سلطات الجزائر تفرج عن أبرز وجوه «الحراك الشعبي»

قرّر القضاء الجزائري أمس الإفراج عن المعارض كريم طابو، أحد رموز الحراك البارزين، و ثلاثة ناشطين آخرين, ما قد يكون مؤشرا لقرارات أخرى مماثلة بخصوص موقوفين آخرين عشية ذكرى الاستقلال. وقال المحامي عبد الغني بادي لوكالة الصحافة الفرنسية: «قُبل طلب الإفراج المؤقت، وسيغادر كريم طابو السجن».
وكان طابو الموقوف منذ 26 من سبتمبر (أيلول) الماضي، يقضي عقوبة بالسجن لمدة سنة واحدة بعد الحكم الصادر في حقه في 24 من مارس (آذار) بتهمة «المساس بوحدة الوطن». وخلال المحاكمة رفض طابو المثول أمام القاضي، دون حضور هيئة دفاعه المكونة من نحو مائتي محام متطوع. وبعد رفض طلبه، أصيب بارتفاع في الضغط ونقل إلى العيادة، ولم يحضر النطق بالحكم.
من جهته، قال المحامي والقاضي السابق عبد الله هبول: «كان يفترض أن يغادر كريم طابو السجن في 26 من مارس» الماضي بعد انقضاء فترة سجنه، وفقا للحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية، الذي قضى بسجنه لمدة ستة أشهر نافذة وستة مع وقف التنفيذ، لكن محكمة الاستئناف حوّلت الحكم إلى سنة نافذة.
وكان رئيس حزب «جيل جديد» جيلالي سفيان قد أعلن في الثاني من يونيو (حزيران) الماضي أن الرئيس عبد المجيد تبون تعهد بالإفراج عن كريم طابو مع ناشط سياسي آخر في الحراك سمير بلعربي. وأكدت الرئاسة الجزائرية الخبر، مشيرة إلى أن «طلب الإفراج سيتم وفق القانون، ومع احترام استقلالية القضاء». ورحبت المنظمات الحقوقية بقرار القضاء الجزائري. وكتب نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد صالحي، على «تويتر»: «أخيرا كريم طابو حرّ، ارتياح كبير في انتظار البقية».
فيما كتبت منظمة العفو الدولية «خبر سارّ».
وكانت المنظمة الدولية قد طلبت، عبر حملة دولية، الإفراج الفوري واللامشروط عن طابو، وعن جميع الموقوفين بسبب مشاركتهم في الحراك الاحتجاجي ضد السلطة، الذي بدأ في فبراير (شباط) 2019 ونجح في الضغط، ما دفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى التنحي في أبريل (نيسان) 2019، لكن الحراك تواصل للمطالبة برحيل كل رموز نظام بوتفليقة، ورفض الانتخابات الرئاسية التي أنت بتبون رئيسا. قبل أن تتراجع وتيرته مع بدء تفشي فيروس «كورونا» المستجد في الجزائر. بينما تكثفت حملة اعتقالات الناشطين ومحاكماتهم خلال هذه الفترة. ويوجد في السجن حالياً نحو 70 ناشطاً مناصرا للحراك، وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن الموقوفين، وهي منظمة أسسها محامون وحقوقيون لدعم نشطاء الحراك.
واعتبر المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي، الذي يحضر أغلب محاكمات نشطاء الحراك، قرار الإفراج عن طابو «مرحّبا به»، بقوله: «أنا مسرور له ولعائلته. وننتظر الإفراج عن جميع الموقوفين، لأن ذلك سيكون فعلا مؤشر تهدئة» من السلطة المتهمة بقمع الناشطين في الحراك.
وبمناسبة الذكرى الـ58 لعيد الاستقلال، المصادف للخامس من يوليو (تموز) أصدر الرئيس تبون أول من أمس عفواً عن ستّة سجناء، بينهم ناشطون على صلة بالحراك. وبحسب اللجنة الوطنيّة للإفراج عن المعتقلين، فإنّ ثلاثة على الأقلّ من الأشخاص الستّة المشمولين بالعفو، كانوا قد سُجنوا لصلتهم بالحراك.
كما افرج أمس عن الناشطة السياسية المعارضة أميرة بوراوي التي حُكم عليها قبل عشرة أيام بالسجن لمدة سنة، والتي أدينت بستّ تهم، منها «إهانة رئيس الجمهورية»، و«التحريض على التجمهر»، و«التحريض على كسر الحجر الصحي»، المفروض لمواجهة وباء (كوفيد - 19). و«نشر منشورات كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، من شأنها المساس بالوحدة الوطنية والأمن العام».
من جهة ثانية، أعلن الرئيس الجزائري خلال حفل عسكري بمناسبة عيد الاستقلال، أمس، أن بلاده ستسترجع رفات 24 مقاوما ضد الاستعمار الفرنسي.
وقال تبون في خطاب أمام قادة الجيش: «بعد ساعات ستحط بمطار هواري بومدين طائرات عسكرية قادمة من فرنسا، وعلى متنها رفات 24 من قادة المقاومة الشعبية ورفاقهم... واحتفالات هذه السنة بعيد الاستقلال ستكون أيضا لحظة من اللحظات الحاسمة في تاريخ الأمة، فهي تتميّز باسترجاع رفات مجموعة منْ شهداء المقاومة الشعبية الأبطال الذين تصدوا لبدايات الاحتلال الفرنسي الغاشم في الفترة ما بين 1838 و1865».
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعهد خلال زيارة للجزائر في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي بإعادة رفات الجزائريين الموجودة في متحف الإنسان في باريس.