الرئيس الأفغاني: اتفاق أميركا و«طالبان» مشمول بشروط

أعلن القصر الرئاسي الأفغاني، أمس السبت، أن مسؤولين أميركيين أبلغوا الرئيس الأفغاني أشرف غني، أن هناك شروطاً تطبق على كل بنود الاتفاق المطروح مع مسلحي «طالبان»، لخفض مستوى العنف في أفغانستان. وفي اجتماع عقد على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن أول من أمس الجمعة، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ووزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، للرئيس غني، إن «كل بنود الاتفاق تخضع لشروط». وجاء في بيان القصر الرئاسي أن بومبيو وإسبر قالا إن «طالبان» مستعدة لإنهاء الحرب وقبول مجتمع تعددي.
وأضاف البيان أن الجانبين ناقشا أيضاً آليات تضمن مراقبة وإشراف الحكومة الأفغانية، وكذلك عملية السلام. وأصر المفاوضون الأميركيون على تراجع أعمال العنف العدائية - وإن لم يعتبر وقفاً كاملاً لإطلاق النار - قبل التوقيع على الاتفاق مع حركة «طالبان»، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»، أمس. وقال المسؤولون الأميركيون، أول من أمس، إنهم اتفقوا مع مفاوضي حركة «طالبان» على الحد من أعمال العنف العدائية لمدة سبعة أيام كاملة في أفغانستان، الأمر الذي إن استمر، فسوف يعقبه أول اتفاق للسلام في أفغانستان بعد مرور 18 عاماً من الحرب المستمرة.
ومن شأن الإقلال من أعمال العنف العدائية، أن يعتبر بمثابة الخطوة الأولى المتخذة في الخطة المعنية بانسحاب القوات العسكرية الأميركية من أفغانستان، على الرغم من توافر المؤشرات التي تفيد برغبة الولايات المتحدة في الاحتفاظ بعناصر لقوات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في البلاد عقب الانسحاب. ويعد توقيت إعلان التقدم في مفاوضات السلام مع «طالبان» ذا أهمية بالغة. فإذا ما بدأت مهلة الأيام السبعة مع نهاية الأسبوع الحالي، أو مع مطلع الأسبوع المقبل، واستمرت لمدة السبعة أيام المقررة، فسوف تكون اتفاقية السلام جاهزة للتوقيع في وقت يقارب زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى الهند. ويتيح هذا الأمر الخيار للرئيس الأميركي، الذي حاول في السابق جلب مفاوضي حركة «طالبان» إلى منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة للتوقيع، لأن يحاول السفر إلى مكان آمن مثل قاعدة «باغرام» الجوية الأميركية في أفغانستان، لإضفاء الطابع الرسمي المطلوب على الاتفاق. ومن المتوقع على نطاق واسع لدى مختلف الأوساط التوصل إلى هدنة بين الجانبين.
وكان وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان قد التقيا في ميونيخ، الرئيس الأفغاني أشرف غني، بيد أن التقارير لم تشر إلى قرب الإعلان عن اتفاق وشيك، ذلك مع انهيار الجهود الدبلوماسية المماثلة. وكان الرئيس ترمب قد انسحب من الاتفاق نفسه في العام الماضي بسبب هجوم إرهابي أسفر عن مقتل جندي أميركي و11 آخرين. وقال المسؤول الأميركي الكبير، الذي اجتمع مع الصحافيين في ميونيخ، إن الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ الفعلي حتى التأكد من نجاح مهلة الأيام السبعة، للتخفيض من أعمال العنف العدائية، وهو الأمر الأدنى بقليل من الوقف الكامل لإطلاق النار بين الجانبين.
وأضاف المسؤول الكبير أن الاتفاق على الحد من أعمال العنف العدائية محدد المعالم بصورة كبيرة، وقال إنه ينبغي أن يسري ذلك الاتفاق على كامل التراب الأفغاني، ويشتمل كذلك على أعمال العنف ضد المواطنين الأفغان، وأعضاء التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، مع انسحابه على كافة عناصر ومكونات العنف التي باتت معروفة ومألوفة في البلاد عبر 18 عاماً من الحرب المستمرة؛ العبوات الناسفة المزروعة على جوانب الطرق، والقنابل الانتحارية، والهجمات الصاروخية. كان المبعوث الأميركي الخاص المعني بالمصالحة الأفغانية زلماي خليل زاد، الذي يرأس فريق التفاوض الأميركي، مشاركاً أيضاً في الاجتماع. يُشار إلى أنه لم يتم إشراك الحكومة الأفغانية في محادثات الولايات المتحدة و«طالبان» خلال الـ18 شهراً الماضية، حتى في الوقت الذي يقترب فيه الجانبان من إبرام اتفاق. ونُقل عن بومبيو قوله: «دعوا (طالبان) تقول ما تشاء... ولكن في الواقع يجب أن تقول وداعاً للإرهاب ولـ(القاعدة)، وأن توقف القتال».
وطبقاً للقصر الرئاسي الأفغاني، يريد غني إجراء مشاورات موسعة بشأن التطورات، و«بحث فرص الاتفاق ومخاطره». وقال وزير الدفاع الأميركي، مارك أسبر، للصحافيين، في بروكسل، أول من أمس، إن الولايات المتحدة و«طالبان» تفاوضتا بشأن «اقتراح» لتقليص العنف يستمر سبعة أيام. وفي اليوم نفسه، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إن التوصل إلى اتفاق أصبح أمراً «وشيكاً للغاية». وتردد أن اتفاقاً سوف يتضمن جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأميركية وضمانات من «طالبان»، بألا يتم التخطيط لأي هجمات إرهابية من أفغانستان. ويهدف أيضاً إلى بدء محادثات سلام بين الأفغان. وقال تميم آسي من مؤسسة «دراسات الحرب والسلام» البحثية، ومقرها كابل، «كلنا نريد السلام... دعونا لا ننجرف وراء المشاعر، ونرحب باتفاق مجهول تم التفاوض عليه في غيابنا (الأفغان)». إلى ذلك، قتل 9 مدنيين على الأقل بضربة «درون» (طائرة بدون طيار) في أفغانستان، أول من أمس، الجمعة، حسب وكالة «رويترز»، نقلاً عن شهود عيان. وأكد سكان إقليم ننغرهار، شرق البلاد، أن الغارة استهدفت سيارة تقل مدنيين، وأن بين القتلى التسعة طفلاً، في حين لم يكشف متحدث باسم حاكم الإقليم هوية الضحايا. وجاء الحادث في الوقت الذي أكد فيه مسؤول رفيع بالإدارة الأميركية أن واشنطن توصلت مع حركة «طالبان» إلى اتفاق يقضي بخفض العنف. وذكر متحدث باسم حركة «طالبان»، أنه تم تدمير سيارتي ركاب كانتا تقلان 11 مدنياً في الهجوم. ولم يرد الجيش الأميركي على الفور على طلبات للتعليق.
وإقليم ننغرهار من بين الأقاليم المضطربة، حيث تنشط حركة «طالبان»، وتنظيم «داعش». من جهة أخرى، ذكر مسؤولون من الجيش الأفغاني، أمس السبت، أن غارة جوية أسفرت عن مقتل 5 مسلحين من حركة «طالبان» في إقليم تخار شمال شرقي أفغانستان. ونقلت وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء عن المسؤولين قولهم، إن قوات الأمن نفذت الغارة الجوية في منطقة باهاراك بإقليم تخار. وفي الوقت نفسه، اعتقلت القوات الخاصة الأفغانية 6 مسلحين من حركة «طالبان» خلال عمليات بمنطقة جيرو بإقليم غزني، ومنطقة محمد أغا بإقليم لوجار، ومنطقة فرح في الإقليم الذي يحمل الاسم نفسه. ودمرت القوات الخاصة أيضاً مخبأ صغيراً للاتصالات تابعاً لـ«طالبان» في إقليم لوجار ومخبأين للأسلحة تابعين للحركة في إقليمي لوجار وننغرهار، طبقاً لما ذكره مسؤولون. ولم تعلق حركة «طالبان» على العمليات حتى الآن.