إيطاليا تحضّ الاتحاد الأوروبي على أن يكون في مستوى تحديات أزمة «كورونا»

تحضّ إيطاليا الاتحاد الأوروبي الذي ساهمت في تأسيسه وتعدّ إحدى دعائمه، على أن يكون في مستوى التحديات التي يطرحها وباء «كوفيد19»، وإلا فإن البناء الأوروبي سيكون مهدداً.
في حوار مع جريدة «كورييرا ديلا سيرا» الإيطالية، حذّر رئيس البرلمان الأوروبي دافيدي ساسولي بأنه «من دون تضامن، فستصير الروابط والأسباب التي تجمعنا في حكم العدم»، لكنه أضاف متفائلاً: «لكن من الصائب أيضاً... أن أوروبا تشكلت من رحم الأزمات التي واجهتها»، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وقدّر السياسي الإيطالي أن «بإمكان أوروبا أن تصير أقوى» شرط أن «تفهم دولنا أنه لا يمكنها الخروج (من الأزمة) عبر الانكفاء على نفسها».
وثمة هوّة فاصلة بين دول جنوب القارة، مثل إسبانيا وإيطاليا، مدعومة من فرنسا، ودول الشمال، على رأسها هولندا وألمانيا.
وتسعى مدريد وروما، الأكثر تضرراً حتى الآن من الوباء، واللتان تعانيان جراء هشاشة ماليّتهما العامة، إلى تعبئة دعم مالي مكثّف من الاتحاد الأوروبي لتجاوز التداعيات الصحيّة والاقتصادية والاجتماعية للأزمة.
ويطالب البلدان بتشارك الديون بين دول منطقة اليورو، مما يمكن أن يتم عبر إصدار «سندات كورونا»، لكنهما يواجهان برفض دول الشمال. وفي هذا الصدد، يقول ساسولي: «أظن أن بعض الدول لم تدرك حجم الكارثة التي نواجهها وخطورة الوضع على اقتصاداتها».
ووجد هذا التحذير صدى لدى الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، الفرنسي جاك دولور الذي حذّر من أن «المناخ الذي يبدو سائداً بين رؤساء الدول والحكومات، وغياب التضامن الأوروبي، يمثلان تهديداً قاتلاً للاتحاد الأوروبي».
من جهته، قال المفوض الأوروبي للاقتصاد الإيطالي باولو جنتيلوني، الإثنين، إن «المشروع الأوروبي مهدد بالغرق. من الواضح أن الخلافات الاقتصادية بين الدول الأوروبية تزداد، وفي حال فاقمت الأزمة الخلافات بين الدول الأوروبية بدل تحجيمها (...) فسيكون من الصعب الحفاظ على المشروع الأوروبي».
وأشار الرئيس السابق للحكومة الإيطالية إلى أن الوصول إلى حلّ يمر «بالضرورة عبر حوار مع ألمانيا التي لا يمكن من دونها الوصول إلى تسوية».
ويتبنى رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي هذا التوجه أيضاً؛ إذ هاجم في حوار نشر الاثنين في جريدة «إل باييس» الإسبانية الدول التي «تتبع رؤية قديمة ومتجاوَزة، ومقاربة غير مناسبة لهذه الأزمة».
وعدّ كونتي أن هذه «ليست أزمة اقتصادية تمسّ دولاً أقل انضباطاً من الأخرى، بل أزمة صحية أثرت على المجالين الاقتصادي والاجتماعي. هذا تحدٍ تاريخي لكلّ أوروبا».
ولتجنب أي سوء فهم ممكن لمسألة تقاسم الديون، أوضح أن «إيطاليا لا تطالب بتشارك الديون العامة القديمة. تبقى تلك الديون مسؤولية كل دولة على حدة». وأضاف: «هذه اللحظة المناسبة لإنشاء آلية دين أوروبية مشتركة تسمح لنا بالانتصار في هذه الحرب (ضد كورونا) في أسرع وقت ممكن وإنعاش الاقتصاد».
وستنهي إيطاليا عام 2020 بانكماش اقتصادي بسبب الوباء، وهي صاحبة أعلى مستوى ديون في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان. وعبّر، الاثنين، المتحدث باسم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، عن وجود اعتراضات على إنشاء هذه الآلية. وقال إريك مامير: «أشارت بعض الدول الأعضاء إلى العقبات التي تواجهها عند نقاش إصدار (سندات اليورو)، و(سندات كورونا)... إلخ». وأضاف: «العقبات موجودة، ولا يمكننا ببساطة أن نتمنى زوالها».
وانتهت القمة الأوروبية الخميس الماضي من دون نتائج، وأجلت لأسبوعين آخرين موعد اتخاذ قرار حول طريقة التعامل مع أزمة فيروس «كورونا» المستجدّ.