لقاء عاصف بين كيري وعريقات في لندن ينتهي بإصرار فلسطيني للتوجه إلى مجلس الأمن

أكد المندوب الفلسطيني لدى الامم المتحدة رياض منصور لـ{الشرق الأوسط} أن اللقاء الذي جمع بين كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ووزير الخارجية الاميركي جون كيري في لندن أمس لبحث مشروع قرار عربي - فلسطيني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي، كان {سلبيا ومتوترا}، وأكد عزم الفلسطينيين التوجه الى مجلس الامن الدولي اليوم لعرض مشروع القرار.
وأكد منصور أن كيري {لم يأت بجديد} في المشاورات و{لا يريد المشروع العربي ولا الفرنسي}، الذي تعتزم باريس عرضه على مجلس الامن بعد موافقة الفلسطينيين والاسرائيليين على بنوده.
من جانبه أكد مسؤول فلسطيني قريب من الوفد الفلسطيني الذي التقى في لندن كيري، أن الأخير أبلغ الوفد الفلسطيني بعزم بلاده على {استخدام حق الفيتو} ضد مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن والذي يتضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال سنتين. وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن كيري أبلغ الوفد الفلسطيني برئاسة صائب عريقات أن واشنطن {ستستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع القرار العربي الذي يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية}. ووصف المسؤول لقاء كيري - عريقات بأنه {كان صعبا جدا وطويلا ولم يحقق نتائج}. وتابع المسؤول أن الوفد الفلسطيني أبلغ كيري أنه إذا استخدمت واشنطن الفيتو فإن الجانب الفلسطيني {سيتوجه إلى الانضمام إلى كافة المنظمات الدولية والوكالات التابعة للأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية بما فيها التوقيع على اتفاقية روما الخاصة بالانضمام إلى محكمة لاهاي لجرائم الحرب}. وأضاف المسؤول أن الجانب الفلسطيني {سيقدم مشروعه غد الأربعاء (اليوم) إلى مجلس الأمن الدولي للتصويت عليه وتم إبلاغ كيري بذلك}. وكشف المسؤول الفلسطيني أيضا أن الإدارة الأميركية {ترفض وجود نص واضح بأن القدس ستكون عاصمة للدولتين، فلسطين وإسرائيل}، كما ترفض مبدأ {مدة السنتين لإنهاء الاحتلال.. وتريد الإشارة إلى الدولة اليهودية في مشروع القرار}.
وكانت القيادة الفلسطينية قد قررت في وقت سابق أمس إرجاء تقديم مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي إلى مجلس الأمن، الذي كان متوقعا اليوم، إلى موعد لاحق سيتقرر غدا الخميس بعد اكتمال صورة المشاورات التي يجريها الوفد الفلسطيني - العربي، الذي التقى وزير الخارجية الأميركية جون كيري في لندن ووزراء الخارجية الأوروبيين في باريس، وعلى ضوء توصيات من وزراء الخارجية العرب بعد التشاور معهم في هذا الشأن. وأجلت القيادة الفلسطينية أيضا اجتماعا كان مقررا مساء أمس في رام الله لاتخاذ قرارات إلى وقت لاحق ربما يوم الخميس.
وكان من المقرر أن تتجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي اليوم لطلب التصويت على مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، لكن هذه المبادرة قد تصطدم بفيتو أميركي، إذ إن واشنطن تعارض أي إجراء أحادي الجانب من جانب الفلسطينيين يهدف إلى الحصول من الأمم المتحدة على اعتراف بدولتهم، معتبرة أنه ينبغي أن يأتي ثمرة مفاوضات سلام.
وشهدت لندن حركة دبلوماسية مكثفة بوصول وفد فلسطيني يضم كبير المفاوضين صائب عريقات ووزير الخارجية رياض المالكي، ووفد عربي يقوده نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، وأجرى الوفد مشاورات مكثفة شملت عددا من المسؤولين، بوجود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، حيث ناقشت الاجتماعات إمكانية التوصل إلى حل توافقي بشأن التوجه إلى مجلس الأمن.
وأكد كيري أمس أن بلاده لم تحسم أمرها بعد بشأن أية قرارات محتملة لمجلس الأمن تتعلق بالدولة الفلسطينية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وشركاءها يبحثون عن سبل لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط. وأشارت مصادر أميركية إلى احتمالات إقناع الفلسطينيين بمبادرة سلام جديدة.
وكان وزير الخارجية الأميركي قد عقد مباحثات مكثفة خلال اليومين الماضيين في روما ولندن، حيث التقي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ومع وزراء خارجية مصر والأردن والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، إضافة إلى لقاءاته أمس مع المسؤولين الفلسطينيين والأمين العام للجامعة العربي نبيل العربي.
وقال كيري للصحافيين: «محور المحادثات ركز على قلقنا العميق إزاء الأوضاع على الأرض في إسرائيل والضفة العربية والدعوات المتزايدة من المجتمع الدولي لاتخاذ تدابير دبلوماسية للتصدي لهذه الأوضاع، وليس هذا هو الوقت المناسب للتحدث أو التكهن بشأن قرار لمجلس الأمن لم يتم طرحه بعد، وبغض النظر عن التصريحات التي خرجت علنا حول ذلك فإن هناك شعورا مشتركا بالحاجة إلى العمل بشكل عاجل بالنظر إلى التهديدات المستمرة في التصعيد ومخاطر دوامة العنف».
وقال كيري إن ما يحاول القيام به خلال لقاءاته المكثفة هو «إجراء محادثات بناءةة مع الجميع لإيجاد أفضل طريقة للمضي قدما من أجل تهيئة المناخ للعودة إلى المفاوضات». وأضاف: «نتفهم مشاعر الإحباط لدى الفلسطينيين والرئيس (الفلسطيني محمود) عباس وأنهم لا يرون فائدة دورة أخري من المفاوضات، لذا فإن المفتاح لحل ذلك هو محاولة البحث إذا كان هناك خيارات أخرى وسبل أخرى يمكن أن تدعم عملية يخضع لها الإسرائيليون وتحرك احتياجات المنطقة وتنزع فتيل المواجهات، هذا ما نسعى لتحقيقه».
وتعمل فرنسا مع كل من بريطانيا وألمانيا على تقديم مشروع قرار ينص على استئناف سريع للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وفقا لقواعد التعايش السلمي بين دولة فلسطينية وإسرائيل والانتهاء من التوصل إلى تسوية حول القضايا العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال عامين دون أن يشير إلى تحديد موعد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وقد قامت باريس خلال الأسابيع الماضية بمشاورات مع لندن وواشنطن وعمان لإعداد نص توافقي يمكنه أن يحصد تأييد أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر. وأشار مسؤول بالخارجية الأميركية إلى أن الولايات المتحدة أكثر انفتاحا لمشروع القرار الفرنسي، لكنها لم تحسم أمرها بعد حول التصويت حول المشروع الفرنسي.
وصرح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأن محادثاته مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تركزت حول الصيغة التي تقترحها فرنسا لمشروع القرار المقدم لمجلس الأمن. وقال: «نعمل مع فرنسا من أجل اعتماد كل الملاحظات والتعديلات الفلسطينية على مشروع القرار»، مشيرا إلى أنه اطلع الجانب الفرنسي على الملاحظات الفلسطينية في ما يتعلق بعدم الإشارة إلى موضوع «يهودية دولة إسرائيل»، وقال: «تم الاتفاق حول كل ملاحظاتنا وأهمها أنه لن تتم الإشارة إلى موضوع يهودية دولة إسرائيل، وفي حال اعتماد كل ملاحظاتنا فإن فرنسا ستقدم الصيغة المعدلة إلى مجلس الأمن والتي تقترح مفاوضات لمدة عامين، ونحن طلبنا مفاوضات لمدة عام فقط وخلال العام الثاني يتم التفاوض على الانسحاب وتفكيك الاحتلال لأراضي دولة فلسطين».

* السيناريوهات المتوقعة
- الخلافات الأميركية العربية والفرنسية حول المشروعين المطروحين على الطاولة (العربي والفرنسي) تجعل كل الاحتمالات مفتوحة.
- إذا وافقت الولايات المتحدة على المشروع الفرنسي فإنه سيصار على الأغلب إلى إدخال تعديلات مقبولة من كل الأطراف، على أن يطرح في مجلس الأمن هذا الشهر أو الذي يليه للتصويت عليه.
- إذا رفضته الولايات المتحدة فيبقى تقديمه رهنا بالاتفاق بين العرب والفلسطينيين من جهة والأوروبيين من جهة أخرى على إدخال تعديلات عليه وعرضه على الرغم من معارضة الولايات المتحدة.
- إذا فشلت المفاوضات جميعها حول المشروع الفرنسي فإن الأردن ممثلا للعرب والفلسطينيين سيطرح مشروع إنهاء الاحتلال بغض النظر عن المواقف الأميركية والفرنسية منه.

* المشروع العربي لإنهاء الاحتلال
- مشروع فلسطيني عربي يتكون من 14 فقرة، تبدأ بالطلب من مجلس الأمن تحقيق حل سلمي قائم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 وتحقيق رؤية قيام دولتين، دولة فلسطين الديمقراطية المستقلة وذات السيادة والمترابطة جغرافيا والقادرة على الحياة جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في سلام وأمن وضمن حدود معترف بها على أساس حدود ما قبل عام 1967.
ويدعو مشروع القرار إلى تكثيف الجهود من خلال المفاوضات لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم للصراع العربي الإسرائيلي القائم على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومن بينها قرار 242 (1967) و338 (1973) و1397 (2002) و1515 (2003) و1850 (2008) ومرجعية مؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية للسلام وخارطة الطريق التي صاغتها اللجنة الرباعية. وبناء على هذه المبادئ يتم اتخاذ الخطوات التالية:
1. تقوم إسرائيل، سلطة الاحتلال، بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية كافة، بأقصى سرعة ممكنة وضمن إطار زمني محدد بحيث لا يتجاوز شهر نوفمبر 2016 وتحقيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره.
2. حل عادل لوضع القدس كعاصمة لدولتين.
3. حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة 194 لعام 1947.
ويطالب القرار الأمين العام بتقديم تقرير خلال 30 يوما من تاريخ اعتماد مشروع القرار حول تشكيل إطار دولي لمتابعة التنفيذ وتقديم تقارير دورية لمجلس الأمن كل 30 يوما.

* المشروع الفرنسي
- ينطوي على ترتيب مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل تحت مظلة مؤتمر دولي لإطلاق «محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بمشاركة جميع الأطراف المعنيين خلال فترة أقصاها 24 شهرا. وينص على أن تلتزم إسرائيل في حال استئناف المفاوضات الثنائية بالإعلان عن التزامها بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مع تبادل أراض متساو في المساحة والنوع وإقامة دولة فلسطينية تكون عاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل عادل ووفق المعايير والقرارات الدولية.
يتضمن المشروع الاعتراف بالدولة اليهودية من خلال كتابة بند حول القرار 181 وتوضيح أنه ينص على دولة عربية ودولة يهودية، إضافة إلى اقتراحات أخرى تتحدث عن إعادة توطين وتعويض اللاجئين الفلسطينيين، ونزع سلاح الدولة الفلسطينية.