الدوري الإنجليزي ينجح في السير بالموسم الكروي إلى بر الأمان

يصل الموسم الأطول في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز إلى نهايته غداً، بعد قرابة عام على انطلاقه، لكن حقيقة أنه سينتهي على أرض الملعب هو سبب للاحتفال، بعد أشهر من حالة عدم اليقين التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد. فخلال الأيام المائة التي غاب فيها اللاعبون عن أرضية الملعب بين التاسع من مارس (آذار) و17 يونيو (حزيران)، بعد قرار تعليق الموسم نتيجة وباء «كوفيد-19»، كانت هناك شكوك كبيرة حيال إمكانية استئناف الدوري، لا سيما بعد أن أصبحت بريطانيا الأكثر تضرراً بالفيروس في القارة الأوروبية.
ولم تكن عودة أغنى دوري كرة قدم في العالم خالية من العيوب، وأبرزها غياب نقطة الاستقطاب الأبرز في «البريميرليغ»، أي الجمهور الحماسي، بعد قرار استكمال الموسم خلف أبواب موصدة، بمدرجات فارغة من عشاق الكرة المستديرة. ومن وقت مستقطع في كل شوط لشرب المياه حتى في المباريات التي لعبت في أجواء إنجليزية ممطرة، إلى رفع عدد التبديلات لخمسة في المباراة لكل فريق، كلها عوامل طارئة عكرت سلاسة الدوري الممتاز الذي غالباً ما يروج لنفسه بأنه المنتج السريع الخطى. لكن في ظل الخراب المالي الذي كان سيسببه إلغاء الموسم، كان بالإمكان العيش مع هذه العيوب، وحتى مع بعض المباريات المملة جداً.
وبالنسبة للمدرب الألماني يورغن كلوب الذي قاد ليفربول إلى لقبه الأول في الدوري منذ 1990، فعلى المرء «الاستفادة من المتاح له بقدر الإمكان»، مضيفاً بعد أن رفع فريقه كأس الدوري، الأربعاء، في ظهوره الأخير للموسم على ملعبه: «كل شيء سيكون أفضل بوجود المشجعين، لكن كنا نعلم منذ أشهر بأن ذلك مستحيل. قبل بضعة أشهر مضت، اعتقدت أنه من المستحيل لعب كرة القدم».
ومن خلال العودة إلى الملاعب حتى خلف أبواب موصدة، تجنبت الأندية خسائر مالية تصل إلى مليار جنيه إسترليني، لكن الضرر المادي ما زال قائماً، إذ تواجه أندية الدوري الممتاز فاتورة خصومات تبلغ نحو 330 مليون جنيه إسترليني لصالح الشركات الناقلة نتيجة تعذر إكمال المباريات في الموعد المحدد. كما خسرت الأندية إيرادات التذاكر، في ظل اللعب بغياب الجمهور الذي لم تتأكد عودته إلى المدرجات حتى بالنسبة للموسم المقبل الذي ينطلق في سبتمبر (أيلول) المقبل.
ونجحت رابطة الدوري في إرضاء الشركات الناقلة، من خلال منحها حقوق نقل مزيد من المباريات التي تم عرض كثير منها على القنوات المفتوحة في المملكة المتحدة، وذلك ضمن جدول زمني مخصص للتلفزيون، شهد 4 أيام فقط من دون مباراة منقولة، منذ العودة في 17 يونيو (حزيران) حتى 22 من الشهر الحالي. وكان لنقل المباريات على القنوات المفتوحة إيجابية إضافية، تتمثل في الحفاظ على اهتمام الجمهور الذي بلغ عدداً قياسياً، قدره 5.7 مليون مشاهد في مباراة نقلتها «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، وفاز بها ساوثهامبتون على مانشستر سيتي (1-صفر).
ومن خلال استكمال الموسم في أرضية الملعب، تجنب الدوري الممتاز كثيراً من الدعاوى القضائية من الفرق المعنية بالهبوط إلى الدرجة الأولى والصعود إلى الممتازة، أو تلك التي تملك فرصة المشاركة القارية في دوري الأبطال والدوري الأوروبي (يوروبا ليغ). ونال ليفربول فرصة الفوز باللقب الأول منذ 30 عاماً، من دون الاضطرار إلى الدخول في معادلات حسابية معقدة. كما نالت الفرق الأخرى فرصة القتال على المقاعد المؤهلة إلى المسابقتين القاريتين أو البقاء في الدوري الممتاز حتى اليوم الأخير من الموسم.
والمخاوف من أن الدوافع المالية لـ«مشروع الاستئناف» تطغى على أهمية سلامة اللاعبين، عولجت من خلال برنامج اختبار صارم، متمثل بإخضاع الجميع لفحصي «كوفيد-19» في الأسبوع، وكانت النتائج مطمئنة باكتشاف 8 حالات إيجابية فقط، من أصل 15.599 اختباراً، خلال الأسابيع الخمسة الماضية. كما أعطى «مشروع الاستئناف» فرصة للدوري الممتاز لكي يكون منصة عالمية لدعم حركة «حياة السود مهمة» التي كسبت زخماً جديداً نتيجة مصرع المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد اختناقاً على يد شرطي أبيض في مينيابوليس في 25 مايو (أيار) الماضي.
وعلى أرض الملعب، كانت هناك أيضاً إشارات مطمئنة بخصوص مستقبل الكرة الإنجليزية، ببروز نجم لاعبين واعدين خلال الأسابيع الخمسة الماضية، مثل مايسون غرينوود (مانشستر يونايتد)، وفيل فودن (مانشستر سيتي)، أو بوكايو ساكا (آرسنال). لكن أسوأ المخاوف التي شغلت الدوري الممتاز قبل اتخاذ قرار العودة، تحققت الأربعاء، بعدما تجاهل مشجعو ليفربول وليدز يونايتد الدعوات للبقاء في منازلهم، والاحتفال من هناك بلقبي الدوري الممتاز للأول والدرجة الأولى للثاني. وأوقفت الشرطة 13 شخصاً في مدينتي ليفربول وليدز على هامش احتفالهم وخرقهم لقوانين حظر التجمعات الكبيرة، لكن ما حصل لم يكن سوى عثرة مرت بسلام، ولن يقلل من نجاح الدوري الإنجليزي في السير بالموسم إلى بر الأمان.