قلق في الجزائر بعد تأكيد إصابة إيطالية بـ«كورونا»

أحدث إعلان وزارة الصحة بالجزائر عن إصابة إيطالي بفيروس كورونا الجديد (كوفيد - 19)، قلقا كبيرا في عاصمة البلاد، دفع ببعض الآباء إلى منع أبنائهم من الدراسة. وانتشرت إشاعات في بقية المناطق عن وجود حالات أخرى لم تؤكدها السلطات.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت في بيان مساء الثلاثاء أن «نظام المراقبة الموجود على المستوى الوطني، سمح برصد حالتين مشتبه فيهما (حمى وأعراض تنفسية)، ويتعلق الأمر بإيطاليين (55 سنة و61 سنة) تظهر عليهما أعراض المرض، حيث تم التكفل بهما حسب التوجيهات الوطنية واللوائح الدولية». وأوضحت أنها «عزّزت الإجراءات الوقائية حول حالة واحدة مؤكدة، وحول نظام المراقبة واليقظة على مستوى كل نقاط الدخول إلى الجزائر».
وقال مدير الوقاية بوزارة الصحة، جمال فورار، في مؤتمر صحافي أمس إن الرعية الإيطالي المصاب بفيروس كورونا الجديد دخل إلى الجزائر قادما من مدينة ميلانو بإيطاليا يوم 17 فبراير (شباط) الجاري، وسافر في اليوم الموالي إلى حاسي مسعود بولاية ورقلة جنوب البلاد، حيث يشتغل لحساب شركة إيطالية تملك استثمارات في حقل نفطي. وأفاد فورار بأنه «تم اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لفحص الأشخاص المحيطين بالمريض، بعد أن ظهرت التحاليل المؤكدة للإصابة بالفيروس».
وبحسب المسؤول الحكومي: «أطلقت الجزائر جهاز المراقبة والتصدي للفيروس بمجرد إعلان المنظمة العالمية للصحة عن تفشي المرض بالصين. وقد كانت السلطات العمومية تتوقع تسجيل حالات إصابة، بحكم وجود الجزائر بين عدة قارات، وبحكم تعدد مبادلاتها التجارية مع مختلف البلدان من بينها 30 دولة عرفت حالات إصابة».
وأوضح فورار أن السلطات «تسعى إلى التعرف على جميع الركاب، الذين سافروا في نفس الطائرة الإيطالية القادمة من مدينة ميلانو، والتي كان على متنها الرعية الإيطالي الحامل لفيروس كورونا». وأضاف: «تم لحد الآن التعرف على عدد كبير من المسافرين، الذين كانوا على نفس الرحلة، من بينهم 10 يوجدون حاليا تحت المراقبة الطبية. غير أن المشكل حاليا، يكمن في كيفية الوصول إلى بقية الركاب».
من جهته، صرح زبير حراث مدير «معهد باستور» الحكومي للتحاليل الطبية، أن «ارتفاع الرطوبة وكثافة التجمعات السكانية، عوامل تتسبب في انتشار الفيروس، وليس درجة الحرارة أو المناخ الجاف مثلما يتم تداوله».
من جهتها، اتخذت السلطات المغربية، أمس، إجراءات رقابية جديدة على المطارات والموانئ من أجل مواجهة فيروس «كورونا» الجديد الذي يواصل زحفه في مناطق مختلفة من العالم، حيث تصاعدت حدة الخوف لدى المغاربة بعد إعلان الجزائر تسجيل أول حالة أول من أمس الثلاثاء.
وأفاد مصدر مسؤول في وزارة الصحة المغربية في اتصال مع «الشرق الأوسط» بأن مصالح الوزارة عقدت لقاءات مكثفة أمس، لتدارس الوضع والإجراءات التي ينبغي اتخاذها من أجل تفادي دخول الفيروس للبلاد.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الجهات المسؤولة عن مكافحة فيروس «كورونا» الجديد أصدرت تعليمات من أجل تشديد «المراقبة الشاملة على كل الرحلات الجوية القادمة من إيطاليا»، وذلك بعد تسجيل عدد من الإصابات في هذا البلد الأوروبي الذي تقيم فيه جالية كبيرة من المهاجرين المغاربة.
وكانت سفارة المغرب في روما قد أعلنت الإثنين تشكيل خلية أزمة لمواكبة أفراد الجالية المغربية المقيمين بإيطاليا، حيث قامت القنصليات التابعة لها في عدد من المدن بوضع أرقام هواتف خاصة للتواصل مع المغاربة من أجل تتبع أوضاعهم الصحية، في ظل ارتفاع عدد الإصابات بمدن شمال إيطاليا.
وشدد المسؤول الحكومي على أن سلطات بلاده تعمل بجد منذ ظهور المرض، مؤكدا أنه «لم تسجل أي إصابة حتى الآن، ونتمنى ألا يصل لنا هذا الفيروس».
من جهته، قال محمد اليوبي، مدير مديرية الأوبئة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة، أمس، إن «فيروس كورونا لا يستدعي كل هذا القلق، والجميع يتحدث عن حالات الوفاة التي يسببها الفيروس، لكنهم في الوقت ذاته يتجاهلون الحالات الكثيرة التي شفيت منه»، وذلك في محاولة لتهدئة المغاربة الذين بدا الخوف يسيطر عليهم من الفيروس الخطير. وأضاف اليوبي، في تصريح بثته القناة الثانية المغربية أمس، أن «كورونا» «غير عابر للقارات، بل ينتقل عبر الهواء، وذلك عندما يكون الشخص غير المريض قريبا جدا، بأقل من متر من حامل الفيروس، أو حينما يعطس هذا الأخير، أو يسعل، من دون قيامه بإجراءات وقائية»، حسب تعبيره.
وزاد مدير مديرية الأوبئة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة مخاطبا المغاربة: «يجب على الشخص المريض الحرص على استعمال منديل حين يعطس، أو يسعل، فضلا عن وجوده في غرفة تتوفر على التهوية المطلوبة».
في غضون ذلك، دعا حزب الاستقلال المغربي المعارض إلى عقد اجتماع عاجل للجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) لدراسة الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة لمحاربة الفيروس.
ووجه نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، رسالة إلى رئيسة لجنة القطاعات الاجتماعية بالمجلس من أجل عقد اجتماع عاجل، وأكد أن حزبه يتابع بـ«اهتمام كبير، تطورات انتشار الالتهاب الرئوي الحاد الناتج عن فيروس كورونا الجديد، خاصة بعد أن دعت منظمة الصحة العالمية جميع الدول إلى اتخاذ الاستعدادات الوقائية الكافية لمحاربته».
وأضاف مضيان في الرسالة «إذا كانت بلادنا ولله الحمد لم تسجل إلى حدود اليوم، أي إصابة بهذا الفيروس الخطير بفضل يقظة مختلف السلطات العمومية المختصة، فإننا في الفريق الاستقلالي نطلب منكم عقد اجتماع عاجل للجنة القطاعات الاجتماعية بحضور وزير الصحة، لدراسة الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومة للوقاية من هذا الفيروس».
كما أكدت الرسالة على ضرورة تناول الاجتماع الاستعدادات العملية التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع «أي حالة محتملة»، الأمر الذي يمثل أن دائرة الخوف من وصول الفيروس بدأت تتسلل لنفوس السياسيين كباقي المواطنين المغاربة.