الوقت المناسب

لا أشجع ليفربول، ولكني أعترف له بالتميز والتاريخ، فكعربي خمسيني في العمر، نشأت على بضعة أسماء أوروبية كانت هي الأبرز على أيامي، مثل ليفربول، وبايرن ميونيخ، وأياكس، ويوفنتوس، والإنتر، ومانشستر يونايتد، وبرشلونة، وريال مدريد طبعاً. وبالتأكيد ظهرت أسماء نافست لاحقاً، مثل مانشستر سيتي بعد صفقة شراء أبوظبي له وظهوره على الساحة كواحد من أقوياء القارة، وتشيلسي اللندني الذي أشجعه بعد قدوم الراحل ماثيو هاردينغ، ثم صفقة استحواذ الروسي رومان أبراموفيتش عليه، وتدفق الأموال وشراء النجوم، ما مكَّن النادي من تحقيق لقب الدوري لأول مرة منذ خمسين سنة بقيادة مورينيو، وظهور أندية جديدة قديمة تظهر حيناً وتخبو أحياناً على الصعيد الأوروبي، مثل آرسنال وفلانسيه ونابولي. وهناك أسماء لمعت على أيامي، مثل ليدز يونايتد، ونوتنغهام فوريست، وداربي كاونتي.
وعلى مدار سنوات طويلة، لم يكن هناك كثيرون من العرب يلعبون في الدوري الإنجليزي الذي أعتبره أقوى دوري في العالم (من دون منازع) بالحجج والبراهين وليس بالعاطفة. وأتذكر قدوم المغربي مصطفى حجي إلى كوفنتري ثم أستون فيلا، ومواطنه كشلول مع ساوثهامبتون. وأنا أتحدث عن أصحاب البصمة ممن بقوا في الذاكرة، ولا أتحدث عن تعداد للنجوم العرب الذين احترفوا في الدوري الإنجليزي، ولا عن الذين جربوا مثل السعودي سامي الجابر، أو حاولوا مثل العراقي نشأت أكرم، أو آخرين لم يتركوا أي بصمات، أو تركوا وراءهم جدلاً مثل المصري عمرو زكي الذي تألق في البداية مع ويغان وتصدر الهدافين، ثم تراجع مستواه بشكل كبير وسط جدل كبير، بينما أتذكر أيضاً التوانسة: الجعايدي، والنفطي، والطرابلسي، والجزائريين: موسى صايب، وبوقرة، وحليش، وسليماني، وبلحاج. ولا أنسى أول خليجي بصم في الكرة الإنجليزية، العماني علي الحبسي.
وممن عاصرت وجودهم في الدوري الإنجليزي، المصري ميدو مع توتنهام، والمحمدي مع هال وسندرلاند، والنني مع آرسنال، ولكن الأبرز بلا نقاش ومن نافس على جائزة أفضل لاعبي العالم، ومن توج أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، هو محمد صلاح، وقبله الجزائري رياض محرز، اللذان توجا باللقب، واحد مرتين مع ليستر ومان سيتي، والثاني مع تشيلسي والآن مع ليفربول الذي بات الرابح الأكبر من عودة الدوري، وهو الذي توج الخميس بعد فوز تشيلسي على مان سيتي، وهو ما دفع صلاح لأن يقول قبل المواجهة إنه الوقت المناسب كي يتوج ليفربول بعد 30 من السنوات العجاف. ويمكن لليفربول أن يضرب أكثر من عصفور بحجر لاحقاً، إذا ما توج صلاح هدافاً للدوري للمرة الثالثة على التوالي، ليكون ثالث لاعب في التاريخ يفعلها بعد آلان شيرر مع بلاكبيرن ونيوكاسل، والفرنسي تييري هنري مع آرسنال.
يستحق محمد صلاح كل الحب والتشجيع، كما استحقه ويستحقه الجزائري محرز وكل عربي يترك بصمته في أقوى دوري في العالم، ويجعلنا سعداء وفخورين أياً كانت بلاده وأياً كانت هويته، ما دامت هي عربية.