«الصحة العالمية» تخشى تفشي «كوفيد ـ 19» في مخيمات اللاجئين

حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تادروس أدهانوم من «تداعيات خطيرة على الأبواب لجائحة كوفيد-١٩ في صفوف اللاجئين، خصوصاً في بلدان مثل هايتي واليمن وسوريا والصومال والسودان». وقال إن «المنظمة تنشط بصورة متواصلة مع بقيّة وكالات الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة من أجل حماية اللاجئين الذين يتعرّضون أصلاً لظروف إنسانية وصحيّة قاسية تجعل منهم فريسة سهلة للأوبئة والأمراض». وقال تادروس: «أكثر ما نخشاه أن يتفشّى كوفيد-١٩ في مخيّمات اللاجئين، خصوصاً أننا قد لاحظنا كيف ينتشر بسرعة في الأماكن المغلقة أو المكتظة كما حصل على متن بعض السفن السياحية والحربية، وكيف يرتفع مستوى خطورة الإصابات بين الذين يعانون أصلاً من ظروف صحيّة صعبة».
جاء ذلك في حديث لمدير المنظمة الدولية مع «الشرق الأوسط» خلال ندوة عبر الفيديو ظهر أمس (الثلاثاء)، حول دور البرلمانيين في مواجهة جائحة كورونا، شارك فيها الأمين العام للاتحاد البرلماني مارتن شونغونغ وكبير خبراء منظمة الصحة الدكتور مايك راين الذي يرأس أيضاً فريق الأمم المتحدة لمواجهة الأزمة ومئات البرلمانيين من أنحاء العالم.
وقال تادروس إن «المنظمة تنسّق مع جميع أجهزة الأمم المتحدة منذ أن أطلقت نداءها للاهتمام بأوضاع اللاجئين في بداية الأزمة، وتنشط مكاتبها الإقليمية وفرق الخبراء التابعين لها لتحصين المخيّمات ضد دخول الإصابات المستوردة إليها والحد من سريان الوباء داخلها عن طريق تدابير الوقاية والنظافة نظراً لاستحالة التباعد الاجتماعي فيها». وأعرب عن خشيته من أنه «في حال تفشّي الوباء في المخيمات سيدفع اللاجئون ثمناً باهظاً نظراً لأوضاعهم الصحيّة الصعبة وضعف القدرات العلاجية المتوفرة لديهم».
وشدّد تادروس على دور البرلمانات في سنّ وتعزيز التشريعات اللازمة لوضع الاستراتيجيات الوطنية القادرة على مواجهة مثل هذه الأزمات الصحية في المستقبل، خصوصاً أنها تتجاوز الحيّز الصحي وسرعان ما تتحوّل إلى أزمة اقتصادية واجتماعية. وقال إن «هذه الأزمة غير المسبوقة أكدّت لنا مرة أخرى ضرورة التنسيق والتعاون الدوليّين، وأن الوحدة الوطنية هي أساس التضامن الدولي»، مضيفاً: «لا يجب أن نترك هذا الفيروس يستغلّ خلافاتنا الداخلية، أو أن نستغلّ الأزمة من أجل تسجيل نقاط سياسية». ودعا إلى أن «تكون قرارات إدارة الأزمة مستندة إلى التشاور الواسع بين القوى السياسية لتعزيز ثقة المواطنين بها وتوفير العناية والحماية للفئات الضعيفة في المجتمع». ولاحظ مدير المنظمة أن «الدول العظمى لا تتعاون لمواجهة الأزمة كما حصل في الماضي عندما تعاونت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي للقضاء على مرض الجدري».
من جهته قال مايك راين: «لا شك في أن الرأي العلمي يجب أن يكون أساس القرارات التي تتخذ لمعالجة الأزمة، لكن الإدارة الرشيدة لا تقلّ عنه أهميّة، وهي تقوم على الثقة بين المواطن والدولة، أي على العقد الاجتماعي الذي يجعل المواطن يثق بتدابير حكومته وأن هذه تعمل من أجل مصلحته، وقد لاحظنا أن الحكومات التي سارت على هذا النهج هي التي نجحت في إدارة الأزمة».
وأضاف راين: «القيادة السياسية دورها أساسي في إدارة هذه الأزمة التي تتجاوز الآيديولوجيا والمذاهب السياسية، ولا يكفي القول إن أفراد الطواقم الصحية هم أبطال هذه الحرب، لأن المسؤولية الأساسية لحمايتهم وتوفير المعدات الوقائية اللازمة لهم تقع على كاهل الإدارة السياسية». وذكّر راين بأن منظمة الصحة العالمية «تعمل ليل نهار منذ نهاية العام الماضي عبر مكاتبها الإقليمية والقطرية ومع آلاف الخبراء في شتّى أنحاء العالم، وترفع الصوت محذّرة وداعية إلى الإسراع في اتخاذ التدابير الوقائية لاحتواء الوباء والتنسيق بين الدول». وقال: «ثمّة ما هو أخطر من هذه الأزمة الخطيرة، وهو ألا نستخلص منها العبر لمواجهة الأزمات المقبلة لا محالة».
وعن التدابير التي بدأت تتخذها بلدان عديدة لتخفيف إجراءات الحظر واستئناف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية بصورة تدريجية، قال راين: «هذه المرحلة أخطر من السابقة، والأخطاء فيها ستكون لها عواقب وخيمة على المستويين الصحي والاقتصادي. نتفهّم الضغوط التي تتعرّض لها الدول من أجل استئناف الحركة الاقتصادية، ومن الطبيعي أن تتنامى الرغبة عند المواطنين لاستعادة حياتهم الطبيعية. لكن لا بد من توخّي أقصى درجات الحيطة والتمهّل في اتخاذ هذه القرارات التي يجب أن تستند دائماً إلى القواعد والقرائن العلمية، ولا يجب أن تُبدّى الاعتبارات الاقتصادية على المعايير العلمية والصحية».