«الجيش الوطني» يستنكر ضلوع تونس في «المؤامرة» على ليبيا

تصاعد الغضب داخل الأوساط السياسية في عموم ليبيا أمس، إثر الدعوة التي وجهها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى القبائل الليبية، لعقد اجتماع موسع في بلاده، سعياً للبحث عن حل ليبي - ليبي، ولاعتبار أن القبائل «تمثل مشروعاً شعبياً».
ورغم مرور أربعة أيام على إعلان الدعوة التونسية، فإن حدة الغضب الليبي في ازدياد مستمر؛ خصوصاً أنها تواكبت مع زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى تونس، مما دفع بكثير من القبائل والمجالس الاجتماعية إلى إعلان رفضها للدعوة، أمس، واعتبارها «تدخلاً في شؤون البلاد»، بينما نقل اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني»، استغراب الجيش مما سماه «ضلوع تونس في المؤامرة» على بلاده، رغم علمها بالتركيبة الخاصة بالشعب الليبي, بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وكان الرئيس التونسي قد أعلن خلال مؤتمر صحافي، منتصف الأسبوع الجاري، مع أمير قطر، أن اجتماعاً ثانياً لرؤساء القبائل الليبية سيعقد في تونس قريباً، تمهيداً للتوصل إلى حل سلمي في ليبيا، وهو الأمر الذي رفضته أطراف سياسية في حينه؛ لكن المسماري قال مساء أول من أمس: «أستغرب من الأشقاء في تونس؛ لأنهم يعلمون أن مؤتمر ترهونة (غرب) شهد تمثيلاً لجميع المدن والقبائل»، مبرزاً أن النتائج التي خرجت عن المؤتمر «هي التي دفعت تميم للحضور إلى تونس لمحاولة إفساد نتائج المؤتمر».
من جانبه، قال منصور الحصادي، عضو المجلس الأعلى للدولة، إنه كان من الأولى للرئيس التونسي دعم حكومة «الوفاق»؛ لكونها تحظى باعتراف دولي، داعياً إلى «عدم تسييس القبيلة والإبقاء على دورها الاجتماعي، كي تسهم في الاستقرار المجتمعي، وتوقف تمدد الأحقاد ببن أبناء الشعب الليبي».
واستدرك الحصادي، وفقاً لشبكة «الرائد» المقربة من حزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»: «لكن إذا كان القصد من ملتقى القبائل الإسهام في المصالحة الوطنية وحقن الدماء، فهذا جيد، شريطة ألا يكون لها أي دور سياسي أو اقتصادي».
وتُعتبر قضية تسييس القبائل، والدفع بها في تشابكات العملية السياسية، مسألة خلاف بين الأطراف السياسية في البلاد، إذ ترى سلطات غرب ليبيا ضرورة الإبقاء على دورها الاجتماعي فقط، في مقابل اصطفاف القبائل الموالية لـ«الجيش الوطني» خلفه، ودعمه بقوة.
وكان ملتقى القبائل الليبية في ترهونة قد دعا نهاية الأسبوع الماضي إلى «مقاومة كل أشكال الغزو الأجنبي، وفي مقدمتها التركي، ورفع حظر السلاح عن الجيش الوطني، ورفض أي حوار أو هدنة إلا بعد خروج الغزاة والمرتزقة من البلاد»، مهددين بتحريك دعاوى قضائية أمام المحاكم الدولية ضد تركيا.
وانتقد جمال أبو فرنة، شيخ قبيلة «الفواخر» في مدينة سلوق (شرق)، في تصريحات أمس: «التدخلات الخارجية في شؤون بلاده»، وقال إنه «يرفض اجتماع القبائل الليبية في أي دولة، طالما أنها قادرة على قول كلمتها وتوحيد صفوفها في ليبيا». وأصدرت عدة قبائل ليبية مساء أول من أمس بياناً، أكدت فيه «رفض ما يسوق من دعوات لاجتماع القبائل في تونس»، ورأت أن ذلك «يعتبر فصلاً جديداً من فضول التآمر على الوطن ومكوناته، ومثل هذه المحاولات مصيرها الفشل».
بدوره، أعلن مفتاح أبو خليل، عميد بلدية الكفرة، في تصريحات صحافية سابقة، أن القبائل الليبية التي شاركت في مؤتمر ترهونة، والتي تمثل الشعب الليبي «لن تشارك في الدعوة المرتقبة لاجتماع في تونس»، مضيفاً أن «هذه الدعوة الأخيرة من الرئيس التونسي جاءت في حضور أمير قطر، ما يعني أنها برعاية قطرية، وهي مرفوضة قبل توجيهها».وكان عضو مجلس الدولة وحيد برشان، قد علَّق على الدعوة التونسية بالقول: «لا نحتاج في ليبيا لأفكار القذافي كحلول. نحن نحتاج تونس كمؤسسات، وإلى إداراتها. فلا تعطينا حلولاً متخلفة عشناها وخبرناها أكثر من 40 سنة».
واستقبل قصر قرطاج بالعاصمة تونس مجموعة من ممثلي المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفوَّض الحاضرون حينها الرئيس التونسي قيس سعيد في رعاية حل شامل للخلاف الليبي، وفقاً لمبادئ أطلق عليها «إعلان تونس للسلام».