هل يحتاج المنتخب السعودي إلى مهارات مختار وكنو في الوقت الراهن؟!

يعيش المنتخب السعودي الأول لكرة القدم في واحدة من أكثر مراحله استقرارا، مقارنة بالفترة الماضية التي وصل فيها إلى المرتبة 126 (عالميا) كواحدة من أسوأ الحقب التي مرت عليه في السنوات الأخيرة، وأخيرا تمكن من التأهل إلى نهائيات كأس آسيا المقبلة التي تستضيفها أستراليا في 2015، وفي آخر تصنيف دولي صادر من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قفز 14 مركزا في التصنيف الدولي الصادر في 16 يناير (كانون الثاني) 2014، بعد أن جمع 487 نقطة ليصبح في المركز 73 عالميا، متقدما عن المركز 78 في التصنيف الشهري الذي سبقه. ويستعد الإسباني لوبيز كارو مدرب المنتخب السعودي الأول لاختيار قائمة اللاعبين الأساسية استعدادا للمواجهة الأخيرة ضمن التصفيات المؤهلة للنهائيات أمام المنتخب الإندونيسي في 5 مارس (آذار) المقبل «ضمن الأخضر التأهل بعد تصدره لمجموعته».
ويواصل لوبيز هذه الأيام برفقة مساعديه جولاته المكوكية بين المدن السعودية لمتابعة لقاءات متفرقة من دوري عبد اللطيف جميل بهدف الوقوف على مستويات اللاعبين وتدوين ملاحظاته حولهم، سيما من أثبتوا أنفسهم للوصول للقائمة الأساسية التي ينوي اختيارها، والمتوقع الإعلان عنها نهاية شهر فبراير (شباط) المقبل.
«الشرق الأوسط» تحصلت على آراء عدد من المدربين الوطنيين حول التشكيلة المثالية للأخضر، وتوقعاتهم حول التغيرات الممكن حدوثها على القائمة، وعن آرائهم بشأن المنهجية التي يفترض أن يسير عليها المدرب الإسباني في المرحلة التي سيقبل عليها المنتخب السعودي.
كانت البداية مع الخبير الفني محمد الخراشي الذي يرى أن المرحلة المقبلة لا تتطلب عناصر جديدة في ظل الأسماء التي جرى اختيارها من قبل المدرب الإسباني لوبيز، ويفصل: «بمتابعة دقيقة لدوري عبد اللطيف جميل نجد أن أغلب العناصر التي مثلت المنتخب في مرحلة التصفيات الآسيوية هي الأميز والأفضل مع فرقها، على مستوى جميع الخطوط، ويجدر بنا أن لا نغفل المقاييس التي يعتمد عليها المدرب لوبيز في الاختيار، فهناك احتمال أنه لا يرى تميز اللاعب على المستوى الفردي، ربما تكون لديه جوانب أخرى كالانسجام العام».
ويضيف الخراشي: «في جانب آخر نجد لاعبين مستوياتهم متقلبة، في مباراة متميزين، وفي أخرى بمستوى هابط، وعليه فإن عملية اختيار اللاعبين تعتمد على فكر المدرب؛ لأنه يحتاج إلى اللاعب الذي ينفذ المطلوب منه على أكمل وجه بغض النظر عن مستواه وتميزه في الدوري، يضاف إلى ذلك أن أغلب المدربين ينظرون للاعب الذي يطبق الأدوار حرفيا كما يريدون».
ويرى الخراشي أن العناصر التي انضمت أخيرا للمنتخب لا تحتاج لإضافات، ويفصل: «على سبيل المثال في خط الهجوم نجد الثنائي ناصر الشمراني ومحمد السهلاوي يقدمان مستويات مميزة وينافسان على لقب هداف الدوري، وفي كل مباراة يكون لهما حضور في صناعة الأهداف أو تسجيلها، وفي نظري أن هذه المستويات التي يقدمها الثنائي تعطي إشارة على أنه سيكون لهما شأن في المشاركات المقبلة للمنتخب، إضافة إلى أنهما سيشعلان المنافسة بين اللاعبين، وهناك الكثير من الأسماء الأخرى أيضا التي تميزت، أمثال مختار فلاته ومحمد كنو وغيرهما، وأرى أن مثل هذه الأسماء في حاجة لاكتساب الخبرة خلال المرحلة المقبلة».
وتابع الخراشي: «عطفا على ذلك ربما أنه من الأفضل تجنب الاستعجال في انضمامهم، والمرحلة المقبلة تتطلب لاعبي خبرة؛ فهم من يحتاجهم المدرب، ونلفت هنا إلى أن مهمة المدرب الوطني خالد القروني الذي يشرف على المنتخب الأولمبي والشباب هي تجهيز لاعبين على مستوى عال من الإمكانيات الفنية واللياقية حتى يكونوا سندا للمنتخب الأول وذوي دور تكاملي معه، وشاهدنا الكثير من النجوم استطاعوا إثبات حضورهم في أنديتهم وأصبحوا من العناصر الأساسية بالفريق الأول».
من جهته يرى المدرب الوطني الدكتور عبد العزيز الخالد أن أسماء كثيرة من اللاعبين مرت على المنتخب السعودي خلال فترة مشاركته الماضية، منهم من ثبت ومنهم من غادر صفوف الأخضر، ويشرح: «من خلال متابعتنا لدوري عبد اللطيف جميل نجد أسماء تقدم نفسها بشكل مميز في كل جولة، مما يجعل المدرب لوبيز في حيرة لتحديد العناصر التي سيجري الإعلان عنها في التشكيلة الجديدة».
وواصل حديثه: «من وجهة نظري، مشكلة اللاعب السعودي تكمن في عدم اهتمامه بالانضباط، يضاف إلى ذلك التباين الكبير في مستواه وأدائه من مباراة لأخرى، فمرة في القمة وكثيرون يؤيدون انضمامه للمنتخب، لكن للأسف تجده في مباراة أخرى بمستوى هابط، بل ربما يكون خارج تشكيلة فريقه، بمعنى عدم الثبات على مستواه».
وبين الخالد: «من خلال هذه المعطيات أرى أنه لا يوجد لاعب يمكن تصنيفه من اللاعبين الموهوبين، أو اللاعبين الذين لديهم القدرة على الثبات على مستوى ثابت يضيف لفريقه، ولا شك أن مثل هذه الظروف تسبب الحرج للمدرب ولمحبي الكرة السعودية».
ويؤكد الخالد وجود أسماء كثيرة تستحق الانضمام ولكن من الصعب اختبار لاعب باسمه، «المدرب هو من يحدد الأسماء بناء على المنهجية التي سيعمل بها في المرحلة التالية، ومن هو اللاعب الأفضل الذي يستطيع أن يقدم الدور الذي يريده المدرب».
وأردف: «علينا تحاشي الاستعجال في ضم اللاعبين حتى لو أبدعوا في منافسات دوري جميل، في المقابل يفترض على المدرب الإسباني لوبيز العمل على الاستقرار والانسجام في الأسماء التي اختارها في السابق ولفترة طويلة؛ حتى تكون للمنتخب هيبة وشخصية في ظل النتائج الإيجابية التي حققها خلال التصفيات الآسيوية بعد أن استطاع المنتخب التأهل لنهائيات كاس آسيا، وتحسن تصنيفه على مستوى التصنيف العالمي».
وختم الخالدي حديثه بالتأكيد على وجود أسماء استطاعت التألق والإبداع في منافسات الدوري السعودي مثل محمد كنو ومختار فلاته، لكنه يرى في المقابل أن الأسماء الأخرى التي انضمت للمنتخب في المرحلة الأخيرة من التصفيات، تقدم مستويات جيدة وهي تستحق الانضمام مجددا للمنتخب، مستشهدا بلاعبين أمثال ناصر الشمراني ومحمد السهلاوي وغيرهما، مشددا على أهمية الاستقرار والانسجام لكل مدرب في ظل أن المنتخب السعودي قادر بالعناصر التي سيجري اختيارها، على مواصلة المشوار في تحقيق نتائج مميزة تؤكد عودته بقوة للمنافسة.
أما المدرب عمر باخشوين فيعتقد أن الإسباني لوبيز لديه فكرة كاملة عن اللاعبين السعوديين، من خلال حضوره ومتابعته لجميع المباريات في دوري جميل، ويضيف: «هو يعرف الاحتياجات التي يحتاج إليها في الفترة المقبلة فيما تبقى من مباريات التصفيات الآسيوية، ولكن من وجهة نظري أن هنالك لاعبين برزوا بشكل كبير من خلال مشاركتهم في بطولة دوري عبد اللطيف جميل أمثال لاعب الاتفاق محمد كنو الذي لفت الأنظار من خلال المجهود الذي قدمه مع فريقه، وأيضا لاعب الاتحاد مختار فلاته الذي ظهر بمستوى ممتاز خاصة في الجولات الأربعة الأخيرة، حيث أصبح من اللاعبين الذين ينافسون على لقب الهداف».
ويستدرك باخشوين: «لكن في الوقت نفسه المدرب لوبيز هو صاحب الصلاحية في اختيار اللاعبين، وأعتقد أن قوة الدوري في ظل تميز جميع اللاعبين - بمن فيهم الذين سبق لهم الانضمام للمنتخب سيكونون مؤهلين مجددا نتيجة لمشاركتهم الفعالة - سيصعب من رؤية أسماء جديدة على خارطة الأخضر، والمدرب لوبيز يدرك أهمية المرحلة المقبلة، والاستقرار والانسجام مطلوبان في المرحلة المقبلة، خاصة بعد أن أعاد الأخضر هيبته وتأهله لنهائيات كاس آسيا بجدارة».
وتحدث أخيرا المدرب الوطني بندر الجعيثن عن الآراء الفنية حول تشكيلة الأخضر، مشددا على أن قوة المنافسة وارتفاع الأداء في دوري عبد اللطيف جميل سيكون لهما انعكاسات إيجابية على عملية اختيار اللاعبين، بقوله: «ارتفاع الناحية اللياقة والمهارية وسرعة تناقل الكرة بين اللاعبين تطورت، لا سيما في لقاءات الفرق الكبيرة والجماهيرية كما يحدث في لقاءات يكون أحد أطرافها الهلال أو النصر أو الأهلي أو الشباب بالإضافة إلى الاتحاد، ونشاهد مستويات أكثر من رائعة وظهر أكثر من لاعب بمستوى مميز، فمثلا لاعب الاتحاد عبد الرحمن الغامدي يملك مقومات اللاعب المهاري والسريع وصناعة اللعب، وفي خط المقدمة نلحظ تحسن أداء بعض اللاعبين أبرزهم محمد السهلاوي الذي يقدم مستوى مميزا جعله ينافس على لقب الهداف مع زميله ناصر الشمراني، وهذه الأمور ستمنح المدرب لوبيز الكثير من الخيارات التي ستساهم في اختيار تشكيلة مثالية للمنتخب الأول».
ويبين الجعيثن أن هناك لاعبين قدموا مستويات فنية عالية، يستحقون على أثرها الانضمام للمنتخب، ومثل هذه الأسماء في حاجة لمثل هذه الفرص حتى تثبت قدرتها على تقديم ما لديها. وتطرق الجعيثن لرؤية المدرب لوبيز بقوله: «في الوقت نفسه المدرب لديه نظرية في عملية الاختيار، وهو حريص على الاستقرار وعدم المجازفة في موضوع اختيار اللاعبين، خاصة أن المرحلة المقبلة تتطلب جهودا كبيرة، حيث تنتظرنا الكثير من المشاركات منها بطولة كأس الخليج ونهائيات كأس آسيا، وحتى نكون في كامل جاهزيتنا الفنية واللياقية نحتاج إلى اللاعب القادر على تطبيق الأدوار التي يطلبها المدرب، ومن خلال متابعتنا للأخضر في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس آسيا نجد أنه يسير بالطريق الصحيح، وأعاد هيبة الكرة السعودية بعد تأهله لنهائيات كأس آسيا بأستراليا قبل نهاية الجولة الأخيرة، وهذا دليل على نجاح العمل الذي يقود به اتحاد الكرة، ونأمل أن يواصل الأخضر نتائجه الإيجابية ويحقق ما نخطط له وفق الإمكانيات المتاحة.