المعارضة تحقق خرقا على صعيد آخر البلدات الخاضعة لسيطرة النظام في ريف حلب الشمالي

شن مقاتلو المعارضة السورية أمس هجوما واسعا على بلدتي نبل والزهراء اللتين تسكنهما أغلبية شيعية في ريف حلب، أسفر عن تقدمهم في منطقة المعامل الواقعة عند الأطراف الجنوبية لبلدة الزهراء، في هجوم وصفه «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بـ«الأعنف»، وذلك بعد أكثر من عام ونصف العام على هدوء نسبي كانت تتمتع به البلدتان الشيعيتان في المنطقة.
ويعد هذا الهجوم خرقا كبيرا في هذه المنطقة التي سيطرت فيها المعارضة على 21 قرية تحيط ببلدتي نبل والزهراء قبل عامين، وفرضت حصارا على البلدتين منذ يونيو (حزيران) 2013، لكن الهجمات عليها اقتصرت منذ ذلك الوقت على قصف بالصواريخ المحلية الصنع، وقذائف الموتر.
وتبعد قريتا نبل والزهراء نحو 20 كيلومترا عن حلب المدينة، كما تبعد 12 كيلومترا عن مطار منغ العسكري الذي سيطرت عليه المعارضة الشتاء الماضي، وتعد القريتان الوحيدتين في ريف حلب الشمالي اللتين تخضعان لسيطرة قوات النظام، وهما البلدتان الوحيدتان اللتان يسكنهما الشيعة من السوريين في محافظة حلب. ويقول ناشطون إن البلدتين تحولتا إلى معقل للشبيحة، ونقطة انطلاق لقوات النظام باتجاه جبهات حلب.
وأفاد المرصد السوري بأن «جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)» والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة، سيطرت على منطقة المعامل الواقعة عند الأطراف الجنوبية لبلدة الزهراء، التي يقطنها مواطنون من الطائفة الشيعية، عقب اشتباكات مع عناصر الدفاع الوطني ومسلحين آخرين من أهالي البلدتين، فيما تواصلت الاشتباكات بين الطرفين في المنطقة. وقال إن الهجوم «أطلقه مقاتلو (النصرة) والكتائب من جهة مزرعة الحلبي في شمال بلدة نبل، في محاولة من المقاتلين لشغل قوات الدفاع الوطني على هذه الجبهة، لينفذ عناصر (النصرة) ومقاتلو الكتائب هجومهم من 3 محاور وهي ماير – الدوار، الزيارة – الزيدية، وبيانون وماير – الزهراء الشرقية».
وأشار المرصد إلى أن مقاتلي «جبهة النصرة» والكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية، «يحاولون السيطرة على منطقة الزهراء الشرقية، التي تتوسط الطريق الواصل بين بلدتي بيانون وماير، في خطوة لوصل الطريق بين حندرات وماير مرورا ببلدتي حيان وبيانون»، لافتا إلى أن الاشتباكات «أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 8 عناصر من المعارضين، وعدد من عناصر قوات الدفاع الوطني ومسلحي البلدتين».
وتقاتل في نبل والزهراء، قوات الدفاع الوطني وعناصر من «حزب الله» اللبناني ومقاتلون من الطائفة الشيعية من جنسيات أخرى. وشن مقاتلو المعارضة مرارا هجمات على البلدتين، لكنها المرة الأولى التي يحرزون فيها تقدما على الأرض.
وقالت مصادر المعارضة في ريف حلب لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم «بدأ التمهيد له ليل الجمعة – السبت، قبل أن ترتفع وتيرته ليل السبت - الأحد، حيث شن مقاتلو المعارضة هجوما مكثفا من 3 محاور هي الغربية والجنوبية والشمالية، ترافق مع إطلاق قذائف الهاون باتجاه معاقل الشبيحة في البلدة»، مشيرة إلى أن التحضيرات للهجوم «بدأت قبل نحو أسابيع، مع محاولة قوات النظام فرض طوق على حندرات» التي تشهد أعنف الاشتباكات، وذلك «في محاولة للالتفاف وقطع خطوط الإمداد من نبل والزهراء إلى قوات النظام في حندرات».
وتضم البلدتان ما يزيد على 60 ألف مدني، يحاصرهم مقاتلو المعارضة منذ شهر يونيو 2013، بعد إحكام السيطرة على بلدات محيطة، بينها بلدة براد. وفي السابق، كانت اتصالات تدخلت فيها أطراف إقليمية ودولية، أوقفت الهجمات على البلدتين، بحسب ما يقول ناشطون مطلعون على الوضع. وخلال الشهور الماضية، أدخلت قوافل عدة من المساعدات إلى البلدتين اللتين تعانيان من نقص في المواد الغذائية والطبية، نتيجة اتفاقات وتسويات بين النظام والمعارضين تمت بتدخلات دولية أو محلية. وعمل الأكراد في ريف مدينة عفرين الواقعة شمال نبل والزهراء على إدخال المساعدات الإنسانية إلى السكان.
وأفادت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» اللبناني الذي يقول ناشطون سوريون إن عناصر تابعة له تقاتل على محور نبل والزهراء، بتواصل المواجهات العنيفة «بين اللجان الشعبية من أبناء مدينتي نبل والزهراء بريف حلب الشمالي، والجماعات المسلحة التي هاجمت المنطقة»، مشيرة إلى أن المعارك «تركزت في الجهة الشرقية لمنطقة المعامل المتاخمة لبلدة بيانون»، أحد معاقل «الجيش الحر»، لافتة إلى أن «مدفعية الجيش السوري استهدفت نقاط انتشار المسلحين في المنطقة». وأشارت إلى «وقوع عدد من المهاجمين أسرى بيد اللجان الشعبية، إضافة إلى عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف المهاجمين، حيث تم سحب إحدى جثث المسلحين»، وهو ما لم تؤكده أي من مصادر المعارضة.
وأشار المرصد السوري إلى فقدان الاتصال مع رجل وزوجته وابنتهما من بلدة الزهراء، ولا يعلم ما إذا كانوا متوارين عن الأنظار أم إنهم قتلوا جراء القصف على منطقة الزهراء الشرقية، بالتزامن مع هجوم لكتائب المعارضة على تمركزات قوات النظام المدعومة بقوات الدفاع الوطني و«لواء القدس الفلسطيني» ومقاتلي «حزب الله» اللبناني ومقاتلين شيعة من جنسيات إيرانية وأفغانية، في منطقتي البريج والمناشر بالمدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب.
في غضون ذلك، أفاد المرصد بأن مسلحين مجهولين اغتالوا قياديين اثنين في «جيش الإسلام»، بمنطقة حوش الضواهرة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وهما مدير مكتب تأمين المنشقين، وقيادي عسكري في «جيش الإسلام». وكانت قد انفجرت سيارة في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استهدفت قائد «جيش الأمة»، مما أدى لإصابته بجراح، ومقتل ابنه وأحد مرافقيه.
هذا، وقتل ما لا يقل عن 12 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، خلال الاشتباكات العنيفة مع مقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة و«جبهة النصرة» في منطقة زبدين بالغوطة الشرقية، وسط تضارب المعلومات حول سيطرة قوات النظام والمسلحين الموالين لها على أجزاء من البلدة.