنا، فلا يحمل معالجات سطحية؛ بل عميقة تشبه واقعنا».
وعن أعمالها الفنية المستقبلية تقول: «كنت بصدد التحضير لمسلسل جديد من بطولة كارين رزق الله وكتابة كلوديا مرشيليان، ولكن يبدو أن عجلته توقفت في ظل كل ما يجري حولنا. كما كنت أحضر لعمل مسرحي مع يحيى جابر يحكي واقعنا. ولكن مع تراجع أوضاعنا البيئية وتفشي الإصابات بـ(كورونا) قررنا الانتظار، وتأجيله حتى إشعار آخر».