شبح انقسام طائفي ـ عرقي يخيم على تشكيلة علاوي الحكومية

يبدو هذا الأسبوع حاسماً على صعيد حكومة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، إن كان على مستوى إعلان الأسماء التي اختارها هو بكتمان شديد، أو على مستوى إمكانية عقد جلسة استثنائية للبرلمان العراقي لتمريرها من عدمه.
علاوي لا يزال يغرد خارج سرب المتظاهرين من جهة، والقوى السياسية النافذة وغير النافذة من جهة أخرى. فهو نصف مرفوض من ساحات التظاهر ونصف مقبول من الكتل السياسية. ويبدو أن الرجل الصامت والمعروف بدماثة خلقه وزهده - كما يروي المقربون منه - يراهن على إحداث مزيد من الانشقاق بين أطراف النصف الرافض له من ساحات التظاهر، وأطراف النصف الذي يقبل به من الكتل والقوى والأحزاب السياسية، لا سيما تلك التي لديها تمثيل برلماني كبير يحتاجه لحظة عرض «الكابينة» على البرلمان المنقسم على نفسه دائماً وأبداً، والذي ازداد الآن انقساماً طائفياً وعرقياً بعد أن بدا أن البيوت المكوناتية (الشيعية والسنية والكردية) قد تشظت خلال انتخابات عام 2018، مع أن التشظي لم يؤدِّ في النهاية إلى تشكيل أغلبية سياسية تتجاوز المكون نفسه إلى أحزاب تمثله، وهو ما أدى في النهاية إلى فشل رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي الذي قبل أن يأتي بتوافق هش وحكومة أطلق عليها حكومة الفرصة الأخيرة.
علاوي الذي يرى أنه جاء لإنقاذ الوضع، لا يبدو عليه حتى الآن أنه قدم تنازلات لأحد من القوى والأحزاب؛ لكن المؤشرات التي يرصدها الخبراء والمتابعون تقوم على أساس دعم من تحت الطاولة، لا سيما من كتل شيعية كبيرة (خصوصاً «الفتح» و«سائرون»). ليس هذا فقط، فإن علاوي يحتكر ترشيح أسماء الوزراء الذين أتى بهم عبر اتصالات شخصية مع فريق خاص مقرب منه، وبالتالي فإنه يرى أن تشكيلته الوزارية سوف تمضي يوم التصويت برضا شيعي شبه كامل، وبانقسام سني – كردي، من منطلق أن الكتل السياسية الشيعية لا تستطيع بسبب غضب الشارع عليها فرض إملاءاتها عليه، بينما لم يعد يحتاج هو إلى تقديم تنازلات كبيرة للسنة والأكراد.
واستناداً إلى أقرب نواب البرلمان إليه، رئيس كتلة «بيارق الخير» محمد الخالدي، فإنه - في تصريح لـ«الشرق الأوسط» - شرح الآلية التي يمكن من خلالها أن تمضي حكومة محمد علاوي، قائلاً إن «نحو 90 في المائة من الكتل الشيعية وافقت، وهو ما يعني نحو 150 نائباً. أما السنة فلدينا نحو 38 نائباً وافقوا أيضاً. والأمر نفسه ينطبق على الكرد؛ حيث لدينا نحو 15 نائباً من كتل كردية مختلفة، وهذا في حد ذاته يعني أن الحكومة سوف تحصل على الأغلبية البرلمانية المطلوبة لتمريرها».
وحول ما إذا كانت هناك جلسة للبرلمان هذا الأسبوع لتمرير الحكومة، يقول الخالدي: «علاوي طلب عقد جلسة للبرلمان هذا الأسبوع لعرض (كابينته)؛ لكن الأمر يتعلق برئاسة البرلمان، باعتبار أن غالبية النواب الآن خارج البلاد بسبب العطلة التشريعية».
وبينما خيمت شبهات الفساد على الحكومة، الأمر الذي أدى بالبرلمان إلى استدعاء الشخصيات التي أعلنت عبر وسائل الإعلام عن خضوعها للابتزاز من قبل كتل سياسية لم تفصح عنها، فإن شبح الانقسام الطائفي والعرقي هو الذي بات يسيطر على المشهد، ما لم تحصل تسويات في اللحظات الأخيرة. فالمقاربة الكردية - السنية، لا سيما كتلتي تحالف القوى العراقية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، تقوم على أساس قيامهم هم بترشيح أسماء حصصهم من الوزراء، مع ترك حرية القبول والرفض لرئيس الوزراء، وهو ما لم يقبل به علاوي، طبقاً لما أكده الخالدي أيضاً.
على صعيد المواقف المختلفة من الوزارة، فإن رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وهو ابن عم رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي، عبر عن استغرابه حول ما يثار عن وجود «بازار» لبيع المناصب الوزارية. علاوي في تغريدة له على «تويتر»، قال إن «مهمة الحكومة المقبلة تنحصر في التهيئة للانتخابات المبكرة، كما أنها تنحصر أيضاً في محاسبة قتلة المتظاهرين». وأضاف علاوي: «من المستغرب أن يجري الحديث عن (بازار) المناصب، واللهاث الذي يجري خلفها، وتجاهل الحديث عن مطالب المتظاهرين والمحتجين، والقمع الذي يطالهم منذ خمسة شهور».
وعلى صعيد المواقف الخاصة بإمكانية عقد جلسة برلمانية تفضي إلى التصويت على الحكومة، فإن التشاؤم من إمكانية تمريرها هو سيد الموقف. وهو ما عبر عنه النائبان في البرلمان العراقي: حسين عرب عن «حركة إرادة»، وسهام الموسوي عن «منظمة بدر» في تصريحين لـ«الشرق الأوسط»، عن الشكوك في تمرير الحكومة بسبب «الانقسامات الحادة بين الكتل كلها بشكل أو بآخر»، مثلما يرى عرب، أو نتيجة «لمخطط كردي - سني بعدم تمرير الحكومة، وبالتالي لن يحضروا جلسة البرلمان المقبلة» مثلما ترى الموسوي.