الكتل النيابية منقسمة بين حكومة الوحدة الوطنية والتكنوقراط

ما أن انتهى الرئيس حسان دياب من تلاوة بيان استقالة حكومته، حتى انكبت القوى السياسية والكتل النيابية على البحث في شكل الحكومة التي ستخلف الحكومة المستقيلة ومهمتها، إلا أن هذه القوى والأحزاب التي يتشكل منها البرلمان اللبناني، سرعان ما أظهرت انقسامها حيال الحكومة الجديدة، إذ يطالب فريق الأكثرية النيابية (فريق 8 آذار) بحكومة وحدة وطنية، مقابل موقف شبه جامع لفريق المعارضة، الذي يتمسك بحكومة حيادية ومؤقتة ذات مهام محددة، تتمثل بإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية، وإعادة بناء العلاقات مع العالمين العربي والغربي.
ولم تختلف أحزاب وتيارات ما كان يعرف بفريق «14 آذار»، على توصيف شكل الحكومة وأولوياتها؛ حيث دعا عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» (الحزب التقدمي الاشتراكي) النائب بلال عبد الله، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «تشكيل حكومة ذات مهمة عاجلة تعمل على الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي طلبها المجتمع الدولي، وتبدأ بالانفتاح على العالم العربي، وتُحضر لانتخابات نيابية مبكرة». وشدد على «ضرورة الاستماع إلى مطالب الناس في الشارع الراغبة بحكومة إنقاذ وطني، تلبي تطلعاتهم». وقال: «إذا طُرحت حكومة وحدة وطنية شبيهة بالحكومات السابقة، فلن نشارك فيها، ولن نكون شهود زور على بيانات وزارية تكتب على الورق، ولا يُنفذ منها شيء».
ولم يختلف موقف «القوات اللبنانية»، إذ شدد عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد لـ«الشرق الأوسط» على أهمية «الاتفاق على حكومة مؤقتة تهتم بالاقتصاد والإعمار وتضع برنامجاً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة تعيد إنتاج السلطة من رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي والحكومة». وأضاف: «لا بد من حكومة تكنوقراط من المستقلين ومن خارج الاصطفافات السياسية، ولبنان غني بالنخب والطاقات، سواء الموجودون في لبنان أو ممن هجرتهم السلطة إلى الخارج»، معتبراً أن «بناء الدولة يتطلب أمرين أساسيين هما، التخلص من سلاح (حزب الله)، والقضاء على الفساد الذي يحيط بالعهد (عهد الرئيس ميشال عون) والمحمي من العهد أيضاً».
وأوضح النائب سعد أن الكتلة ستجتمع خلال الساعات المقبلة، وستناقش في الأسماء المقبولة لرئاسة الحكومة، والتي توحي بالثقة، لافتاً إلى أن «الطائفة السنية زاخرة بالشخصيات الجديرة بتولي هذه المسؤولية».
ولا تزال كتلة «المستقبل» النيابية التي يرأسها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في مرحلة تقييم الوضع بعد استقالة حكومة حسان دياب، ورأى عضو الكتلة النائب هادي حبيش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «البلد يحتاج إلى حكومة إنقاذ قادرة على إدارة هذه المرحلة ومعالجة الأزمات الكبرى». وعما إذا كان تيار «المستقبل» يوافق على حكومة وحدة وطنية يُطالب بها رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي، قال: «الحاجة ملحة اليوم إلى حكومة إنقاذ، سواء أكانت حيادية أم حكومة وحدة وطنية، بحيث إن لكل مرحلة ظروفها»، ورداً على سؤال عما إذا كانت الكتلة ستسمي سعد الحريري لرئاسة الحكومة بالاتفاق مع الحلفاء، لفت حبيش إلى أن الرئيس الحريري لم يضع تصوراً بعد.
وشدّدت كتلة «التنمية والتحرير» (برئاسة الرئيس بري) خلال اجتماعها أمس على وجوب «الإسراع بتشكيل حكومة جامعة تكون قادرة على إنقاذ الوطن وإعادة ثقة أبنائه وثقة المجتمع الدولي والعربي بالدولة وأدوارها». ورأت أنه في «اللحظة المصيرية تجدد الكتلة التزامها وتمسكها بالحوار سبيلاً وحيداً لمقاربة العناوين والقضايا الخلافية كافة، وفي مقدمها الاتفاق والإسراع نحو إقرار قانون للانتخابات النيابية، على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ، والعمل مع كل المخلصين من أجل الوصول إلى الدولة المدنية».
من جهته، قال رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل: «الأولوية الآن هي للإسراع بتأليف حكومة منتجة وفاعلة وإعادة بناء الثقة بالدولة، ونحن في التيار أول من يسهل، وأول من يتعاون». من دون أن يحدد موقفه من شكل الحكومة، وما إذا كانت سياسية أم حيادية.