جهاز جديد لتعظيم إنتاج الكهرباء من الأمطار

بُذلت عدة جهود لحصد الطاقة من مياه الأمطار، غير أنها عادة ما تصطدم بالعقبات، ومنها أن توليد الطاقة الهيدروليكية التقليدي يستخدم بشكل رئيسي المولدات الكهرومغناطيسية الثقيلة التي تصبح غير فعالة مع انخفاض إمدادات المياه.
البدائل التي طُرحت في هذا الإطار كانت تطوير المولدات النانوية، وهي أجهزة تحول الطاقة إلى كهرباء قابلة للاستخدام، وتقوم فكرتها على وجود لوحة شمسية لالتقاط الطاقة من حركة قطرات المطر.
وطور الباحثون في دراسة نشرت قبل نحو عامين في دورية (ACS Nano) لوحاً شمسياً هجيناً خفيف الوزن، ورخيصاً بما يكفي للتركيب على الأسطح، واستخدموا أنواعاً مختلفة من البلاستيك والبوليمرات الشفافة التي تفصل بين المولدات النانوية والخلايا الشمسية على اللوحة؛ لكن كانت معوقات هذه الطريقة في أن طاقتها القصوى تبلغ أقل من واط واحد لكل متر مربع.
غير أن باحثين من معهد «شنتشن» للأبحاث بجامعة مدينة هونغ كونغ، قدموا حلاً مبتكراً تم الإعلان عنه في دورية «نيتشر»، 5 فبراير (شباط) 2020، يعتمد على جني مزيد من الطاقة باستخدام فيلم «بولي تترافلور» وإيثيلين مستند على ركيزة أكسيد الإنديوم بالإضافة إلى قطب ألمنيوم.
وتقوم فكرة عمله على أن فيلم «بولي تترافلور» يمكنه تجميع شحنة سطحية من الكهرباء عند اصطدام قطرات الماء به، لتعمل القطرات عند انتشارها كجسر يربط بين قطبين: قطب الألمنيوم وقطب الإنديوم.
ويقوم جسر القطرات بدوره بإنشاء سطح حلقة مغلقة؛ بحيث يمكن إطلاق الطاقة المجمعة بالكامل، وتعمل القطرات كمقاومات، بينما يعمل طلاء السطح كمكثف، وهذه الطريقة يمكن تطبيقها في أي مكان تصطدم فيه المياه بسطح صلب، مثل قارب مياه، أو داخل قنينة ماء، أو قمة مظلة.
ووجد الباحثون أن هذه الطريقة يمكنها توليد طاقة كافية من قطرة واحدة من المطر لإضاءة 100 مصباح LED، وهذه قفزة كبيرة إلى الأمام في الكفاءة، وتفوق الطرق الأخرى عده آلاف من المرات.
يقول وانغ زوانكاي، من جامعة مدينة هونغ كونغ، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره موقع «ساينس أليرت» في 16 فبراير 2020: «الأبحاث التي أجريناها تظهر أن قطرة 100 ميكرولتر (الميكرو هو واحد من المليون) من المياه المنبعثة من ارتفاع 15 سم (5.9 بوصة) يمكن أن تولد جهداً يزيد عن 140 فولتاً، وأن الطاقة المولدة يمكن أن تضيء 100 مصباح LED صغير».
ويشير الكيميائي شياو تشنغ تسنغ من جامعة «نبراسكا لينكولن» إلى أن «أهمية هذه التقنية هي الطاقة الكهربائية المعززة لكل قطرة مطر، ما يجعل الجهاز أكثر كفاءة لتحويل الطاقة من قطرة السقوط إلى كهرباء».
ولا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به لإعداد هذا الجهاز للاستخدام. يقول تسنغ: «نأمل أن نكون قادرين على إعداد نموذج أولي جاهز خلال السنوات الخمس المقبلة».
وتبقى الفكرة من الناحية المعملية مبهرة؛ لكن التحدي الرئيسي هو عند تجربتها على نطاق أكبر، بحيث يمكن الحكم عليها من الناحية التشغيلية والاقتصادية، كما يقول الدكتور محمد حمدي، أستاذ الطاقات المتجددة بجامعة «بنها» المصرية.
ويضيف: «نجاح مثل هذه الفكرة على نطاق كبير لا يجعل هناك حاجة لإنفاق الملايين من الدولارات على إنشاء السدود بغية توليد الكهرباء، طالما أن بإمكاننا توليدها من قطرات الأمطار مباشرة».