هل تنحي الدول خلافاتها وتتعاون لمواجهة تفشي «كورونا»؟

تبنت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، بالتوافق قرارا يدعو إلى «التعاون الدولي» لمكافحة فيروس «كورونا» المستجد، في خطوة تشكل صحوة لمجلس الأمن العاجز عن التوحد على أي موضوع تقريباً، لكن أي قيمة للقرار في عالم منطوٍ على نفسه إزاء انتشار الفيروس؟
ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اعتمدت الجمعية العامة القرار الذي قدمته ست دول (سويسرا وإندونيسيا وسنغافورة والنروج وليشتنشتاين وغانا) رغم محاولة روسيا عرقلته عبر طرح نص مضاد تطلب فيه رفع العقوبات الدولية على بعض الدول.
وفي واقعة استثنائية، تبنى القرار 188 دولة، بما فيها الولايات المتحدة والصين، وهو عدد مؤثر يمثل صفعة لموسكو، من أصل 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، وتخلف عن تبني القرار خمس دول.
بالإضافة إلى روسيا، دعمت أربع دول نص موسكو، وهي جمهورية أفريقيا الوسطى وكوبا ونيكاراغوا وفنزويلا، الحلفاء التقليديون للروس.
ويشيد القرار المدعوم من واشنطن، بـ«التعددية»، التي نادى بها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، كما يصر على الدور المركزي للأمم المتحدة في الأزمة الصحّية والاقتصاديّة التي أصبحت عالميّة، ويندّد بـ«كلّ أشكال التمييز والعنصريّة وكره الأجانب في التعامل مع الوباء».
وخلافاً لمجلس الأمن الدولي، فإنّ القرارات في الجمعيّة العامّة ليست ملزمة لكنّها تتمتع بقيمة سياسية كبيرة وتتناقض مع النزعة الفردية التي سادت حتى الآن في استجابة الدول لـ«كوفيد - 19».
وقال سفير، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا الوباء يكشف ويسرّع حركة كانت قائمة»، مشيراً إلى «عودة التنافس بين الدول، وتعزيز القوى الشعبوية والانقلاب التدريجي لعلاقة القوة بين الصين والولايات وأخيرا المسألة الوجودية المتعلقة بالنظام المتعدد الأطراف المنبثق من الحرب العالمية الثانية، بدءاً من الأمم المتحدة».
واعتبر الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريش، أنّ «جائحة (كوفيد – 19) هي أسوأ أزمة عالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قبل 75 عاماً»، ورأى أن الرد يستدعي «استجابة أقوى وأكثر فعالية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تضامنّا جميعاً ونسينا الألاعيب السياسية وأدركنا أنّ البشرية بأسرها على المحكّ»، بعد أن لوح بخطر حدوث «مليون» وفاة.
ووجه في 23 مارس (آذار) ، نداء إلى وقف إطلاق النار في كل مناطق النزاعات في العالم لمكافحة وباء «كوفيد - 19» بشكل أفضل.
وحصلت عريضة أطلقتها على الإنترنت منظمة غير حكومية لدعم النداء، على نحو مليون توقيع حتى الخميس، بينما لم يسجل سوى تراجع طفيف في القتال في الدول التي تشهد نزاعات.
وقالت ممثلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأمم المتحدة، ليتيسيا كورتوا: «للأسف يتواصل القتال في معظم المناطق التي نوجَد فيها».
وتستمر الانقسامات في مجلس الأمن الذي التزم الصمت منذ بداية الأزمة، لا سيما بين أعضائه الخمسة الدائمين (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة)، ما يحول دون التوصل إلى قرار يدعم نداء غوتيريش، ما يثير استياء الأعضاء العشرة غير الدائمين.
وتتواجه الولايات المتحدة والصين حول تحديد أصل الفيروس الذي انطلق من الصين، وتريد واشنطن التركيز على هذا الموضوع، بينما ترفض بكين وموسكو اللتان تتمتعان بحق النقض، أن يتناول مجلس الأمن المسؤول عن السلام والأمن في العالم، ملفاً يحمل حتى الآن طابعاً صحياً واقتصادياً.
ويرى ستيفن بومبر من مجموعة الأزمات الدولية والمسؤول السابق للشؤون المتعددة الأطراف في إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، أن «المجلس أهدر فرصة ليصدر قراراً فذّاً، بطريقة كان يمكنها إنقاذ الأرواح، خلال المراحل الأولى من الوباء».