النيابة العامة السعودية تفكّ لغز «خاطفة الأطفال» بالدمام

فكَّت النيابة العامة السعودية طلاسم قضية خطف أطفال في مدينة الدمام شرق السعودية، وقعت قبل 20 عاماً، وأصدرت، أمس، بياناً كشفت فيه الملابسات التي شغلت الرأي العام السعودي، طيلة هذه المدة.
والقضية التي أثيرت إعلامياً قبل أسابيع، تتعلق بخطف نايف القرادي من مستشفى القطيف المركزي في عام 1994. في حين خطف يوسف العماري من مستشفى الولادة والأطفال بالدمام في عام 1997. وبعده بثلاث سنوات اختطف موسى الخنيزي من المستشفى نفسه.
ووجهت النيابة العامة الاتهام لخمسة متهمين، بينهم السيدة التي تولت عملية الخطف، ومساعدان لها؛ أحدهما يمني الجنسية، وهؤلاء طالبت بتطبيق حدّ الحرابة عليهم، كما ادعّت النيابة العامة على رجلين سعوديين، أحدهما يقيم في الخارج، وجرت المطالبة بتسليمه عبر الشرطة الدولية (الإنتربول) لقيامهما بتقديم شهادة زور بنسب الأطفال إلى غير ذويهم.
ويوم أمس، صرح المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة السعودية، بأنه، إشارة إلى القضية المتداولة إعلامياً باسم «خاطفة الدمام»، وأنه بإحالة الواقعة إلى النيابة العامة لإعمال اختصاصاتها بشأن تقدم امرأة للجهة المختصة بطلب استخراج أوراق ثبوتية لطفلين زعمت أنها عثرت عليهما قبل ما يربو على 20 عاماً، وفي ضوء هذه التداعيات والملابسات وجّه النائب العام، الشيخ سعود بن عبد الله المعجب، فرع النيابة، بمخاطبة الجهات المختصة للبحث والتحري عن الواقعة وربطها بالقضايا الجنائية ذات السلوك الإجرامي المماثل المعاصر لتاريخها، وإجراء الفحوصات الطبية والفنية اللازمة للتأكد من الواقعة لتَكشف نهوض شبهة جنائية للنيابة العامة، في ذلك، فوردت النتائج البيولوجية بعدم ثبوت نسب المخطوفين إلى المتهمة، وثبوت نسبهم لأسر سعودية أخرى سبق أن تقدمت ببلاغات عن اختطاف أطفالهم، فجرى توجيه الجهة المختصة بتقديم برامج المعالجات الطبية اللازمة في ذلك للضحايا.
وأضاف المتحدث الرسمي بأن فريق التحقيق في النيابة العامة نفذ 247 إجراءً في القضية، منها 40 جلسة تحقيق مع 21 متهماً وشاهداً، وانتهى التحقيق إلى توجيه الاتهام إلى 5 متهمين في القضية؛ أحدهم يقيم خارج المملكة، طالبت النيابة العامة باسترداده بواسطة الشرطة الدولية - الإنتربول.
وقال المتحدث إن نتائج التحقيقات أسفرت عن توجيه الاتهام للمتهمة الأولى، والمتهم الثاني (وكلاهما سعودي الجنسية)، والمتهم الثالث، (يمني الجنسية)، بخطف ثلاثة أطفال حديثي الولادة، من داخل مأمنهم بمستشفى الولادة، والتسبب في أضرار نفسية ومعنوية ومادية للمخطوفين وذويهم لمدة تربو على 20 عاماً.
وتوجيه الاتهام للمتهم الرابع والمتهم الخامس (وكلاهما سعودي الجنسية) بالشهادة الزور على صحة نسب أحد الأطفال المخطوفين للمتهم الثاني، والمساس بشرعية نسبة الأولاد إلى غير آبائهم الشرعيين، والتسبب في أضرار نفسية ومعنوية ومادية للمخطوفين وذويهم لمدة تربو على 20 عاماً، وحرمانهم من الحقوق المدنية والشخصية المتولدة عن ذلك.
وطالبت النيابة العامة في لائحة الدعوى الجزائية بالحكم بحد الحرابة بحق المتهمِين الأول والثاني والثالث لانطواء ما أقدموا عليه على ضرب من ضروب العثوّ بالإفساد في الأرض، ومعاقبة المتهمين الرابع والخامس بعقوبات مغلظة طبقاً للعقوبات المقررة في الأنظمة الجزائية ذات العلاقة، لقاء ما أقدما عليه، وبقية الحقوق الخاصة ما زالت قائمة.
من جانبه، قال علي منصور الخنيزي والد موسى المخطوف العائد إلى ذويه منذ قرابة الشهرين إن «هذا البيان من قبل النيابة العامة يؤكد نزاهة نظام العدالة والقضاء السعودي وتعامله بشرع الله في كل من تسوِّل له نفسه ترويع الآمنين وارتكاب هذا النوع من الجرائم». وبين أن «المتورطين في جريمة خطف الأطفال يجب أن ينالوا جزاءهم العادل، لأنهم تسببوا في أذى نفسي وبدني لذوي المخطوفين، وكذلك حاولوا إشاعة الفوضى بهذا النوع من الجرائم التي يندى لها الجبين، والفساد الذي قاموا به جراء ذلك العمل الشائن».
وقال الخنيزي إن أكثر مَن يشعر بمرارة الضرر الذي وقع هم الأطفال وذووهم الذين عانوا أشد المعاناة خلال فترة الخطف التي استمرت أكثر من عشرين عاماً.
وأضاف: «المتعاطفون مع الجناة، لم يذوقوا حجم الألم والحرمان والتسبب في المتاعب النفسية والبدنية وغيرها التي تعرض لها ذوو المخطوفين».
واعتبر أن «اليوم الذي أعلنت فيها النيابة العامة إدانة المتهمين هو يوم سعيد على قلوب جميع من تضرروا من هذه الجرائم الشائنة».
أما عبد العزيز الهاجري، محامي المتهمين، فقد بيّن أن «القضية لم تنتهِ بعدُ، ولا تزال في مسارها الاتهامي»، مضيفاً أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، أمام القضاء، مشيراً إلى أن هناك فريقَ دفاع سيتواصل مع بعضه قريباً من أجل بحث الخطوات اللاحقة، مبيناً أنه لا يمكنه اللقاء بالمتهمين حالياً نتيجة الإجراءات الاحترازية الحالية من وباء «كورونا».