أزمة بين البرلمان التونسي والنقابات بعد تعنيف نائب معارض

أعلن البرلمان التونسي مساندته لمحمد العفاس، النائب البرلماني عن كتلة «ائتلاف الكرامة»، إثر اتهامه لقيادات نقابية في مدينة صفاقس (وسط شرقي) بالاعتداء عليه جسديا ولفظيا، وأخذ هاتفه الجوال وتمزيق ملابسه.
ودعا البرلمان، الذي يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إسلامية)، المتزعم للائتلاف الحاكم الحالي، إلى فتح تحقيق قضائي جدي في ملابسات الحادث، الذي اتهمت فيه قيادات نقابية بتنفيذ الاعتداء، بسبب انتقادات حادة من قبل «ائتلاف الكرامة» لمختلف القيادات النقابية، واتهامها بالفساد والتطفل على عالم السياسة، والتأثير على عمل الحكومة والمعارضة تحت غطاء العمل النقابي.
ووقع الاعتداء، وفق العفاس، حين حضر اجتماعا في إطار متابعته لتطورات تفشي وباء «كورونا»، حيث نشر مقطع فيديو ظهر فيه ممزق الثياب، وقال إن المعتدين عمدوا في البداية إلى طرده من الاجتماع، رغم صفته نائبا للشعب ورئيس لجنة الصحة بالمجلس الجهوي في صفاقس، قبل أن يعنفوه باللكم واللطم، ويهشموا نظارته وينتزعوا هاتفه الجوال. وأوضح القاضي مراد التركي، المتحدث باسم محاكم صفاقس، أن النائب العفاس تقدم بشكوى إلى مركز الأمن ضد عدد من المنتمين للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، واتهمهم بتعنيفه جسديا ولفظيا، والإهانة والتجريح. مبرزا أن مركز الأمن أشعر النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في صفاقس بالواقعة، التي سمحت ببدء الأبحاث، مع عرض المتضرر على الفحص الطبي لمعرفة ما سوف تسفر عنه نتائج التحاليل الطبية.
وكان سيف الدين مخلوف، رئيس ائتلاف الكرامة، (إسلامي متشدد) قد عمل على ترويج فيديو الاعتداء على العفاس، واتهم القيادات النقابية بالمستشفى الجهوي في صفاقس بالوقوف وراءه، وذلك ضمن سلسلة من المناكفات التي تعود إلى فترة الحملة الانتخابية الماضية.
وبات حزب «ائتلاف الكرامة» قوة سياسية وبرلمانية في المشهد السياسي التونسي الجديد، إذ تمكن من المشاركة لأول مرة في انتخابات السنة الماضية، ونجح في الحصول على المرتبة الرابعة بفوزه ب21 مقعدا برلمانيا، خلف حركة النهضة، وحزب «قلب تونس»، وحزب التيار الديمقراطي.
وكان سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، قد صرح سابقا بأن صعود بعض الأطراف المتطرفة إلى البرلمان، في إشارة إلى «ائتلاف الكرامة» وحزب «الرحمة»، «ستكون له عواقب وخيمة» على حد تعبيره. لكن لم يتأخر رد مخلوف، الذي يشتغل في المحاماة، طويلا، ووعد بكشف ملفات فساد بعض القيادات قريبا.
واتهم مخلوف قيادات الاتحاد بـ«الارتزاق من عرق العمال»، معتبرا أن «منظمة الشغيلة» ليست نقابة للعمال، بل حزب سياسي لا وزن له على الساحة السياسية، ولا يمثل منخرطيه، وكان مؤيدا للرئيس السابق زين العابدين بن علي»، وفق قوله. وأوضح مخلوف أنّ «كل من يحيد عن مواقف الاتحاد النقابي أو يكون له موقف مغاير يمنعونه من أن يكون في المكتب التنفيذي»، مشددا على أن بعض قيادات الاتحاد متهمة بملفات فساد، وأن عددا كبير منهم بلغ مرحلة الثراء الفاحش بشكل مشبوه، وتوعد بالعمل على كشف مصادر هذا الثراء، وهو ما أثار ثائرة قيادات الصف الأول من نقابة العمال، التي فندت هذه الاتهامات، وأكدت في المقابل أنها تعتمد أحدث وسائل الحكومة الرشيدة، وأن «كل مداخيلها ونفقاتها موثقة».