إقبال لافت على شراء الدراجات بفعل عزلة «كورونا» في مصر

في محاولة للتكيف مع التغييرات التي فرضها فيروس «كورونا» على كثير من السلوكيات وتفاصيل الحياة اليومية، لجأ عدد كبير من المصريين خلال الآونة الأخيرة إلى استخدام الدراجات الهوائية في التنقل، تجنباً للزحام ومخاوف العدوى من التجمعات في وسائل المواصلات العامة. كما أغْرت أجواء حظر التجول فئات جديدة للإقبال على استخدام الدراجات الهوائية، وتفضيلها على سياراتهم الخاصة في التنقل بالأماكن القريبة في الأحياء التي يعيشون بها.
وشهدت حركة تجارة الدراجات الهوائية ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهور الماضية، وفقاً لما رصدته غرفة تجارة القاهرة. ويأتي الإقبال على استخدام الدراجات الهوائية في التنقل تماشياً مع مبادرات حكومية عدة انطلقت خلال العامين الماضيين، لحث المواطنين على استخدامها في التنقل، باعتبارها وسيلة مواصلات آمنة وصديقة للبيئة.
وارتفعت نسبة مبيعات وحجم تجارة الدراجات الهوائية بشكل ملحوظ خلال الشهور الخمسة الأخيرة، وفقاً للدكتور جمال عبد المعطي، رئيس شعبة الدراجات الهوائية والنارية بغرفة تجارة القاهرة، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الرصد الميداني من خلال التجار والموزعين أكد زيادة حجم مبيعات الدراجات الهوائية خلال الشهور الماضية بنسبة كبيرة، فقد كان لدينا مخزون كبير منذ بداية الشتاء الماضي بمخازن المستوردين والموزعين وكبار التجار، وأدى إقبال المواطنين على شراء الدراجات منذ بدء انتشار فيروس (كورونا) إلى بيع نسبة كبيرة من هذا المخزون».
ويُشير عبد المعطي إلى أن «زيادة الإقبال على شراء الدراجات الهوائية واستخدامها في التنقل خلال هذه الفترة، جاء أيضاً نتيجة تراكمية لتأثير المُبادرات الحكومية التي سعت خلال العامين الماضيين إلى نشر ثقافة استخدامها كوسيلة مواصلات آمنة، ونحن شركاء في هذه المبادرات مع مؤسسات الدولة، ونأمل أن نستأنف العمل عقب انتهاء فيروس (كورونا)».
وأطلقت الحكومة المصرية خلال العامين الماضيين عديداً من المُبادرات والمشروعات، بهدف نشر ثقافة استخدام الدراجات الهوائية في التنقل اليومي، باعتبارها وسيلة مواصلات آمنة وصديقة للبيئة، لتصبح بديلاً عن وسائل التنقل المُستهلِكة للوقود والملوِّثة للبيئة.
واتخذت الحكومة عديداً من الخطوات خلال العامين الماضيين لتشجيع مواطنيها على استخدام الدراجات الهوائية كوسيلة مواصلات بديلة؛ حيث بدأت مشروعاً تحت اسم «سكتك خضراء» بالتعاون مع كل من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والسفارة الدنماركية في القاهرة، بهدف تشجيع كافة فئات المجتمع على استخدام الدَّراجات الهوائية كوسيلة مواصلات بديلة عن الوسائل التقليدية، وتحسين الخدمات المُقدمة لراكبي الدراجات، من خلال إنشاء مسارات خاصة في الشوارع، وتخصيص مساحات لركنها على شكل رفوف في الساحات العامة وأمام النوادي والجامعات في العاصمة، على أن تُعمم التجربة في بقية محافظات الجمهورية، فضلاً عن البدء في إنشاء مصانع محلية لتصنيع الدراجات بهدف توفيرها بأسعار رخيصة للمواطنين، ضمن مُبادرة «دراجة لكل مواطن» التي انطلقت في أغسطس (آب) الماضي.
ويبلغ متوسط سعر الدراجة في مصر نحو 3 آلاف جنيه، (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، وينتشر استخدامها في التنقل والتسوق بين قطاعات واسعة من المصريين، أبرزهم العمال في المناطق الصناعية؛ حيث يخصص عديد من المصانع ساحات لركنها، كما تُستخدم الدراجات في أعمال تجارية متنوعة، مثل توزيع أنابيب البوتاجاز على المنازل، ونقل بعض البضائع خفيفة الوزن، كما يستخدمها عمال المطاعم في توصيل الطعام إلى المنازل.
«الخوف من الزحام واحتمالات العدوى دفعني إلى قضاء كل احتياجاتي بالدراجة»، هكذا عبَّر صبحي إسحاق، الموظف بالمعاش الذي يقيم بمدينة القاهرة، عن تطور علاقته بالدراجة، تأثراً بالتغييرات التي فرضها فيروس «كورونا» على تفاصيل الحياة اليومية، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أعد أذهب إلى أي مكان من دون الدراجة، وأستخدمها بشكل دائم في التنقل بالمناطق المحيطة؛ حيث أعيش بضواحي منطقة حلوان (جنوب القاهرة)، وهي عملية وجيدة في التسوق وشراء كافة احتياجات المنزل، كما أنها مفيدة صحياً كنوع من الرياضة يعوض عن الجلوس في المنزل فترات طويلة دون حركة، بسبب أجواء الحظر».