محمود قابيل: أستغلّ العزلة في القراءة والمشاهدة

أثار إعلان إصابة الفنانة المصرية رجاء الجداوي بفيروس «كورونا المستجد» ذعر جميع أفراد الطاقم الفني الذي عمل معها في مسلسل «لعبة النسيان» بموسم رمضان الماضي، وسعى أغلبهم لإجراء تحاليل للاطمئنان على أنفسهم؛ لكن الفنان محمود قابيل الذي جسَّد أحد الأدوار الرئيسة في المسلسل، فرض على نفسه قبل اكتشاف إصابة الجداوي، عزلاً اختيارياً في المنزل، رآه ضرورة لكل من شارك في أعمال فنية خلال الموسم الرمضاني.
في حواره مع «الشرق الأوسط»، يسرد قابيل أسباب قراره قائلاً: «كنا نصور مشاهد الحلقة الأخيرة من المسلسل يوم 28 رمضان، ومعنا الفنانة رجاء الجداوي، وجمعني بها مشهد واحد، وأغلب مشاهدها كانت مع دينا الشربيني والطفل آدم وهدان، كما كانت تحتضن دينا في بعض المشاهد. كانت رجاء بحالة صحية عادية، والغريب أننا كنا نتحدث طوال الوقت عن وباء (كورونا) وقلت لها: بمجرد انتهاء المسلسل سأدخل في فترة عزل اختيارية لمدة أسبوعين، وسأمتنع عن لقاء أي فرد من الأهل والأصدقاء حتى أطمئن على سلامتي؛ لأن الفيروس ينتقل عبر أشياء عدة، ومن الممكن أن ينتقل عبر أوراق السيناريو التي يوصلها لنا بعض العاملين.
وأثنت رجاء على الفكرة قائلة: عندك حق. صُدمت لخبر إصابتها؛ لأنها كانت حريصة جداً على إجراءات السلامة، وتناول فيتامينات تقوية المناعة، كما كانت مساعدتها تأتي لها بالمطهرات فتعقم يديها مراراً، وتدعو الجميع لذلك، وأتمنى أن تتجاوز الأزمة بدعوات محبيها، فهي إنسانة جميلة ومتصالحة للغاية مع نفسها، ومؤمنة بالله أشد الإيمان».
وعن ظروف تصوير المسلسل في ظل تفشي الوباء، يقول قابيل: إن «الشركة المنتجة كانت حريصة على سلامة فريق العمل، واتخذت عدة إجراءات احترازية، فاستعانت بطبيب طوال فترة التصوير، كان يتابع درجة حرارة فريق العمل، ويتأكد من إجراءات التعقيم خلال التصوير، ولكن القلق كان ينتاب الجميع، فلا أحد يعلم من أين تأتيه الإصابة.
وتضاعف قلقي لأن أسرتي تعيش بين أميركا وإسبانيا، فابني إبراهيم يعيش في كاليفورنيا، وأحمد في إسبانيا، ووالدتهما في تكساس، وكنا نحرص على أن نجتمع عبر (سكايب) كل أسبوع لنطمئن بعضنا على بعض، والحمد لله على سلامتهم».
ويؤكد قابيل أن «التزام الفنانين بتعاقداتهم مع شركات الإنتاج للمشاركة في المسلسلات ألزمهم باستكمال التصوير في ظل تفشي الوباء. وعلى الرغم من مطالبات البعض بضرورة وقف تصوير المسلسلات والأفلام حفاظاً على حياة العاملين بها، فإن عملية إنتاج الأعمال الفنية تعد سلسلة مرتبطة بعضها ببعض، فالفنان يخضع لضغوط جهة الإنتاج التي تقع تحت ضغوط القنوات الفضائية التي اشترت حق العرض، والقنوات نفسها تقع تحت ضغوط المعلن الذي تعاقد معها، وبالتالي فنحن جميعاً نعمل تحت ضغوط مجتمعة».
وجسد قابيل في «لعبة النسيان» شخصية يحيي الشيال، رجل الأعمال الثري، صاحب الماضي المشبوه والصفقات القذرة، الذي يتحول إلى شخص آخر تماماً بعد مقتل ابنه الأكبر، ويقول: «يحيى الشيال شخصية جمعت تناقضات عدة، ففي ماضيه المشين جرائم عديدة، وخيانات تسببت في انتحار زوجته، مما جعله يعيش بعقدة الذنب. ومقتل ابنه في حادث بشع، جعله ناقماً على زوجة ابنه، بينما يتعامل بحب كبير مع حفيده الذي يرى فيه عوضاً عن ابنه. والمسلسل مليء بالرسائل غير المباشرة، فهو يدعو الآباء إلى عدم التفرقة بين أبنائهم، فيحيى لم يكن يحب سوى ابنه الأكبر (ماجد)، وأهمل ابنه الآخر (نادر) الذي يصارحه في مشهد المواجهة بأنه لم يهتم به، وأنه سار على خطاه، وارتكب الجرائم حتى ينال رضاه، وهو يعترف في النهاية بأنه كان مسؤولاً عما ارتكبه ابنه من جرائم».
وعن اقتباس المسلسل من فورمات مسلسل إيطالي، يؤكد قابيل: «حين قرأت السيناريو أعجبني للغاية، ولم أشك في ارتباطه بالواقع المصري؛ لأن تامر حبيب هو أحد أفضل الموهوبين في مجاله، وكتب السيناريو ببراعة، وأعطى لكل شخصية حقها ورسم ملامحها الواضحة، فوصلت إلى الجمهور وصدَّقها. وقد تابعت تعليقات الناس على المسلسل الذي احتفظ حتى آخر حلقاته بالإثارة والتشويق».
وبسبب ضيق الوقت، انسحب المخرج هاني خليفة من تصوير المسلسل بعد أيام من بدء العمل، ويوضح قابيل: «إنه مخرج رائع، ومتمكن من عمله، ويحب أن يعطيه الوقت الكامل؛ لكنه اكتشف أن الوقت لن يكون مناسباً لتنفيذ العمل بالشكل الذي يتطلع إليه، فاعتذر، وأكمل مهمته المخرج أحمد شفيق. ولضيق الوقت كان لا بد من الاستعانة بالمخرجين تامر عشري، ومحمود عبد التواب، لضمان سرعة إنجاز التصوير. وبالفعل عمل الثلاثة وفق رؤية واحدة حكمت العمل، لذا لم يشعر المشاهدون بأي تفاوت في المستوى؛ بل بذل كل منهم جهداً كبيراً».
وجمعت مشاهد عديدة بين محمود قابيل والطفل آدم وهدان، الذي مثل شخصية حفيده، ويقول عنه: «هو طفل موهوب للغاية، وكنا نراجع المشاهد معاً قبل التصوير، ويسألني: جاهز يا جدو؟ فأسأله جاهز يا يايا؟ وظل طوال فترة التصوير يناديني بـجدو، وقد أحببته جداً، وأرى أن مستقبله سيكون كبيراً إذا استمر في التمثيل، فهناك أطفال تمتعوا بمواهب كبيرة ولم يستمروا، مثل شيرلي تمبل، وفيروز».
يقضي قابيل فترة العزل الذاتي في منزله، ويعتبرها فترة ضرورية لالتقاط الأنفاس، قائلاً: «أستغلها حالياً في مشاهدة حلقات المسلسل التي لم أتمكن من متابعتها كاملة بسبب ظروف التصوير، إلى جانب القراءة، فلدي مجموعة كتب مهمة، وأرى في فترة العزل هذه فرصة لقراءتها، كما أنني أعتدت على تحضير الطعام الصحي بنفسي».