تركيا تعيد اعتقال ناشط بارز بعد ساعات من الإفراج عنه بتهمة جديدة

أعادت السلطات التركية اعتقال رجل الأعمال التركي المدافع البارز عن حقوق الإنسان عثمان كافالا بعد ساعات من تبرئته فيما يتعلق بدوره في احتجاجات حديقة «جيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، التي شكلت تحدياً كبيراً لسلطة رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب إردوغان الرئيس الحالي للجمهورية. واعتقلت الشرطة كافالا فوراً عقب الإفراج عنه من سجن سيليفري شديد الحراسة غرب إسطنبول واقتادته إلى مقرها بعد إجراء فحوص طبية روتينية. وقال أنصار لكافالا على حساب على «تويتر»، أمس (الأربعاء)، إنه من المتوقع نقله إلى مكتب المدعي العام بالمحكمة الرئيسية في إسطنبول خلال فترة احتجاز تستمر 24 ساعة. وعندها سيتخذ الادعاء قراراً بشأن ما إذا كان سيتم اعتقاله رسمياً وإعادته إلى السجن.
وبرأ القضاء التركي كافالا و15 آخرين، أول من أمس، من تهمة محاولة الإطاحة بالحكومة عبر مظاهرات «جيزي بارك» الداعمة للبيئة التي انطلقت في إسطنبول في مايو (أيار) 2013 وسرعان ما تحولت إلى احتجاجات ضد إردوغان وحكومته في أنحاء مختلفة من البلاد. وقال القاضي في محكمة سيليفري (غرب إسطنبول) خلال تلاوة الحكم التاريخي بالبراءة: «ليست هناك أدلة ملموسة» ضد المشتبه فيهم. وعلت هتافات مؤيدي كافالا لدى خروجه حراً من قاعة المحكمة. وتم إطلاق سراح كافالا، المحتجز الوحيد من بين المتهمين الـ16، لاحقاً، وذلك بعدما أمضى أكثر من عامين في الحجز. وكان الادعاء طالب بتوقيع عقوبة السجن مدى الحياة، من دون إطلاق سراح مشروط، لكل من كافالا، والناشط المدافع عن حقوق الأطفال يغيت أكصا أوغلو، والمهندسة موجيلا يابيجي. لكن سرعان ما أعيد اعتقاله بتهمة التورط في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016 التي نسبتها حكومة إردوغان إلى حليفه السابق فتح الله غولن وحركته المعروفة باسم «الخدمة» التي أعلنتها الحكومة منظمة إرهابية عقب الانقلاب الفاشل. كما وجهت النيابة العامة في إسطنبول، أمس، استدعاء لناشطين آخرين بجانب كافالا للتحقيق معهم بالتهمة ذاتها.
وخلال المحاكمة، واجه المتهمون اتهامات على صلة بأدوار مزعومة في المظاهرات التي خرجت احتجاجاً على خطة حكومية لإعادة تطوير ميدان تقسيم في وسط إسطنبول، بعدما تضمنت الخطة تدمير حديقة أتاتورك، وهي واحدة من آخر المناطق الخضراء الواسعة في متنزه «جيزي بارك».
وفرقت الشرطة بالعنف اعتصاماً للمطالبة بالحفاظ على المتنزه، حيث رغبت الحكومة في بناء مركز تجاري. وتسبب التعامل العنيف في خروج احتجاجات في أنحاء تركيا؛ ما مثل أكبر حركة احتجاجية ضد رئيس الوزراء حينذاك الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان. وكانت تبرئة كافالا ورفاقه مفاجأة خلال المحاكمة التي انتقدها الحلفاء الغربيون وكانت بمثابة اختبار للعدالة في تركيا. ودفعت إعادة اعتقال كافالا، مجدداً، بتهم بالضلوع في محاولة انقلاب عام 2016 مراقبين أجانب ونواباً من المعارضة ونشطاء حقوقيين للتعبير عن الدهشة وخيبة الأمل. وكتب مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي الخاص، ناتشو سانتشيث آمور، على «تويتر»: «لا سبيل للثقة بأي تحسن في تركيا إذا كان الادعاء يقوض أي خطوة للأمام... عودة من جديد إلى العصر المظلم». وانتقدت منظمة العفو الدولية القرار. ووصفت إيما سينكلير ويب، مديرة منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بتركيا، أمر الاعتقال بأنه «غير قانوني وثأري» ويتجاهل حكماً للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي يطالب بإخلاء سبيل كافالا فوراً. وقالت وزارة الخارجية الألمانية في تغريدة عبر «تويتر»: «نحن مصدومون لإعادة اعتقال عثمان كافالا بعد تبرئته مباشرة». ودعت الوزارة إلى «توضيح سريع يتماشى مع معايير حكم القانون التي تلتزم بها تركيا». وقضى كافالا أكثر من عامين في السجن في قضية «جيزي بارك». وكان متهماً بمحاولة الإطاحة بالحكومة بتنظيم الاحتجاجات التي شهدت خروج مئات الآلاف في مسيرات في أرجاء تركيا ضد خطط إردوغان لتطوير حديقة بوسط إسطنبول. واتهم إردوغان كافالا بارتباطه بالملياردير الأميركي جورج سوروس، مؤسس منظمة المجتمع المدني المفتوح. وأصبح كافالا رمزاً لقمع المجتمع المدني. وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قراراً يطالب بإطلاق سراحه. وجرى توقيف كافالا في عام 2017، ووُجهت له اتهامات بمحاولة إسقاط الحكومة والنظام الدستوري خلال احتجاجات جيزي، ورفضت محكمة تركية الشهر الماضي إطلاق سراحه، وأرجأت النظر في القضية إلى أول من أمس، حيث تمت تبرئته قبل أن يعاد اعتقاله.