الأزهر: لا نتوقع من شعب إثيوبيا إلحاق الضرر بالمصريين

دخل الأزهر على أزمة «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، وكشف مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر عن زيارة مرتقبة للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي الذي زار مشيخة الأزهر، أمس، أكد على عمق التعاون بين القاهرة وأديس أبابا»، لافتا إلى أن «الطيب أكد خلال اللقاء على سبل دعم التعاون بين الأزهر وإثيوبيا في مختلف المجالات، ومساهمة الأزهر في إرسال القوافل الطبية إلى إثيوبيا خلال الفترة المقبلة، وزيادة عدد المنح المقدمة لأبناء المسلمين في إثيوبيا للدراسة بالأزهر». ويزور وفد كبير من الدبلوماسية الشعبية في إثيوبيا برئاسة رئيس البرلمان عبد الله جيميدا، القاهرة، حيث يلتقي خلال الزيارة عددا من المسؤولين المصريين. في حين قال مسؤول في الوفد لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة تأتي كرسالة طمأنة إلى الشعب المصري بشأن سد النهضة الإثيوبي».
وتأتي زيارة وفد إثيوبيا في وقت تجري القاهرة مفاوضات مع دولتي إثيوبيا والسودان (الشمالية)، للوقوف على احتمالية وجود أضرار قد يتسبب فيها سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب (مصر والسودان)، وذلك بعد أن تصاعدت الأزمة بشكل كبير منذ منتصف عام 2011، عندما أعلنت أديس أبابا البدء في تشييد السد العملاق، الذي يتوقع اكتمال إنجازه عام 2017. وتقول القاهرة إن «هذا السد يهدد حصتها من مياه النيل بما يصل إلى أكثر من 10 في المائة».
والتقى الدكتور الطيب وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي، أمس، وأكد أن الحبشة (إثيوبيا الحالية) «كانت أول حاضنة للمسلمين الأوائل المستضعفين المهاجرين إليها من مكة، حيث كانوا يلقون أشد العذاب والهوان من كفار مكة، فكان أول من حماهم هو ملك الحبشة، حيث استقبلهم، وكرمهم»، مشيرا إلى أن الهجرة إلى الحبشة «تمت مرتين، كانت إحداهما بها رقية ابنة النبي صلى الله عليه وسلم».
وأضاف الإمام الأكبر أنه حينما مات النجاشي صلى عليه رسول الله بالمدينة، في اليوم نفسه، في معجزة من معجزات النبوة، حيث لم تكن هناك وسائل التواصل المتعارف عليها حاليا، وقال فيه الرسول الكريم: «مات اليوم الملك الصالح»، موجها كلامه للوفد: «وهذا ما نعلمه لأولادنا في مدارسنا، ومعاهدنا، وجامعتنا، ويجعل الأزهر يستقبلكم في رحابه بحفاوة، ومودة شديدين».
وتابع: «إننا أبناء نيل واحد، يمر علينا بعد أن يمر عليكم، وتشربون منه قبل أن نشرب منه، وهذا ما يعمق العلاقة بين الشعبين، ويزيد من المحبة والمودة بيننا.. ونحن كشعب لنا حقوق متساوية في هذا النهر العظيم، الذي يستفيد منه الجميع، وقد علمنا رسولنا محمد، ورسولكم المسيح بأنه لا يجوز إلحاق الضرر بالآخرين.. ونحن كشعب مصر لا نتصور إلحاق الضرر بنا، لأننا المحطة الأخيرة لهذا النهر العظيم، ولأن هذا ضد تعاليم المسيح وجميع الأنبياء وكذلك ضد القيم الإنسانية».
وعقدت أواخر أغسطس (آب) الماضي، جولة من المفاوضات في العاصمة السودانية الخرطوم ضمت وزراء الري والموارد المائية من مصر والسودان وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، وتم الاتفاق على تكليف مكتب استشاري لإعداد دراسة تفصيلية حول تأثيرات السد على مصر والسودان، على أن يتم حسم الخلاف في مدة أقصاها 6 أشهر تنتهي في مارس (آذار) المقبل، وتكون نتائجها ملزمة للجميع.
وأبدى الطيب استعداد الأزهر لتقديم الدعم الكامل للشعب الإثيوبي، وتعميق التعاون بين البلدين ثقافيا وعلميا، وتقديم منح دراسية لأبناء المسلمين الإثيوبيين، يتعلمون من خلالها تعاليم الدين الإسلامي الوسطي السمح، بعيدا عن التطرف والغلو.
من جانبه، أكد وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبية أن الشعبين يجمعهما رباط الأخوة، وعليه، فإنه يجب عليهما دعم سبل العيش المشترك بينهما، مستشهدين بتوافد كثير من علماء إثيوبيا على مؤسسة الأزهر، التي يمتد تاريخها لأكثر من ألف عام، وتعلموا من منبعه الصافي الوسطية والاعتدال، ثم وجه الوفد الدعوة إلى شيخ الأزهر لزيارة إثيوبيا، الذي وعدهم بتلبية الدعوة، قائلا: «أتطلع لزيارة هذا البلد العزيز على قلوبنا لما له من مكانة في تاريخنا وعقيدتنا».
في السياق ذاته، قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، في المؤتمر الصحافي الذي عُقد عقب استقبال شيخ الأزهر وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي، إن «اللقاء كان وديا للغاية، وتم في أجواء من المحبة والأخوة التي تربط بين الشعبين»، مضيفا أن «مصر وإثيوبيا يجمعهما نهر النيل، ومن حق الشعبين الانتفاع به دون إلحاق الضرر بالآخر»، مشيرا إلى أن «الوفد الإثيوبي أكد أنه لا يوجد إثيوبي يفكر في إلحاق الضرر بالمصريين».