إغلاق قضية فساد مونديال 2006 يضع علامات استفهام حول القضاء السويسري

إسدال الستار على قضية الفساد المتعلقة بملف ألمانيا لاستضافة كأس العالم 2006 دون إصدار أحكام، والحديث عن تدخل جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لدى صديقه المدعي العام لإسقاط التحقيق ضده، وضع كثيرا من الشكوك حول تعاطي القضاء السويسري في الملفات المتعلقة بكرة القدم، خاصة أنه يتأهب لمحاكمة القطري ناصر الخليفي، رئيس مجموعة «بي إن» الإعلامية ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي بتهم تقديم رشى وفساد مالي سبتمبر (أيلول) المقبل.
وأسدل القضاء السويسري الستار أول من أمس الستار في قضية محاكمة ثلاثة مسؤولين سابقين بالاتحاد الألماني لكرة القدم بعد أن سقطت الاتهامات ضدهم بالتقادم، وهو الأمر الذي دعا كثيرون لانتقاد ميشال لوبر المدعي العام السويسري والمطالبة بإقالته لعدم التعامل مع القضية بشكل لائق.
وأوضح الاتحاد الألماني لكرة القدم أن المحكمة الجنائية الفيدرالية أنهت إجراءاتها القضائية ضد ثيو تشفانتشيغر، 74 عاما، وفولفغانغ نيرسباخ، 68 عاما، وهورست آر شميت، 78 عاما، إضافة إلى السويسري أورس لينسي، 70 عاما، الأمين العام السابق للاتحاد الدولي (فيفا) .
وتعرض هؤلاء الرجال للاتهام بتضليل الاتحاد الألماني بخصوص مدفوعات بمبلغ عشرة ملايين فرنك سويسري (10.3 مليون دولار). وتسبب تحويل المدفوعات في فتح تحقيقات عديدة واستقال نيرسباخ من منصبه كرئيس للاتحاد الألماني في ظل ادعاءات بأن المبلغ كان لشراء أصوات لألمانيا لاستضافة كأس العالم التي فازت بالفعل بحق تنظيمها، ونفى المسؤولون الأربعة ارتكاب أي خطأ.
وذكر فيفا في بيان له «الاتحاد الدولي لكرة القدم تعاون بشكل كامل على مر الأعوام، واستجاب للعديد من الطلبات التي قدمها مكتب الادعاء العام وتكبد تكاليف مالية كبيرة والكثير من الوقت في هذا الملف، وانتهاء القضية دون نتائج من أي نوع أمر مقلق للغاية، ليس فقط لكرة القدم ولكن أيضا بالنسبة لإرساء العدل في سويسرا».
وقال البيان: «نأمل أن تظهر الحقيقة المتعلقة بهذه المدفوعات المالية إلى النور يوما ما، وأن يتم معاقبة كل من ارتكب مخالفة، إن لم يكن في سويسرا فربما في مكان آخر. بالنسبة لفيفا فإن القضية بكل تأكيد لم تنته بعد، حيث لا يمكننا أن نتقبل أن ترتبط هذه المبالغ بحسابات فيفا دون سبب وجيه حتى لو حدث ذلك قبل سنوات طويلة، لجنة الأخلاق المستقلة التابعة لفيفا ستواصل التحقيق في هذه القضية وقضايا أخرى مشابهة».
واعترف المسؤولون الأربعة بدفع مبلغ 6.7 مليون يورو (7.5) مليون دولار تم إرساله من الاتحاد الألماني إلى فيفا عام 2005 تخص ملف ألمانيا لاستضافة مونديال 2006، لكنهم نفوا ارتكاب أي أخطاء فيما يتعلق بهذه القضية.
وأصدر المحامون الذين يمثلون المسؤولين الثلاثة باتحاد الكرة الألماني بيانا أكدوا من خلاله أنه «ليس هناك ضمانات لمحاكمة عادلة نتيجة التحيز والسلوك الشائن من قبل هيئة الادعاء العام السويسرية».
وتوقفت إجراءات المحاكمة في مارس (آذار) الماضي بسبب تفشي فيروس «كورونا» المستجد، علما بأن موعد سقوط الاتهامات بالتقادم تزامن مع يوم الاثنين الموافق 27 أبريل (نيسان)، وهو الأمر الذي أثار شبهة التواطؤ في التعامل مع القضية.
ويأتي هذا الحكم المخيب في وقت أثارت فيه تقارير عن سلسلة لقاءات جمعت رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو مع المدعي العام السويسري لكي يوقف الأخير التحقيقات ضده.
وذكرت صحيفة «تريبون دو جنيف» السويسرية أن إنفانتينو تدخل لدى صديقه المدعي العام لإسقاط التحقيق ضده، بعدما فَتَحَ تحقيقا في بداية عام 2016، بعد فترة وجيزة من انتخابه لرئاسة الفيفا، حول مزاعم منح الأخير عقود حقوق البث التلفزيوني لشركة خارجية في الفترة التي كان فيها أمينا عاما للاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا).
ووفقا للصحيفة كتب إنفانتينو إلى صديق طفولته، رينالدو أرنولد، الذي أصبح مدعيا عاما في هوت - فاليه، وهي مسقط رأس الرجلين أنه «قلق» إزاء التحقيق.
وكتب إنفانتينو في رسالة إلكترونية نقلتها الصحيفة: «سأحاول أن أشرح لمكتب المدعي العام الفيدرالي أن من مصلحتي توضيح كل شيء في أسرع وقت ممكن، وأن يكون جليا بأن لا علاقة لي بهذه القضية».
ورد أرنولد، الذي ساعد بالفعل في ترتيب أول اجتماع بين المدعي العام مايكل لاوبر وإنفانتينو «المهم الآن أن يكون الاجتماع في غضون أسبوعين. إذا كنت تريد، فيمكنني أن أذهب معك مجددا».
وأشارت الصحيفة إلى أن الاجتماع عقد بالفعل في 22 أبريل 2016، وأضافت أن مضمونه لا يزال «غامضا» وأن مكتب المدعي العام الفيدرالي «يرفض الحديث عن الموضوع».
لكن الغموض القانوني الذي جرت فيه هذه اللقاءات، يثير التساؤلات حيال تواطؤ محتمل بين الفيفا والقضاء السويسري الذي يتأهب لمحاكمة القطري ناصر الخليفي، رئيس مجموعة «بي إن» الإعلامية ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي في سبتمبر المقبل بتهم فساد تتعلق بدفع رشى للفوز بحقوق بث تلفزيوني لنهائيات كأس العالم، وأيضا تسهيل فوز بلاده باستضافة مونديال 2022.
وسيمثل أيضا أمام المحكمة الجنائية الفيدرالية بدءا من 14 سبتمبر في بيلينزون، كل من الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الفرنسي جيروم فالكه ورجل ثالث لم يُذكر اسمه في البيان.
ويُتهم الرجال الثلاثة بالفساد المستتر، وسوء الإدارة الجزائية المشددة، والتحريض على سوء الإدارة الجزائية المشددة وتزوير الوثائق.
ويتهم القضاء الخليفي بمنحه امتيازات لفالكه منها استخدام شقة فاخرة في جزيرة سردينيا الإيطالية، مقابل حصوله على حقوق بث تلفزيوني لكأسي العالم 2026 و2030.
هذا واتهم الخليفي والرجل الثالث الذي يعمل في مجال الحقوق الرياضية، بالتحريض على سوء الإدارة تجاه فالكه.
وسدد الرجل الثالث إلى فالكه مبلغ 1.25 مليون على ثلاث دفعات مقابل منح الفرنسي، اليد اليمنى لرئيس الفيفا السابق السويسري جوزيف بلاتر، شركة «إم بي آند سيلفا إل تي دي» الإيطالية على الحقوق الإعلامية لكأسي العالم 2018 و2022 وشركة «تافي سبورتس ماركتينغ» اليونانية على الحقوق ذاتها لكأسي العالم 2026 و2030 إضافة إلى بطولات أخرى.