الفنادق تروّج لنفسها بالنظافة والتعقيم

عندما قام فيليبس بالحجز في فندق بالقرب من مدينة طليطلة الإسبانية مؤخراً، أعاقته طاولة أمام المنضدة من الاقتراب أكثر من الموظف الذي كان يرتدي قناعاً ويقف خلف نافذة بلاستيكية.
أفاد فيليبس، مدير تنفيذي بإحدى الشركات، خلال إقامته بفندق «أجنحة راديسون كونتري» أثناء زيارته للعائلة، بأن «المفتاح قد ألقي إليه بلطف من مسافة ثلاث أقدام».
اختفى بوفيه الإفطار في الفندق وأغلق مركز اللياقة البدنية، واقتصر استخدام المصعد على اثنين من المستخدمين في كل مرة. ولتقليل خطر الزيارات الشخصية لم تعد عاملة النظافة تأتي إلى الغرفة بصفة يومية لترتيب السرير بعد أن يغادر النزيل الحجرة.
أدى انتشار الوباء إلى حدوث تراجع تاريخي في صناعة الفنادق حيث انخفض متوسط إشغال الفنادق إلى 22 في المائة في أواخر مارس (آذار) قبل أن يرتفع بنسبة ما زالت ضعيفة وهي 48.1 في المائة في 25 يوليو (تموز)، وفقاً لشركة «إس تي آر» لأبحاث السوق. لذا شرعت الفنادق في جميع أنحاء البلاد في التحول لاجتذاب المسافرين المحتملين في محاولة لإبعاد مخاوف التنقل والسفر من أذهانهم.
تشير بعض الأبحاث الجديدة إلى أن المسافرين قد يكون لديهم وجهة نظر معينة حيث توصلت دراسة من المقرر نشرها في سبتمبر (أيلول) في «مجلة الأمراض المعدية المستجدة» - لكنها نشرت بالفعل من قبل مراكز الحد من الأمراض والوقاية منها على موقعها الإلكترونية - إلى أن الأشخاص المصابين بفيروس «كورونا» قد أصيبوا بها جراء ملامسة أغطية الوسائد والألحفة والشراشف ومفاتيح إضاءة الغرف ومقابض باب الحمام والصنبور.
وفي الحملة التسويقية التي أطلقتها شركة «ويندهام للفنادق والمنتجعات» للدعاية لأساليب التغلب على الجائحة التي حملت عنوان «اعتمد علينا»، أشارت الشركة إلى استخدام منتجات التنظيف ذاتها التي تُستخدم في «المستشفيات»، وعرضت مقاطع مصورة توضح مستوى النظافة وعاملات النظافة يقمن بتنظيف الردهات ومسح المناطق العامة وتعقيم عربات الأمتعة ومقابض الأبواب والطاولات.
ولمزيد من الإيضاح، أفادت ليزا تشيتشيو، مديرة التسويق بفندق «ويندهام» - الشركة الأم لسلسلة فنادق «دايز إن» و«سوبر 8» و«لاقينتا» وأكثر من اثنتي عشرة علامة تجارية كبرى من بين فنادقها البالغ عددها 6000 فندق - بأنه «في الماضي ربما كنا نقوم بتنظيف الفنادق في الليل لأن الناس لا ترغب بالضرورة في رؤية العمال وهم ينظفون».
يتضمن برنامج هيلتون الجديد الذي حمل الاسم التسويقي «كلين ستاي»، ويعني إقامة نظيفة، إبرام شراكة مع الشركة المنتجة لمستحضرات التنظيف «ليسول» لاستخدام منتجات الشركة وعرض شعارها بشكل بارز. تتضمن عمليات تنظيف الغرف التركيز لوقت أطول على «المناطق عالية اللمس» مثل مفاتيح التحكم في الإضاءة ودرجة الحرارة والمقابض والهواتف الأرضية والساعات وبالطبع جهاز التحكم عن بعد «الذي يعد واحدا من أهم عوامل نقل العدوى»، بحسب فيل كورديل، مدير تطوير العلامة التجارية في هيلتون، الذي استدعى مثالا بأن أحد النزلاء قام بلف بطانة بلاستيكية حول جهاز التحكم عن بعد قبل استخدامه خوفا من ملامسته، مضيفا أن «الناس يشعرون بالذعر، وكذلك باتوا يتحلون بوعي كبير».
خلق الاهتمام بالنظافة أمورا أخرى. فنظراً لأن العاملين مطالبون بارتداء أقنعة الوجه، فقد شرعت سلسلة فنادق «هيلتون» التي تمتلك فنادق في جميع أنحاء العالم، بتجربة إيماءات اليد للتعبير عن دفء المشاعر والترحيب بالضيوف مثل رفع القبعة، حال كانت هناك قبعة، أو وضع راحة اليد على القلب.
توصلت استطلاعات رأي أجرتها شركة فنادق «تشويس هوتلز» التي تمتلك علامات تجارية مثل «كواليتي إن» و«إيكلونج» إلى أن المسافرين طالبوا بوجبات إفطار جاهزة، وليس بوفيهات واشترطوا فقط الفاكهة ذات القشرة مثل الموز أو البرتقال بدلاً من التفاح أو الفراولة. ووجدت أيضاً أن الضيوف المحتملين يريدون مساحة مفتوحة في الهواء الطلق، لذلك قامت الفنادق بتجديد مواقع الإنترنت الخاصة بعلامتها التجارية الراقية مثل «كمبريلا» لتسليط الضوء على صور حمامات السباحة وأماكن الجلوس على السطح. كذلك طلبت بعض الفنادق من النزلاء بعمل حجوزات مسبقة للمسبح للحفاظ على كثافة منخفضة.
وفي السياق ذاته، قال بيورن هانسون، مسؤول الضيافة السابق بجامعة نيويورك الذي أمضى سنوات في العمل داخل تلك الصناعة، إنه نظراً للأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها هذه الصناعة، فإن بعض التغييرات التي نقوم بها تكلف القليل وربما توفر المال. على سبيل المثال، يمكن للفنادق توفير مال صيانة الغرف بعدم تنظيف الغرف كل يوم، أو بعدم وضع الضيوف في غرف مجاورة، كما فعلت بعض الفنادق، نظرا لعدم وجود إشغال كافٍ، مضيفا «أن السلامة لا تكلف بالضرورة المال، بل يمكن أن تكون سببا لتوفير المال».
غير أن بعض المسافرين المحتملين أفادوا بأنهم ليسوا مستعدين للعودة بصرف النظر عن التأكيدات المتعلقة بالتعقيم.
وفي هذا الصدد، قال، كيفين ميركوري، الرئيس التنفيذي لشركة علاقات عامة في نيويورك: «لقد أقمت لبعض الوقت في فنادق لطيفة في الماضي، لكن مستوى النظافة لم يكن مقبولا. إذا وجدت نفس هذا الحال الآن فسوف تكون العواقب كارثية»، لذلك قرر هو وزملاؤه مؤخراً عدم زيارة عميل في جورجيا لتجنب الإقامة في الفنادق بسبب «الخوف من العدوى».
بالنسبة للأشخاص الذين يقدمون على السفر، هناك ميزة واحدة وهي السعر، حيث تتوقع شركة «إس تي إر» لأبحاث السوق، أن متوسط تكلفة الإقامة الليلية الواحدة عام 2020 ستصل إلى 103 دولارات، مقارنة بمبلغ 131 دولاراً قبل عام في يوليو، كان متوسط السعر 97 دولاراً).
هناك وفر آخر أيضا، فقد اعتاد فيليبس ترك بقشيش لطاقم التنظيف وفعل ذلك مرة أخرى خلال إقامته الأخيرة في فندق «أجنحة كونتري إن» خارج مدينة «طليطلة».
قال فيليبس: «في اليوم الأول، تركت 20 دولاراً على الطاولة لعاملة النظافة مثلما أفعل دائماً. وعندما عدت وجدت المبلغ لا يزال موجودا في مكانه. لم يأت أحد لتسلمها».
* خدمة {نيويورك تايمز}