شحنات كهربائية تقصي البرق عن الطائرات

لمواجهة ضربات البرق التي يمكن أن تصيب الطائرة أثناء الطيران، فإن هيكلها الخارجي يجمع بين كونه موصلاً للكهرباء، وفي الوقت نفسه يكون معزولاً بشكل جيد عن مركز قيادة الطائرة، وعن منطقة مقاعد الركاب، وعن المعدات الإلكترونية الداخلية.
وتستخدم مصانع الطائرات كميات أكبر من مكونات الكربون، التي تعمل بدورها كجزيئات عازلة للشحنات الناتجة عن عواصف البرق، ولا سيما في منطقة الأجنحة وخزان الوقود.
لكن على ما يبدو أن هناك حاجة إلى إحداث تغيير في التصميم، فرغم قدرة الطائرات بالتصميم الحالي على استيعاب ضربات البرق، فإن هذه الضربات التي تضرب الطائرات مرة أو مرتين في السنة تتسبب في إخراجها من الخدمة، لإجراء عمليات التفتيش والإصلاح، وهذا يسبب تأخير الرحلات والإلغاء، وبالتالي فإن إيجاد طريقة لتقليل ضربات البرق يساعد على توفير الوقت والمال.
الغريب أن باحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة كاتالونيا التقنية (UPC)، وجدوا أن العلاج مستوحى من الداء نفسه، ويكمن في إعطاء الطائرات بعض الشحنات الكهربائية أثناء وجودها في الهواء.
وتوصل الباحثون لهذه النتيجة التي جاءت في دراسة نشرت بالعدد الأخير من دورية «مجلة البحوث الجيوفيزيائية»، في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أن قاموا ببناء جهاز يحاكي البرق حول طائرة نموذجية يبلغ طولها متراً واحداً، لمعرفة كيفية تفاعل الطائرات كهربائياً مع السماء المشحونة حولها. وأتاح الجهاز للباحثين محاكاة مجال كهربائي بين الغيوم والأرض، ثم غيروا شحنة الطائرة النموذجية، ما سمح لهم بأن يروا كيف أن الشحنة على الطائرة ساعدت على تحريك البرق.
وخلصوا من ذلك إلى أن الطائرات هي التي تثير البرق، عبر خلق القنوات المؤينة سريعة الحركة التي تتطور إلى البرق، فالبرق لن يحدث لو لم تكن الطائرة موجودة.
يقول كولين بافان، وهو طالب دراسات عليا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومؤلف رئيسي للدراسة الجديدة، في تقرير نشره حولها الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي في 3 يناير (كانون الثاني) الماضي: «الطائرات التجارية الفعلية مصممة لتواجه باستمرار أي شحنات ثابتة تتراكم أثناء وجودها في الهواء؛ لأن الكهرباء الساكنة يمكن أن تتداخل مع الإلكترونيات وتلفها، ونتيجة لذلك فإن الطائرات التجارية قريبة من الحياد الكهربائي أثناء تحليقها في الهواء».
واكتشف الباحثون أن الطائرة تكون أكثر عرضة لضربات البرق عندما تكون محايدة، وتشير التجارب إلى أنه يمكنك الطيران بأمان عبر الحقول المحيطة التي تزيد بنسبة 30 في المائة، إذا كانت الطائرة تحمل بعض الشحنات.
ولم يعرف الباحثون بعد كيف يمكن أن يترجم ذلك في تصميم الطائرات بالوقت الحالي، غير أنهم يأملون في تحقيق ذلك بالمستقبل.
ويقول الدكتور غيرا غارسيا، الأستاذ المساعد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والباحث المشارك في الدراسة لـ«الشرق الأوسط»: «ندرس طرقاً يمكن أن تخرج الطائرات من الحياد الكهربائي، بما يساعدها في التغلب على تلك المشكلة».
ويضيف: «مثل هذا الأمر يحتاج لمزيد من الوقت؛ لأن أي خطأ يمكن أن يؤدي لكارثة أشبه بحادث تحطم طائرة بسبب عواصف البرق عام 1967، عندما استهدفت عواصف من البرق خزان الوقود بشكل مباشر، وأدى ذلك لانفجارها».