«كورونا» قلبَ حياة سائقي الشاحنات في المغرب رأساً على عقب

يواصل سائقو الشاحنات بالمغرب السفر عبر مدن شبه خالية، وطرقات مهجورة، ليوصلوا، بعزيمة وشجاعة، البضائع إلى وجهتها النهائية، رغم مخاطر انتشار فيروس «كورونا» المستجدّ.
ولم يعد أمام هذه الفئة، بعد إغلاق المقاهي والمطاعم والمساجد، بما فيها تلك الموجودة في باحات الاستراحات على الطرق، استجابة لحالة الطوارئ الصحية المعلنة من قبل الحكومة، من خيار سوى التأقلم مع هذا الوضع الاستثنائي، والتكيف مع ظروف عمل أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها قاسية أكثر من أي وقت مضى، والتخلي عن كل عاداتهم، مثل التوقف بعد ساعات من القيادة على الطريق لارتشاف كأس شاي أو قهوة أو تناول وجبة طعام... كلها عادات صارت من الماضي، ليجد السائقون أنفسهم مجبرين على أن يأخذوا معهم في سفرياتهم ما يحتاجونه، وتخصيص بضع دقائق لتحضير وجباتهم الغذائية.
يقول «محمد.هـ»، سائق شاحنة آتٍ من مدينة أغادير، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية: «بذلنا كل الجهد للتأقلم مع هذه الوضعية الجديدة، لنستطيع مواصلة نشاطنا بشكل طبيعي، والاستجابة لطلبات زبائننا بنقل بضائعهم نحو مدن أخرى».
وأبان محمد، وهو في عقده الرابع، عن وعي كبير بالمخاطر التي تتهدده لدى خروجه من المنزل خلال فترة الحجر الصحي، بيد أنه يظل مقتنعاً بأنه، مع ذلك، ليس أمامه من خيار سوى الخروج ومواصلة العمل ليعول أسرته. وقال إنه «منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية، يوم الجمعة 20 مارس (آذار)؛ (الماضي)، وقع تغيير كبير في ظروف العمل»، مشيراً إلى أنه أصبح يخصص حيزاً كبيراً من الوقت لتحضير الوجبات الغذائية التي سيأخذها معه، وأنه لا يكفّ عن تعقيم الشاحنة عند كل توقف.
بدوره؛ يعاني «مولود.ب»، وهو سائق آخر من مدينة أغادير، من تراجع المداخيل، وقال إنها بالكاد تكفي لتغطية مصاريف الوقود، مشيراً إلى أن هذه الظرفية تبقى «صعبة شيئاً ما، فقد أصبحتُ أنقل البضائع بمعدل رحلة واحدة في الأسبوع».
وأردف مولود بنبرة استسلام: «أحياناً أمكث منتظراً مدة 5 أيام أو أكثر بالدار البيضاء، إلى حين إيجاد زبون لرحلة العودة إلى أغادير».
ويقول (محمد.إ)، ناقل بضائع من الدار البيضاء، إن «المداخيل تبقى ضعيفة مقارنة مع الفترة العادية، فبدل القيام برحلتين أو 3 في الأسبوع كما جرت العادة في السابق، نحن مجبرون اليوم على الانتظار 10 أيام؛ بل أكثر، مكتوفي الأيدي».
وفي انتظار الأفضل في المقبل من الأيام، سيغير هذا السائق نشاطه للقيام بتوزيع صناديق الخضراوات والفواكه المشتراة من سوق الجملة من قبل تجار التقسيط ببعض أحياء الدار البيضاء.