تمديد المفاوضات النووية للمرة الثانية.. وجولة جديدة الشهر المقبل

فشلت إيران ومجموعة الدول الـ6 توقيع اتفاق يوفر حلا دبلوماسيا لقضية الملف النووي الإيراني وفق المهلة التي حدداها وانتهت أمس من دون نتيجة ملموسة. واتفقت الدول الـ6 مع إيران على تمديد المفاوضات، وللمرة الثانية منذ انتهاء المدة الأولى الصيف الماضي بعد التوصل إلى اتفاق «العمل المشترك» في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي. وكانت المفاوضات التي بدأت الثلاثاء الماضي بالعاصمة النمساوية فيينا قد انتهت ظهر أمس بالاتفاق بين وزراء خارجية الدول الـ6 ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف عن تمديدها حتى يونيو (حزيران) 2015 على أن تعاود الانعقاد قبل نهاية العام دون الإشارة لموقعها.
من جانبه، كان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قد أقر عقب نهاية وزراء الخارجية الـ7 والمبعوثة الإيرانية كاثرين أشتون أن إخفاقهم في التوصل لاتفاق في المهلة المحددة يعتبر «خيبة أمل»، مضيفا أن من الأفضل «تلمس الحقائق بدل المضي دون بصيرة»، منوها بما حققوه من تقدم مما حافظ على إمكانية المضي قدما والاستمرارية. وحدد الأول من مارس (آذار) المقبل القادم كموعد لاتفاق سياسي لتكتمل تفاصيله كافة في الأول من يوليو (تموز) المقبل.
إلى ذلك، أعلن هاموند أن إيران طيلة فترة التمديد ستحصل شهريا على مبلغ 700 مليون دولار من أرصدتها المجمدة.
وحاولت جميع الأطراف فرض «جو» من الإيجابية رغم الفشل في الاتفاق حتى على إطار سياسي عام. وأشاد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بما وصفه بنجاح كبير حققته عملية التفاوض من أجل الوصول لحل دبلوماسي لقضية الملف النووي الإيراني، موضحا أن العالم اليوم أكثر اطمئنانا عما كان عليه من قبل فيما يختص بهذه القضية، مبررا عدم توقيعهم لاتفاق في المهلة التي حددوها لكونهم يحتاجون وقتا لمزيد من العمل إذ أنهم ليس بصدد توقيع أي اتفاق، وإنما اتفاق صحيح عميق وقوي.
وقبل العودة إلى واشنطن، دافع كيري بقوة الاثنين في فيينا عن قرار إيران والدول الكبرى بتمديد المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني حتى صيف 2015. ورحب كيري «بالتقدم الحقيقي والمهم» الذي تم إحرازه بعد أسبوع من المداولات في العاصمة النمساوية، وحض المجتمع الدولي والكونغرس الأميركي على دعم تمديد المفاوضات. وقال في مؤتمر صحافي «ليس وقت التراجع الآن»، متوجها إلى الكونغرس الأميركي حيث الغالبية من الجمهوريين اعتبارا من يناير (كانون الثاني) المقبل «إننا نعتمد على دعمكم». لكن كيري حذر من أن «هذه المحادثات لن تكون أكثر سهولة بمجرد أننا نمددها. إنها شاقة وستبقى شاقة».
وبدوره، قال البيت الأبيض بأنه يجب إتاحة مزيد من الوقت لإيران للرد على المخاوف بشأن برنامجها النووي وأن فرض مزيد من العقوبات على طهران قد يكون ضارا وسط المحادثات. وأدلى جوش ايرنست المتحدث باسم البيت الأبيض في إفادة صحافية، قائلا: «أوضح الرئيس أيضا أن عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من التوصل إلى اتفاق سيئ لكننا نعتقد أنه تحقق تقدم كاف يبرر إتاحة مزيد من الوقت للنظام الإيراني للرد على مخاوف المجتمع الدولي بشأن برنامجهم النووي ووضع بروتوكول للاستمرار في طمأنة المجتمع الدولي على التزامهم بهذه الاتفاقات».
وخرج الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب متلفز أمس إلى شعبه، قائلا: إن «بلاده لم ولن تتراجع عن حقوقها النووية» إن أجهزة الطرد المرکزي لن تتوقف أبدا، مشددا على أن عجلة حياة الشعب ستتحرك بشکل أفضل. وتعهد مساء أمس في أن يكون الشعب الإيراني «المنتصر النهائي» في المفاوضات النووية وأن المستقبل سيکون «مشرقا». وتابع: «هذه الطريقة في المفاوضات ستؤدي إلى اتفاق نهائي. وقد تم ردم معظم الفجوات»، في إشارة إلى الخلافات التي تمنع تحويل اتفاق مرحلي إلى تسوية شاملة.
ويذكر أن إيران والمجموعة الدولية 5+1 التي تضم الدول الكبرى دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا وكاثرين أشتون المفوضة السابقة للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كانت قد نجحت بجنيف 24 نوفمبر 2013 في عقد اتفاق مرحلي حددته بـ6 أشهر قابلة للتمديد، يقضي بأن تحد إيران من نشاطها النووي المتهم بأبعاد عسكرية مقابل رفع محدود للعقوبات الدولية المفروضة لعدم امتثالها باتفاقات الضمان التابعة لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، وكانت أطراف جنيف قد مددته 20 يوليو الماضي لفشلها في الوصول لاتفاق.
هذا ولم يفاجئ الفشل في التوصل لاتفاق المراقبين إذ ظلت أطراف اتفاق جنيف تشير وحتى مساء الأحد لصعوبة المسار وكبر حجم الفجوة بينهما بسبب اختلاف حول القضايا الأساسية التي تمثلت في نسبة تخصيب اليورانيوم ووتيرة رفع العقوبات.
وتمسكت إيران بضرورة أن ترفع العقوبات كاملة ومباشرة حالما توصلا لاتفاق فيما أصر الجانب الغربي على ضرورة أن تؤكد إيران أولا التزامها بعدم التوسع في تخصيب اليورانيوم والحد مما تمتلكه من أجهزة الطرد المركزي ومما تخزنه مما خصبته من يورانيوم بجانب الاتفاق بشأن أنشطة نووية أخرى مثيرة للجدل بمفاعل أراك وفوردو موقع بارشين والتعامل مع الوكالة بكل شفافية والسماح للمفتشين الدوليين القيام بما يطلبونه من زيارات وعمليات مراقبة.
وكانت المفاوضات في جولتها هذه وهي العاشرة قد انعقدت سباعية كاملة مرة واحدة ظهر أمس واستمرت نحو ساعة، خرج بعدها وزير الخارجية البريطاني للإعلان عن التمديد.
وخلال الساعات القليلة من صباح أمس، خاض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مع نظيرة الأميركي جون كيري جولة أولى من المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني في العاصمة السويسرية فيينا، تلتها مباحثات خاصة بين كيري ومجموعة 5+1. قبل أن يشاركهم ظريف الاجتماع المنعقد. وفي إطار اللقاءات الثنائية التي يعقدها رئيس الوفد الإيراني مع رؤساء وفود مجموعة القوى الغربية الـ6، التقى ظريف نظيره الصيني وانغ يي، لإطلاعه على آخر مستجدات المفاوضات التي بدأت منذ العشرين من الشهر الجاري. تلتها مباحثات خاصة مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، وأخرى مع وزير خارجية أميركا جون كيري.
وتواصلت الجولة الثانية من المحادثات الثلاثية استمرت ساعتين لتضم وظريف ونظيره الأميركي وأشتون، سبقتها اجتماعات جانبية ناقشت تطورات الوضع الراهن. واستمرت سلسلة اللقاءات الثنائية لتشمل مباحثات خاصة ما بين وزير خارجية أميركا جون كيري ونظيره الصيني وانغ يي، وأخرى مع كل من مبعوثة الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، ومن ثم وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف.
وبعد المباحثات الأميركية مع أشتون، التقت مبعوثة الاتحاد الأوروبي بوفود مجموعة 5+1 لتطلعهم على آخر مستجدات الملف النووي، فيما عقد كيري وظريف مباحثات سريعة استمرت أقل من 45 دقيقة، تلتها مباحثات موسعة بين كيري وأشتون ومجموعة 5+1، فيما شاركهم ظريف الاجتماع في وقت لاحق.
من جهة أخرى، التقى كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين للمرة الثانية على التوالي بعد اجتماع أول من أمس في إطار بحث البرنامج النووي الإيراني، تلتها مباحثات جانبية مع لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا.