خفض الإنفاق الجزئي... إجراء استباقي للحفاظ على مكتسبات المالية السعودية

أجمع اقتصاديون سعوديون أن الإجراء الذي اتخذته السعودية، والمتضمن خفضاً جزئياً في بعض البنود ذات الأثر الأقل اجتماعياً واقتصادياً بنحو 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، التي تمثل نسبة أقل من 5 في المائة من إجمالي النفقات المعتمدة في ميزانية العام 2020، هو إجراء استباقي للحفاظ على الكفاءة المالية للدولة والمكتسبات الاقتصادية الوطنية.
وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية ومن خلال كثير من مواقفهاً السابقة والحالية تعمل على المصلحة العامة، وتجنب المواطن أي تبعات ناتجة عن ظروف خارجية، خاصة أن مداخيل الاقتصاد المحلي أصبحت في الوقت الراهن متنوعة وهو ما تسعى إليه السعودية وفق رؤيتها 2030، الأمر الذي يتيح لها التحرك لمواجهات التحديات الخارجية دون انعكاسات سلبية.
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان أعلن أمس أن الحكومة أقرت خفضاً جزئياً في بعض البنود ذات الأثر الأقل اجتماعياً واقتصادياً، وقد بلغ حجم الخفض الجزئي في تلك البنود ما يقارب 50 مليار ريال، يمثل أقل من 5 في المائة من إجمالي النفقات المعتمدة في ميزانية العام 2020، لافتاً أنه سيتم إعادة تقييم المستجدات ومراجعة بنود النفقات واتخاذ القرارات المناسبة في حينه، كما ستواصل الحكومة رفع كفاءة الأداء المالي والاقتصادي.
من جهته، قال الدكتور فيصل الفاضل رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى لـ«الشرق الأوسط» إن الإجراء الذي تم اتخاذه هو إجراء استبقائي وقائي يواكب الأحداث حول العالم، التي يتصدرها فيروس كورونا، وما نتج عنها من خسائر اقتصادية لمختلف الدول، موضحاً أن كثيراً من الدول سارت على نفس هذا النهج التي اتخذته السعودية في الحفاظ على اقتصادها ومنها ما أعلنته الولايات المتحدة الأميركية باعتماد خطة بقيمة تريليون دولار لدعم الاقتصاد في مواجهة الوباء «كورونا».
ولفت الدكتور الفاضل أن هذا الإجراء جاء بعد دراسة متأنية للحفاظ على المكتسبات الاقتصادية، إضافة إلى مواكبة المستجدات والتعامل مع المتغيرات كافة، دون الإضرار باقتصاد المواطن والمشروعات الاجتماعية والحفاظ عليها، مشدداً أن الاقتصاد الوطني قوي ولديه القدرة على مواجهات التغيرات الطارئة والتعامل معها بمرونة.
وأبان الفاضل، أن الدولة مستمرة في العمل على تحقيق «رؤية 2030» وستواصل رفع كفاءة الأداء المالي والاقتصادي، بما يمكنها من الاستمرار في تنفيذ برامج «رؤية المملكة 2030» ومستهدفاتها.
إلى ذلك، قال الدكتور صالح الطيار، الأمين العام للغرفة التجارية العربية الفرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن السعودية دائماً سباقة في اتخاذ خطوات استباقية في المجالات كافة لضمان الاستمرارية، وهو ما حدث في كثير من المواقف السابقة والحالية، والتي كان آخرها إقرار التخفيض بنحو 50 مليار من الميزانية العامة، وتأجيل بعض المشروعات التي لا يكون لها تأثير أو انعكاسات سلبية على المدى القصير والبعيد.
واستطرد الطيار أن السعودية لديها مركز مالي قوي، رغم التحديدات التي حدثت على الساحة الدولية من «انخفاض أسعار النفط، وانتشار فيروس كورونا الجديد»، الذي تسبب في خسائر فادحة لكثير من الاقتصادات، إلا أن السعودية رغم هذه التحديات حافظت على احتياطيات وأصول ضخمة تمكنها من مواجهة أي ظروف، والاستمرار بشكل ثابت في تحقيق أهدافها الاقتصادية، موضحاً أن هذا التخفيض له عوائد إيجابية على المواطن التي سعت الدولة ألا يتحمل تعبات الأخطار الخارجية.
وأشار أمين عام الغرفة العربية الفرنسية، أن هذا الإجراء يؤكد سلامة وسرعة التحرك السعودي لمواجهة أي عارض، في ظل المعطيات الدولية، بما لا يكون له تأثيرات على المستهلك المحلي، مدللاً على ذلك بكثير من القرارات الاحترازية التي اتخذتها السعودية منذ اللحظات الأولى لإعلان فيروس كورونا، وتحملها التبعات الاقتصادية كافة، من تعطيل العمل، ودعم المؤسسات الاقتصادية، ودعم منظمة الصحة العالمية، وغيرها من الإجراءات التي تتحملها من أجل سلامة المواطن والمقيم على الأراضي السعودية.