مصر تتوسع في تحديث «منظومة إدارة المياه» مع تصاعد أزمة «السد الإثيوبي»

مع تصاعد النزاع حول «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، شرعت الحكومة المصرية في التوسع باتجاه تحديث منظومة إدارة وتوزيع المياه، بما يمكنها من «الرَّصد الآلي» لمناسيب المياه، في إطار استراتيجية شاملة لحصر الموارد، وترشيد الاستهلاك. وتشكو مصر من ضعف مواردها المائية، إذ تعتمد بأكثر من 90 في المائة على حصتها من مياه النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، بينما تتحسب لنقص في تلك الحصة مع اقتراب إثيوبيا من ملء خزان «سد النهضة».
وبحسب بيان لوزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي، أمس، فإن الوزير طالب بـ«بذل فائق الجهد لضمان استمرارية تشغيل المنظومة الآلية للرصد والاتصال (التليمتري)، مع تشكيل وتفعيل أداء غرفة عمليات لمراقبة تشغيل المنظومة لضمان استمرارية تدفق مُخرجات المنظومة لتوفير بيانات إدارة المياه بصورة لحظية لمتخذي القرار ومسؤولي توزيع المياه على مستوى البلاد، لإمكان اتخاذ القرار الملائم في الوقت المناسب، مع مراقبة مناسيب المياه للتأكد من وصول المياه لنهايات الترع وعدالة توزيع المياه بين مختلف قطاعات المستخدمين».
وترتكز المنظومة المتطورة للرصد الآلي (التليمتري) على تدفق البيانات من عدد (250) محطة رصد تنتشر عبر النقاط الحاكمة والفاصلة على امتداد شبكتي الري والصرف بكافة أنحاء البلاد. وقال البيان إن المنظومة «أثبتت نجاحها كأداة فعالة في توفير بيانات دقيقة ومستمرة على مدار الساعة توضح حالة سريان المياه في المجاري المائية من خلال توفير البيانات بصورة لحظية على الهواتف المحمولة لمتخذي القرار والمسؤولين في جميع إدارات الري في مختلف محافظات مصر، وذلك باستخدام أحدث تكنولوجيات نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإنترنت الأشياء ومن دون أدنى تدخل للعنصر البشري». ويعد تشغيل المنظومة ضمن مخطط حكومي لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المائية، وترشيد استخدامها وتلبية احتياجات قطاعات الدولة من المياه، حيث تساهم منظومة التليمتري بفاعلية في مواجهة التحدي المائي بتقنين التصرفات وترشيد استخدام المياه. وتطبق مصر منذ عدة سنوات استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار. ويشمل البرنامج المصري بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، والتوسع في تنفيذ مشاريع الري الحديث، بما يوفر استهلاك المياه في الزراعة. وتصاعد النزاع بين مصر وإثيوبيا إثر رفض الأخيرة حضور اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي مع مصر والسودان بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي. أعقبه مباشرة إعلان إثيوبيا بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل في بحيرة السد، في يوليو (تموز) المقبل، متجاهلة تحذيرات مصرية ترفض أي إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحصتها من المياه.
وعقب ضغوط دولية لحل الأزمة، اتفقت مصر وإثيوبيا والسودان، الأسبوع الماضي على العودة إلى طاولة المفاوضات، دون أن يحدد حتى الآن موعد ومستوى الجولة القادمة. من جهة أخرى، أرسل فينسيت باملانجاكى، وزير الزراعة الأوغندي، ممثلا عن الحكومة الأوغندية، خطابا إلى وزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي، لـ«شكر بلاده للدعم الذي قدمته الحكومة المصرية للحكومة الأوغندية في مجال مقاومة الحشائش المائية بالبحيرات الاستوائية». وتعمل مصر على تقديم العون الفني والمالي لدول حوض النيل بهدف زيادة إيرادات النهر. وخلال الستة أشهر الماضية شهدت أوغندا ودول الهضبة الاستوائية سقوط موجة مرتفعة من الأمطار على بحيرة فيكتوريا، تسببت في ارتفاع مناسيب البحيرة إلى درجة غير مسبوقة، أدت إلى تحرك جزر من الحشائش وورد النيل غطت مسطحات كبيرة، تزيد على 100 فدان، باتجاه ميناء «بورتابل» وخزان أوين، مما تسبب في إغلاق محطة الكهرباء، والاضطرار لفتح بوابات الخزان لتصريف المياه. ووفق بيان لوزارة الموارد المائية المصرية، أمس، دفع المشروع المصري الأوغندي بمعداته لمقاومة الحشائش وإزالة الجزر التي كونتها الحشائش وورد النيل، مما ساهم في حماية محطة توليد الكهرباء بخزان أوين، وكذلك ميناء بورتابل، وتحسين سريان المياه، فضلا عن حماية المدن والقرى المطلة على بحيرة فيكتوريا بين كمبالا وموكونو وأمام السد في أوغندا. ويجري التعاون المصري الأوغندي في مجال المياه وفقا لبرتوكول مع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والأسماك الأوغندية، ويجرى حاليا تنفيذ 5 خزانات لحصاد مياه الأمطار في أوغندا.