إقدام السراج على تأسيس جهاز لـ«الحرس الوطني» يفجّر جدلاً سياسياً حاداً

أثار إقدام المجلس الرئاسي الليبي، الذي يقوده فائز السراج، على تأسيس جهاز لـ«الحرس الوطني» في مناطق غرب البلاد، حالة من المخاوف والتوجس، وفجّر جدلاً حاداً بين الفرقاء السياسيين؛ حيث رأى غالبيتهم أن هذا الجهاز المرتقب «سيكون بوتقة تنصهر فيها صفوة الميليشيات»، التي لها دور بارز في الحرب الدائرة الآن، وأكدوا أنه سيواجه مجموعة من العقبات الدستورية والقانونية.
وقال سياسيون ليبيون إن اللجوء إلى فكرة «الحرس الوطني» جرت دراستها من قِبل السلطات التنفيذية قبل نحو عام على الأقل، وذلك إثر فشل «الحرس الرئاسي» في تنفيذ المهمة الموكلة إليه، مشيرين إلى أن الفكرة وجدت صدى في اتجاه التنفيذ «بعد دخول تركيا على خط إعادة هيكلة بعض المؤسسات الأمينة في البلاد».
وقال المحلل السياسي صلاح البكوش، المستشار السابق بالمجلس الأعلى للدولة، إن هناك مادة في قانون سبق أن أصدره «المؤتمر الوطني العام» (المنتهية ولايته) بشأن إنشاء «الحرس الوطني»، واشترط أن تكون ولايته تابعة للسلطة التشريعية، وليس لـ«القائد الأعلى»، ورأى أن «المشكلة القانونية تتمثل في كيفية إصدار قانون بحرس وطني وهناك قانون آخر من جسم تشريعي».
ووفقاً للاتفاق السياسي، الموقع في مدينة الصخيرات المغربية، فإن القائد الأعلى للجيش الليبي هو السراج، وبالتالي فإن الموالين له يرون أنه «أحق بتنفيذ القانون، وإصدار ميزانية لتفعيله على الأرض»، لكن هناك من يعارض هذا التوجه ويعتبره «مخالفة دستورية».
وعبّر كثير من السياسيين المناوئين لجبهة السراج عن مخاوفهم من تشكيل هذا الجهاز، ورأوا أنه سيكون «أداة بطش» لتنظيم «الإخوان» وتركيا في غرب ليبيا، وأنه «سيقود البلاد إلى ميليشيات جديدة، لكنها مشرعنة».
وقال الدكتور عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، في «المؤتمر الوطني» السابق، في تصريحات سابقة، إن «الجهاز المرتقب ستستغله (جماعة الإخوان)، وستنطلق منه جماعات إرهابية، ستمثل خطورة على البلاد، وصولاً إلى شمال أفريقيا».
في السياق ذاته، تخوف مسؤول عسكري، مقرب من حكومة «الوفاق» في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، من أن تشكيل هذا الجهاز «سيمثل فتنة» بين المجموعات المسلحة، التي ساندت «الوفاق» في حربها ضد ما أسماه بقوات «العدوان». في إشارة إلى «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر. وقال إن «مجموعات كبيرة من كتائب ثوار فبراير (شباط)، الذين ساهموا في إسقاط نظام (الرئيس الراحل معمر) القذافي، يريدون الانضمام إلى جهاز الحرس الوطني كي يثبتوا للسراج أنه أخطأ عندما أسند مهمة الحرس الرئاسي إلى غيرهم، وأنهم فشلوا في ذلك رغم ملايين الدينارات التي اعتمدت لهذا الهدف».
وكشف المسؤول العسكري، الذي تحفظ على ذكر اسمه، عن بعض جوانب الصراع القادم، وقال إن ما أسماهم بـ«المجموعات المسلحة (الميليشيات) ستتنافس قريباً في الحصول على أكبر قدر من كعكة جهاز الحرس الوطني، خوفاً من أن تستولي عليها (كتائب الثوار)، وبالتالي نتوقع خلافات كثيرة وكبيرة قد تنشأ في طريق تأسيس هذا الجهاز، الذي ستتولى قيادات عسكرية تركية الإشراف عليه».
في شأن آخر، أعلن وزير داخلية «الوفاق»، فتحي باشاغا، أن الأجهزة الأمنية التابعة له تمكنت خلال اليومين الماضيين من القبض على خلية تابعة لتنظيم «داعش» في مدينة الزاوية، وقال إنها كانت تخطط «لتنفيذ عمليات إرهابية».
وسبق للأجهزة الأمنية القبض الأسبوع الماضي على أحد عناصر التنظيم بمنطقة أبوقرين. وفي هذا السياق، قال باشاغا في تدوينة عبر صفحته على «تويتر»: «ندرك تماماً المخاطر التي يشكلها الإرهاب على أمن شعبنا وازدهار بلادنا، ونعمل بجد على اجتثاثه».