الحوثي يهدد آمال «التهدئة» ويتوسل التحالف الاعتراف بانقلابه (تحليل)

بعد ساعات من ظهور بوادر نحو توجه الحكومة اليمنية الشرعية والانقلابيين الحوثيين للتوصل إلى تهدئة لمناسبة فيروس «كورونا المستجد» وتحت ضغط المبعوث الأممي وأطراف دولية أخرى ظهر زعيم الجماعة في خطبة حربية جديدة لينسف هذه الآمال متوعدا بسنة سادسة من الحرب والتشبث بالانقلاب.
وكعادته في قلب الحقائق صور الحوثي في خطبته التي بثتها قناة «المسيرة» جماعته في رداء المظلومية، متناسيا حجم الكارثة التي تسبب فيها انقلابه على الشرعية في البلاد وما آلت إليه الأوضاع الإنسانية من مأساة غير مسبوقة بحق ملايين اليمنيين. وفي هذا السياق توعد زعيم الجماعة الموالية لإيران بسنة سادسة من الحرب والانقلاب، وزعم أن جماعته باتت تصنع كل أصناف الأسلحة وأن السنة الجديدة ستحمل «مفاجآت لم تكن في حسبان» تحالف دعم الشرعية «وبقدرات عسكرية متطورة وانتصارات عظيمة».
أما عن المخرج الوحيد الذي طرحه الحوثي لوقف الحرب فيكمن - بحسب فحوى خطبته - في توقف التحالف عن دعم الشرعية ورفع قيود المراقبة المفروضة على تهريب الأسلحة وعودة المناهضين السياسيين تحت جناح الانقلاب من بوابة ما تسميه الجماعة «لجنة المصالحة» التي أنشأتها في صنعاء من عناصرها.
وفي حين زعم الحوثي أن جماعته جاهزة «لإنجاز عملية تبادل الأسرى» لجأ هذه المرة إلى توظيف هذا الملف لاستدرار تعاطف حركة «حماس» وجماعة «الإخوان المسلمين» والمتاجرة بالقضية الفلسطينية مجددا، حين عرض إطلاق سراح طيار سعودي مع أربعة ضباط - بحسب قوله - مقابل أن تقوم المملكة بالإفراج عن متهمين فلسطينيين بقضايا «إرهابية».
ولم ينس الحوثي أن يكيل المديح للنظام الإيراني و«حزب الله» اللبناني، مثل كل مرة، زاعما أن طهران «تقف إلى جانب الشعوب المستضعفة» وهو اعتراف ضمني منه بالدعم الإيراني لجماعته بالأسلحة المهربة وخبرات الحرس الثوري، إذ لم يعرف اليمنيون أن إيران قدمت لهم سوى شحنة من مياه الشرب غير صالحة للاستهلاك الآدمي، باعتراف وسائل إعلام الجماعة نفسها.
وفي باب المزايدة الحوثية المكشوفة فيما يخص انتشار وباء كورونا، حاول زعيم الجماعة أن يروج لانتشار المرض في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وجبهاتها «بأعداد كبيرة» بخاصة في جبهة ميدي الحدودية - وفق زعمه - متجاهلا في هذا السياق تأكيدات منظمة الصحة العالمية بخلو اليمن من الوباء.
أما التطور اللافت في خطبة الحوثي هذه، فهو محاولته تحاشي الألفاظ «التكفيرية» التي كان يكيلها لأنصار الشرعية وبخاصة لفظ «المنافقين» إذ عدل عنها هذه المرة إلى صفة ذات صبغة سياسية وهي كلمة «الخونة» التي كررها في أكثر من موضع.
وفي حين وصف ما حققته جماعته من سيطرة ميدانية خلال السنوات الماضية على بعض المحافظات بأنه «نصر وتأييد إلهي» اشترط أن تتوقف العمليات العسكرية ضد ميليشياته بشكل واضح وقرار صريح وبشكل عملي في سياق أمله في أن يتم الاعتراف بانقلابه حاكما لليمن.
إلى ذلك، سعى زعيم الجماعة الحوثية إلى إقناع أتباعه بأن الحرب المستمرة التي يقودها بإشراف إيراني ليست سوى من أجل «الاستقلال والحرية» متناسيا التوصيف القانوني الدولي لما أقدمت عليه الجماعة من انقلاب على الدولة اليمنية والمسار الانتقالي الشرعي.
وفي الوقت الذي تشير فيه كل المؤشرات والدلائل الواقعية إلى تبعية جماعته للنظام الإيراني، زعم الحوثي أن جماعته لا تشكل أي خطر على المحيط العربي والإسلامي، لكنه عاد للقول إن ميليشياته مستعدة لتقديم المزيد من التضحيات من أجل تثبيت مكاسبها الانقلابية وتجاهل جميع القرارات الدولية.
وبينما تباهى زعيم الحوثيين بأن جماعته بات لديها «الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة في مداها البعيد ودقتها في الإصابة وقدرتها التدميرية» بحسب زعمه، أثنى على القبضة الأمنية لميليشياته التي قال إنها «حققت إنجازات كبيرة» في إشارة إلى ما قامت به من حملات قمع وانتهاكات بحق معارضي الجماعة.
وفي محاكاة لتصريحات القيادات الإيرانية المشككة في عمل وجدوى المنظمات الإنسانية، قال الحوثي إن ما تقدمه هذه المنظمات محدود ومحكوم بسياسات ولا ينبغي الاعتماد عليه. زاعما أن الحل من أجل الإنفاق يكمن في جباية المزيد من أموال اليمنيين تحت اسم «الزكاة».
وكان الحوثي أكد في خطب سابقة استمرار وقوفه مع النظام الإيراني وأذرعته في المنطقة العربية والشرق الأوسط، على خلفية قيام واشنطن بتصفية القيادي في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
واعترفت الجماعة وزعيمها العام الماضي بالنظام الإيراني وقامت بتعيين ممثل لها في طهران في منصب سفير اليمن، بعد أن أرسل زعيمها الحوثي رسالة إلى المرشد علي خامنئي يعترف فيها بنظام ولاية الفقيه الذي اعتبره امتدادا لحكم النبي محمد وعلي بن أبي طالب، كما كشف عن ذلك الموقع الرسمي لخامنئي.
وفي حين كانت تقارير غربية حديثة كشفت عن حجم الحضور الإيراني العسكري في اليمن الذي يتزعمه القيادي في الحرس الثوري الإيراني عبد الرضا شهلائي إلى جانب نحو 400 من عناصر الحرس الثوري، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن مكافأة قدرها 15 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات عن مواقع أنشطة شهلائي في اليمن.