البعثة الأممية تطالب بإغلاق مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا

دعت جمعيات إغاثية وحقوقية محلية بالإضافة للبعثة الأممية لدى ليبيا إلى إغلاق جميع مراكز احتجاز المهاجرين غير النظاميين في البلاد، وذلك تزامناً مع الذكرى الأولى للهجوم الدامي على مركز احتجاز تاجوراء، شرق العاصمة طرابلس، مشددة على ضرورة «المساءلة القانونية في كل التجاوزات التي وقعت بحق آلاف المهاجرين».
وتأتي هذه المطالب في ظل مباحثات أجرتها حكومة «الوفاق» مع نظيرتها الإيطالية في العاصمة روما بشأن تعديل المذكرة الثنائية الموقعة بينهما عام 2017 حول التعاون في مجال الهجرة، وسط معارضات داخلية بالبلدين.
وقتل ما لا يقل عن 52 مهاجراً وإصابة 87 آخرين بقصف جوي في حادث وصف بأنه الأشد فتكاً للمهاجرين في ليبيا، منذ بدء الهجوم على طرابلس في أبريل (نيسان) 2019. وخلص تقرير أعدته الأمم المتحدة في ختام «تحقيق سري» عن الحادث المأساوي إلى أن «طائرة حربية تابعة لدولة أجنبية» شنت هجوماً صاروخياً على مركز لاحتجاز المهاجرين في تاجوراء في الثالث من يوليو (تموز) 2019.
وقال الدكتور جمال المبروك رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية (Iocea)، لـ«الشرق الأوسط» إن هناك العديد من مراكز الاحتجاز في ليبيا تمارس بها انتهاكات جسيمة، خاصة التي تقع تحت سيطرة الميليشيات المسلحة مما يتطلب إغلاق جميع المراكز، داعياً إلى ضرورة تحسين الظروف المعيشية للمحتجزين فوراً، والاهتمام بفحصهم طبياً خصوصاً مع تزايد المخاوف من تفشي فيروس «كورونا».
وتضامن حقوقيون ومهتمون بملف المهاجرين في ليبيا مع المبروك، مطالبين بسرعة إغلاق مراكز الإيواء، محذرين من تحويل ليبيا إلى نقطة لتجميع المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من البحر المتوسط، وإعادتهم إلى الاحتجاز ثانية.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن نحو 49 ألف لاجئ يعيشون ظروفاً قاسية في ليبيا، وهو ما أكد عليه عدد من المهتمين بملف حقوق الإنسان بالبلاد.
في السياق ذاته قالت البعثة الأممية إن الهجوم على مركز تاجوراء الذي وقع قبل عام، «يؤكد الحاجة الملحة إلى إغلاق جميع مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، وإخلاء سبيلهم مع توفير الحماية والمساعدة لهم»، ورأت أن ليبيا تكافح للتصدي لجائحة (كوفيد - 19) في وقت «يتم احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء ممن هم عرضة لخطر الإصابة بالوباء بالنظر إلى رداءة الصرف الصحي وسوء الأوضاع الصحية العامة واكتظاظ مراكز الاحتجاز». وذهبت البعثة في بيان لها نهاية الأسبوع الماضي، إلى أن «الاحتجاز الإلزامي، أو لأجل غير محدد في سياق الهجرة أمر تعسفي في حد ذاته، بالنظر إلى أنه يجب أن يكون مبرراً ومتناسبا في ضوء الظروف السائدة، وأن يعاد تقييمه إذا طال أمده».
وقالت البعثة إنه وفقاً للتقرير العلني الصادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان فإن الهجوم الذي وقع في تاجوراء، قد «يرقى إلى جريمة حرب»، وبالتالي فإن «عدم نقل المحتجزين من المناطق القريبة من أي أهداف عسكرية محتملة أو عدم نقل أهداف عسكرية كانت متموضعة جوار مركز الاحتجاز يعد عملاً يرجح أنه ينتهك الالتزام الذي يقتضيه القانون الدولي».
وتابعت: «الأمم المتحدة يساورها القلق من أن أكثر من 5 آلاف مهاجر وطالب لجوء قد تم اعتراضهم في البحر هذا العام وإعادتهم إلى ليبيا ويتعرضون هناك في كثير من الأحيان للاحتجاز التعسفي وانتهاكات حقوق الإنسان وغير ذلك من التجاوزات»، مستكملة: «لا تزال التقارير تتوالى عن وقوع عمليات قتل وتعذيب وعنف جنسي واحتجاز تعسفي وحالات اختفاء قسري واتجار بالمهاجرين وبيعهم في ليبيا، والتي قد تشكل، حسب الوقائع الدقيقة، جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب». وكانت اللجنة الإيطالية - الليبية المشتركة، اجتمعت في أول لقاء لها عقدته الخميس الماضي، في روما، بهدف تعديل المذكرة الثنائية الموقعة عام 2017 بين روما وطرابلس حول التعاون في مجال الهجرة غير المشروعة. والمذكرة التي كانت مدتها ثلاث سنوات فقط، وتلقى معارضة داخلية لدى قطاعات مختلفة في البلدين جرى تجديدها آليا لحين اتفاق الطرفين على تعديل بعض بنودها، وسط تخوفات ليبيين من أن تؤدي التحسينات التي تطالب بها إيطاليا إلى إعادة تمركز المهاجرين في ليبيا في ظل الإصرار على إعادة الفارين من قبل البحر المتوسط إلى مركز الإيواء ثانية.
وقالت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان نقلته وكالة «آكي» الإيطالية، إن «الطرف الإيطالي أكد خلال الاجتماع، أنه يهدف إلى إحداث نقطة تحول كبيرة في مجال التعاون مع ليبيا في إدارة تدفقات الهجرة غير النظامية».