مخاوف من موجة إصابات ثانية في إيران

سجلت إيران قفزة في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19»، وسط مخاوف متزايدة من موجة ثانية في البلاد، مع عودة نحو ثمانية ملايين إيراني سافروا في عطلة «النوروز» إلى مدنهم بعد إعلان الحكومة، الأربعاء، خطة «التباعد الاجتماعي».
وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور، في مؤتمر صحافي، أمس، تسجيل 2926 إصابة بفيروس «كورونا المستجد» في أنحاء البلاد كافة، خلال 24 ساعة، وهي أكبر حصيلة للمصابين خلال يوم واحد منذ تفشي الوباء نهاية الشهر الماضي، ما رفع إجمالي الإصابات إلى 32332، حسب الإحصائية الرسمية.
وقالت وزارة الصحة إنها سجلت 144 وفاة جديدة، ما رفع الحصيلة إلى 2378.
وأشار جهانبور إلى أن ارتفاع عدد الإصابات مردّه إلى أن هناك عدداً متزايداً من الإيرانيين الذين يتنبهون إلى أعراض المرض ويعملون على إجراء فحص «كورونا» الطبي. وقال إن عدد المصابين بالفيروس سيشهد ارتفاعاً في الأيام المقبلة، ونوّه في الوقت نفسه إلى أن رحلات الأسبوع الأول من عيد «النوروز» أدت إلى تسارع تفشي الفيروس، موضحاً أن عدداً كبيراً من المسافرين أُصيبوا بالوباء خلال السفر.
وواجهت الحكومة موجة غضب داخلية لرفضها إعلان الحجر الصحي في المدن المتأثرة بالفيروس. ويتخوف الإيرانيون من موجة ثانية مع إعلان الحكومة خطة التباعد الاجتماعي بهدف الحد من الوباء.
ومنعت السلطات الإيرانية، الخميس، التنقل بين المدن، عقب إقرار خطة «التباعد الاجتماعي»، الأربعاء، فيما يوجد ملايين الإيرانيين خارج مدنهم بسبب العطلة المدرسية لمناسبة عيد النوروز. وبث التلفزيون الرسمي الإيراني، أمس (الجمعة)، صور حواجز للشرطة عند مداخل طهران تمنع السكان من الخروج من المدينة، والقادمين من خارجها من الدخول. ويُفرض على المخالفين دفع غرامات مالية.
وقال المسؤول في منظمة الهلال الأحمر الإيراني محمد نصيري، إن ثمانية ملايين إيراني سافروا في عطلة النوروز، جرى فحصهم في بين المدن الإيرانية، مشيراً إلى نقل 4 آلاف و200 نفر منهم للمراكز الصحية بسبب أعراض الوباء، لكنه ذكر أن عدد المشتبه بإصابتهم أكثر من ذلك.
ورجح رئيس لجنة إدارة «كورونا» في طهران علي رضا زالي، توقف كل المواصلات في العاصمة طهران، بما فيها خط الحافلات ومترو الأنفاق. وقال رئيس شرطة المرور الإيرانية الجنرال تيمور حسيني، إن على المسافرين العودة إلى مدنهم فوراً. وبدأت الشرطة أمس، فرض إجراءات مشددة على الطرق والمنافذ المرورية للمحافظات. وصرح حسيني بأن العائدين إلى مدنهم لن يواجهوا مشكلة.
وشدد رئيس البرلمان علي لاريجاني أمس، على أهمية الصرامة في تطبيق خطة التباعد الاجتماعي، وفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية. من جانبه، اتّهم نائب مدينة مشهد، رضا شيرام خراساني في تصريح لوكالة «إيلنا» الرئيس الإيراني بـ«التهوين» من حجم الوباء، محذراً من موجة ثانية في إيران، لعدم اتخاذ إجراءات وقائية. وقال خراساني إن «نتائج الأحداث تُظهر أنه لا يوجد عزم راسخ من جانب المسؤولين لقطع مسار هذا المرض». ونقلت وكالة «إيلنا» عن النائبة فاطمة حسيني، أن إيران ستشهد موجة جديدة من الإصابات بعد نهاية رحلات النوروز، وحذرت من أن الزيادة في عدد المصابين تشكّل ضغطاً مضاعَفاً على المراكز الطبية.
وكتب النائب عن مدينة طهران علي رضا رحيمي، عبر حسابه على شبكة «تويتر»، إنه تمت الموافقة على جزء كبير من طلب تقدمت به إيران لصندوق النقد الدولي للحصول على خمسة مليارات دولار. وقال إن «توفير هذا المبلغ سيسرع من مواجهة إيران للفيروس». وأضاف أن «الإدارة الصحيحة وتعزيز الرقابة على توزيع الموارد والإمكانيات تمكّن المناطق الإيرانية بشكل عادل في هذه المعركة».
فيما كتب المحلل السياسي الإيراني عباس عبدي، في مقال تداولته وسائل إعلام إيرانية: «على ما يبدو أحد أسباب عدم رغبة روحاني في اتخاذ القرارات الصعبة في إعلان الحجر الصحي لاحتواء الفيروس، هو اعتقاد الرئيس الإيراني حسن روحاني أنها أفضل فرصة في قضية العقوبات قبل بدء المفاوضات مع الولايات المتحدة... ليس من الواضح ما إذا كان يساعد احتواء تفشي وباء (كورونا) في تحقق هذا الهدف».
من جهته، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان حشمت الله فلاحت بيشه، لوكالة «إيسنا» الحكومية، إن كورونا «صناعة يدوية من الإرهاب البيولوجي»، متهماً القوى العالمية باستخدام الوباء لـ«الإرهاب البيولوجي» من دون أن يذكر أدلة. وصرح فلاحت بيشه، بأن «مكان إيران فارغ في مواجهة الوباء العالمي، لا توجه دعوة لحضور إيران في الاجتماعات التي تُعقد من أجل مواجهة (كورونا)». وأضاف: «الولايات المتحدة تعمل على إبعاد إيران عن مركز صنع القرار العالمي لأن المسؤولين الأميركيين ما زالوا يريدون عزل إيران وتقييدها».
بدوره، رد المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، على ما يتردد عن سعي الحكومة لاتخاذ «كورونا» وسيلة للتقدم في السياسة الخارجية، وكسر العقوبات وإحياء الاتفاق النووي، وعدّه «تحليلاً مغلوطاً من أساسه، ولا يتطابق مع منطق السياسة الخارجية».