‏مستقبل غامض ‏لكرة القدم في ‏زمن «كورونا»‏

يبدو أن كرة ‏القدم تحيا من ‏جديد في خضم ‏جائحة فيروس ‏‏«كورونا»، ‏لكن الشعور ‏بالأمل في الفرق ‏التي بدأت ‏تدريباتها بالفعل ‏أصبح مشوبا ‏بالقلق حول ‏العودة المبكرة ‏وعدم اليقين ‏بكيفية الحفاظ ‏على سلامة ‏اللاعبين.‏
وبعد توقفها في ‏منتصف مارس ‏‏(آذار) تأمل ‏بطولات الدوري ‏الأوروبية في ‏استئناف ‏نشاطها مرة ‏أخرى خلال ‏الشهرين أو ‏الثلاثة المقبلة ‏دون جماهير، ‏وعادت الفرق ‏للتدريب في ‏ألمانيا والنمسا، ‏لكن الصعوبات ‏ما زالت تحيط ‏بالعودة، بحسب ‏وكالة «رويترز» ‏للأنباء.‏
وقال يوناس بير ‏هوفمان، الأمين ‏العام لرابطة ‏اللاعبين ‏المحترفين العالمية: ‏‏«هناك أسئلة ‏لوجيستية وطبية ‏وعلمية بشأن ‏الكشف ‏والبروتوكولات، ‏وأيضا هناك ‏أسئلة ‏اجتماعية»، ‏وتابع: «نحن ‏بحاجة إلى ‏إرشادات ‏وبروتوكولات ‏بشأن كيفية ‏العودة بطريقة ‏آمنة وصحية. ‏كرة القدم لعبة ‏اختلاط ونشعر ‏بأن معايير حماية ‏عالية للغاية ‏مطلوبة».‏
وأضاف: ‏‏«هناك سؤال ‏أخلاقي أيضا: ‏هل نحن نرسل ‏الرسالة المناسبة ‏للمجتمع؟ وهل ‏نحث على عودة ‏صحية إلى ‏حياتنا الطبيعية ‏أم أننا نرسل ‏رسالة سيئة ‏مفادها أن ‏قوانين كرة القدم ‏متخلفة عن بقية ‏العالم؟».‏
وعلى الجانب ‏الآخر، قالت ‏رابطة الدوري ‏السويسري إن ‏الاستئناف ‏الناجح وفقا ‏لرقابة علمية ‏ومفاهيم التعامل ‏مع المخاطر ‏سيسمح لكرة ‏القدم «بإرسال ‏رسالة تقول إن ‏العودة ممكنة إلى ‏شيء أقرب إلى ‏الحياة ‏الطبيعية».‏
وأصدرت ‏العديد من ‏بطولات الدوري ‏حول العالم ‏بروتوكولات ‏طبية للتدريب، ‏وأغلبها يسير ‏على النهج ‏ذاته، ويتضمن ‏ذلك إخضاع ‏اللاعبين ‏للفحص الدقيق ‏للتأكد من عدم ‏إصابتهم ‏بفيروس ‏‏«كورونا»، ‏وتقسيم تشكيلة ‏كل فريق إلى ‏مجموعات ‏مكونة من ستة ‏لاعبين، ‏والحفاظ على ‏إرشادات ‏التباعد ‏الاجتماعي، ‏لكن العديد من ‏التفاصيل بشأن ‏استئناف ‏البطولات مثل ‏هل يمكن عزل ‏الفرق حتى نهاية ‏الدوري؟ وماذا ‏سيحدث لو ‏تمت اكتشاف ‏إصابة أحد ‏اللاعبين ‏بالفيروس؟ ما ‏زالت غير ‏واضحة.‏
وكما قال ‏كريستوف ‏فرويند، المدير ‏الرياضي ‏لسالزبورج بطل ‏الدوري ‏النمساوي، ‏الثلاثاء: «لا ‏يمكن إيقاف ‏الجولة كلها إذا ‏أصيب لاعب ‏واحد أو ‏شخص مرافق ‏أو مدرب ‏بالفيروس أو أن ‏تتوقف البطولة ‏مرة أخرى لمدة ‏أسبوعين أو ‏ثلاثة».‏
وسيكون دوري ‏الدرجة الأولى ‏الألماني بمثابة ‏حقل التجارب ‏إذ إنه أقرب ‏بطولة كبرى ‏للعودة، لكن ‏مثل البطولات ‏الأخرى لا يمكن ‏استئناف نشاطه ‏دون الضوء ‏الأخضر من ‏الحكومة.‏
وأمس ‏‏(الخميس)، ‏قالت رابطة ‏الدوري الألماني ‏إن اللاعبين ‏ستتم مراقبتهم ‏بواسطة فريق ‏للصحة ‏والسلامة، ‏وسيخضعون ‏لفحوص دورية، ‏وسيتم إبلاغ ‏السلطات عند ‏إصابة أي ‏لاعب ‏بالعدوى، ‏وستكون هذه ‏السلطات ‏مسؤولة عن أي ‏خطوات أخرى، ‏ومع ذلك لن ‏يتم وضع الفريق ‏تحت الحجر ‏الصحي تلقائياً. ‏
أسئلة مهمة

وقال جيف ‏درير، الأستاذ ‏المساعد في كلية ‏الطب بجامعة ‏جونز هوبكنز، ‏إنه لا جدوى ‏من إعادة ‏النشاط الكروي ‏إذا ما ظهرت ‏حالة واحدة في ‏بطولة بأكملها ‏ما يعني إعادة ‏توقفها من ‏جديد بينما ‏تظل هناك ‏أسئلة أخرى ‏دون إجابة، ‏وتابع: «ماذا ‏تفعل لو مرض ‏أحد من أفراد ‏الفريق صاحب ‏الأرض، وماذا ‏لو تعلق الأمر ‏بفرد من الفريق ‏الضيف خلال ‏سفره، كيف ‏سيتصرفون ‏حيال ذلك ‏وكيف ستكون ‏العودة إلى ‏مكانهم ‏الأصلي، هل ‏هم سعداء ‏بحجر محتمل ‏وبالابتعاد عن ‏الأصدقاء وأفراد ‏الأسرة لمدة ‏طويلة من ‏الوقت. هذا ‏سؤال مهم».‏
وأضاف درير: ‏‏«إذا أصيب ‏أحد أفراد فريقي ‏بالفيروس فهل ‏سأستمر في ‏اللعب دون ‏مشكلة؟ ‏سيتطلب هذا ‏الأمر آراء كثير ‏من الناس، ‏وأعتقد أن ‏السبب في عدم ‏وجود الكثير من ‏الأفكار لدينا ‏في هذا الصدد ‏هو أن الناس لم ‏يجيبوا بعد عن ‏هذه الأسئلة».‏
وهناك سؤال ‏آخر يتعلق ‏بمدى توفر ‏الطواقم والموارد ‏المطلوبة للتعاطي ‏مع مرض ‏اللاعبين ‏وإصاباتهم، وهي ‏مخاطر طبيعية ‏في عالم كرة ‏القدم.‏
ويعرض كارل ‏بيرجستروم، ‏أستاذ علم ‏الأحياء في ‏جامعة واشنطن، ‏خياراً يتمثل في ‏عزل اللاعبين ‏وأفراد الطاقم ‏خلال الموسم، ‏وقال ‏بيرجستروم: ‏‏«توفير الموارد ‏المطلوبة لهذا ‏الخيار سيكون ‏صعباً، فلا بد ‏أن يأتي الطعام ‏من مكان محدد. ‏وأن تأتي العناية ‏الطبية من مكان ‏مماثل. وأي ‏اتصال مع العالم ‏الخارجي ‏سيحمل معه ‏مخاطر انتقال ‏العدوى».‏
وهناك بديل ‏يتمثل في «عزل ‏محدود» عن ‏العالم الخارجي ‏والاعتماد على ‏فحوص يومية ‏طوال الموسم، ‏وقال بيرجستروم ‏عن هذا الخيار: ‏‏«يمكن أن ‏ينجح هذا إذا ‏ما نجحنا في ‏الحفاظ على ‏نجاعة توقيت ‏الفحوص وعدم ‏التأخر في القيام ‏بها حتى لا ‏تنتقل العدوى ‏خلال هذا ‏الوقت، وإلا ‏فإن الطريقة لن ‏تنجح».‏
وأشار ‏بيرجستروم إلى ‏أنه سيتعين على ‏البطولات ‏الاستثمار في ‏الفحوص لدرجة ‏الاستعانة بطواقم ‏طبية إضافية ‏يمكن أن تمتد ‏خدماتها إلى ‏المجتمعات ‏المحلية، بما في ‏ذلك ‏المستشفيات ‏‏«وعدا ذلك ‏فإنهم ربما يخلقون ‏مشكلة أخرى ‏تتمثل في ‏الحصول على ‏الفحوص على ‏حساب من هم ‏في أشد الحاجة ‏إليها».‏