أسواق العالم العليلة لا تستجيب للمحفزات

يبدو أن المليارات التي وعدت بها القوى الكبرى لإنعاش الاقتصاد العالمي في مواجهة وباء «كوفيد - 19» لم تنجح في وقف دوامة التراجع التي تشهدها بورصات آسيا وأوروبا الأربعاء.
وبعد بداية جيدة، تراجعت بورصة طوكيو وخسرت 1.68 في المائة. وفي أوروبا خسرت كل أسواق المال الأرباح التي حققتها الثلاثاء وفتحت على انخفاض بلغ أكثر من 2 في المائة في باريس و3 في المائة في لندن و4 في المائة في فرانكفورت، وبحلول الساعة 1409 بتوقيت غرينتش، كان المؤشر داو جونز الصناعي منخفضا 919.45 نقطة، أو 4.33 في المائة، إلى 20317.93 نقطة.
وكان المؤشر ستاندرد آند بورز 500 متراجعا 96.62 نقطة، أو 3.82 في المائة، إلى 2432.57 نقطة، بينما هبط المؤشر ناسداك المجمع 214.97 نقطة، أو 2.93 في المائة، إلى 7119.81 نقطة.
ويعكس انخفاض أسعار بعض الأسهم الوضع السيء للصناعة العالمية، بدءا من قطاع الصناعات الجوية - تسجل مجموعة إيرباص انخفاضا نسبته 14 في المائة في باريس - أو بقطاع السيارات الذي يضطر لإغلاق مصانع له. ففي فرانكفورت خسرت أسهم مجموعة بي إم دبليو أكثر من 8 في المائة من قيمتها ومجموعة دايملر أكثر من 6 في المائة.
لكن بعض شركات التكنولوجيا الحيوية التي تتمتع بموقع متين في البحث عن لقاح ضد «كوفيد - 19» تشهد ارتفاعا في أسعار أسهمها مثل الألمانية «بيونتك» المرتبطة بمؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا.
وتشهد الأسواق تقلبات في الأيام الأخيرة ما يدل على التوتر السائد. وقال تياري لوكليرك الذي يدير أسهما في مجموعة «مانداران جيستيون» ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «البحر هائج لذلك من الطبيعي أن نرى خسائر في كل الاتجاهات».
وخفض عدد كبير من المصارف المركزية مؤخرا معدلات فائدتها الأساسية، بينما أعلنت دول عن دعم ميزاني كبير، لكن طالما ما زال الفيروس ينتشر، يشكك الخبراء في جدوى هذه الإجراءات.
وستكون هذه الجهود سخية جدا. فالولايات المتحدة تعد خطة دعم تبلغ قيمتها نحو ألف مليار دولار حسب وسائل الإعلام الأميركية.
من جهته، أنشأ الاحتياطي الفيدرالي الذي يقوم بمهام البنك المركزي الأميركي آلية جديدة يفترض أن تسمح للعائلات والشركات الأميركية بالحصول على قروض بسهولة أكبر.
أما البنك المركزي الأوروبي فقد قدم مائة مليار يورو من السيولة إلى المصارف، في دفع إضافي لعشرات المليارات التي أفرجت عنها دول عدة في القارة العجوز التي أصبحت مركز الوباء.
وكتبت مجموعة «لا بنك بوستال اسيت مانيجمنت» (إل بي بي إيه إم) في مذكرة «حاليا تضيف الحكومات قرارات جديدة على قرارات اتخذت من قبل بينما تبدو المصارف المركزية محصنة باستقلاليتها والتعاون الدولي في أدنى مستوياته». وأضافت المجموعة أن «المجموع لا يوجه رسالة تسمح بقراءة الوضع ولا بالتحكم به في المستقبل لذلك تبدو إعادة الثقة أمرا عقدا».
ويرى فينسنت بوي من مجموعة السمسرة «آي جي فرانس»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، أن «كل سيولة العالم لن تفيد ما لم يستأنف النشاط بأسرع وقت ممكن».
وبينما يغلق الاتحاد الأوروبي كل حدوده مع الخارج حتى 17 أبريل (نيسان)، أقرت رئيسة مفوضيته بأن جميع المسؤولين السياسيين «أساءوا تقدير» حجم الخطر الذي يمثله الوباء.
وبعد إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، جاء دور بلجيكا الأربعاء لفرض العزل التام. ويتوقع خبراء الأسواق فرض حجر صحي لا يمكن تجنبه على السكان ما سيؤدي إلى تفاقم تأثير الوباء على الاقتصاد.
وقال إيبيك أوزكارديسكايا المحلل في مجموعة «سويسكوت بنك» إن «السؤال لا يتعلق بمعرفة ما إذا كان سيحدث ركود بسبب فيروس كورونا المستجد؛ بل إلى أي درجة سيكون خطيرا». وأضاف «الآن من غير المؤكد أن الإجراءات الكبيرة ستساعد الإحصاءات الاقتصادية إذا اضطر الاقتصاد الأميركي للتوقف لتجنب انتشار (للمرض) كما في أوروبا».
ومنذ ثلاثة أسابيع دخلت أسواق رأس المال دوامة وتطلع على إحصاءات اقتصادية تزداد سوءا. لذلك تدخلت سلطات تنظيم أسواق الأسهم. فقد قررت إيطاليا حظر البيع المكشوف لثلاثة أشهر بينما حددت إسبانيا وفرنسا وبلجيكا شهرا واحدا لعمليات البيع هذه.