المدينة الإعلامية في السعودية... مشروع متكامل لتطوير صناعة المجال

بعد إعلان السعودية عن مشروع المدينة الإعلامية المقرر جمعها لتخصصات ومجالات متقاطعة مع الإعلام، مثل الثقافة والتقنية والابتكار، إضافة إلى موقعها وتصميمها المعماري الذي يرتبط بالثقافة والإرث السعودي، أكد الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي للمدينة الإعلامية، أنهم يعملون على إعداد شراكات استراتيجية، حيث حددت القطاعات المختلفة، وأكبر الجهات النوعية التي تسعى المدينة الإعلامية لاستهدافها، إضافة إلى أنه مع التغيرات الأخيرة الحاصلة في السعودية بدأت كثير من الجهات العالمية تطرق الباب السعودي، مؤكداً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنهم حريصون الآن على الانتقال إلى السعودية بسبب التغييرات الكبيرة بعد «رؤية 2030».
وأشار الدكتور فهد بن مشيط إلى أنه بالإضافة إلى ما تم توقيعه في الأيام الماضية، فإن هناك مؤسسات إعلامية أخرى ستتبعها، مؤكداً أن الموقع للمدينة الإعلامية موجود، والطلب عالٍ في الصناعة الإعلامية، وستكون خلال الفترة المقبلة إعلانات وشراكات جديدة.
وقال الرئيس التنفيذي الدكتور فهد، الذي يعمل كذلك رئيساً تنفيذياً للهيئة العامة لحي السفارات (موقع المدينة الإعلامية)، إن ما تم الإعلان عنه هو البداية لخطوة كبيرة للسعودية للمساهمة في تطوير صناعة الإعلام، والتركيز على دعم كل الجهات التابعة والمعنية، سواء في الإعلام المتخصص أو الأمور المكملة للإعلام.
وأضاف أن المشروع يعنى ببناء مدينة إعلامية، ولكن بشمولية أكبر بكثير، وتبعد في مفاهيم مكملة للقطاع الإعلامي، مثل القطاعات الثقافية والابتكار والإبداع والصناعات المختلفة المكملة للصناعة الإعلامية، مشيراً إلى قرار مجلس الوزراء حول إنشاء الهيئات الثقافية الإحدى عشرة التابعة لوزارة الثقافة، وأن هذه الهيئات لها تقاطعات كبيرة مع صناعة الإعلام، حيث ستستضيف المدينة الإعلامية كثيراً من الهيئات التابعة لوزارة الثقافة.
وأكد أنهم عملوا على تطوير استراتيجية متكاملة، أقرت من مجلس الإدارة للمدينة الإعلامية، وأن هناك تفاصيل أخرى ما زالت تحت العمل، على أساس تحديد الاستراتيجيات والتوجهات المقبلة في هذا المجال، إضافة إلى أنواع الشراكات التي ستطلق في الفترة المقبلة، بجانب ما تم إطلاقه مع كبرى الشركات، سواء المحلية أو الدولية.
وأوضح الدكتور بن مشيط أنها ستكون مدينة بالمفهوم الشامل للمدينة، بحيث يكون بها جميع التخصصات المطلوبة في صناعة الإعلام، والصناعات المكملة لصناعة الإعلام بمختلف مجالاتها، حيث ستوفر مسرح واستديوهات للتصوير وغيرها، مشيراً إلى أنهم لم يحصروها فقط على الإعلام، حيث سيكون بها مجالات أخرى، مثل التقنية التي شهدت توقيع مذكرة تفاهم مع واحد من أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم التي تستثمر في التقنية «EWTP». وتابع: «التركيز سيكون على الشركات التقنية المكملة في مجال الإعلام أو الثقافة، وهناك تقاطعات كبيرة في مجالات الإعلام والثقافة والتقنية والابتكار بشكل عام».
وحول المحفزات التي ستجذب الشركات لفتح مقراتها في المدينة الإعلامية، يقول الرئيس التنفيذي إنهم يعملون على وضع عدة أنواع من المحفزات التي تحفز القطاعات المختلفة في المجالات الإعلامية والثقافية والتقنية، وغيرها مما تختص بها المدينة الإعلامية، قائلاً إنهم يعملون ضمن مظلة كاملة، وليست بمعزل عن الآخرين، وفقاً للبرامج المختلفة التابعة لـ«رؤية السعودية 2030»، مثل برنامج جودة الحياة، وغيرها من البرامج التي تعد ضمن المحفزات الشاملة على مستوى الدولة، والتي تعود بالفائدة على المدينة الإعلامية، باستقطاب الشركات المحلية، والشركات التي لها وجود عالمي، أو الشركات الدولية.
وتابع: «من المحفزات الجاذبة للجهات والموظفين وجود الخدمات ووسائل التعليم والمعيشة كافة في المدينة الإعلامية»، مضيفاً أنهم وقعوا اتفاقيات مكملة لهذا المجال.
وقال بن مشيط إن العمل بدأ رسمياً في بناء المدينة الإعلامية، وذلك بعد توقيع الاتفاقيات الأولى وتنفيذ أعمال البناء، مشيراً إلى أن الاتفاقيات وصلت إلى نتائجها بالتوقيع والإعلان عنها، بعد عمل دؤوب في الشهرين الماضية. وذكر أن «العمل بدأ، وتم اختيار المباني للمدينة الإعلامية كمرحلة أولى، وكمرحلة ثانية سيكون هناك بناء مبانٍ جديدة»، مضيفاً أن المدينة سيكون فيها مراكز ومكاتب تجارية وأنشطة مكملة، مثل الاستديوهات والمسارح وفندق ومساكن بمختلف أنوعها، إضافة إلى ملعب غولف سيتم إنشاؤه في الحي الدبلوماسي.
وقال إن المعايير الدولية لمساحات المدن الإعلامية تتراوح بين 300 ألف متر مربع و800 ألف متر مربع، واختيار المساحة يأتي وفقاً للاستراتيجية الإعلامية، حيث إن بعض الدول تبني مدناً إعلامية بمساحات أقل، وإنه بناء على استراتيجية الهيئة والمجالات التي ستدخل بها، يتم تحديد حجم المساحة الطبيعي الذي يساندها كبنية تحتية أو مبانٍ أو مكاتب، وتحدد حجم السكان المستهدف والعاملين في هذه المدينة الإعلامية، قائلاً: «نملك مساحات شاسعة في الحي الدبلوماسي، ومستعدين لتخصيص جزء كبير منها حسب الاحتياج، حتى مليون متر مربع»، حيث يبلغ حجم حي السفارات 8 كيلومترات. وعن موقع المدينة التي ستكون في منطقة قريبة من وادي حنيفة، قال إنها ترتبط بتاريخ السعودية، وستحافظ على الإرث والتراث والقيم والعادات، حتى في الطراز المعماري.
وتابع: «هذا الطراز هو ما نعمل عليه كجزء من منظومة كاملة في التخطيط الشامل لحي السفارات بشكل كامل، بما فيها المدينة الإعلامية، وإن هناك تشريعات في البناء ستفرض على كل مطور لاتباعها للمحافظة على التراث والإرث»، مشيراً إلى طبيعة الحي الجغرافية، مثل وادي حنيفة وميزته الاستراتيجية. وأضاف أن أحد المحفزات لجذب الشركات العالمية أو المحلية ليجدون في المدينة البيئة المناسبة لهم، هو احتياجهم لوجود مدارس عالمية لأبنائهم، ومرافق عامة جميلة للتنزه أو الرياضة، وأسلوب حياة معين في جودة الحياة، قائلاً إن هذه الأمور شاملة، وإنها جزء من المدينة الإعلامية والحي الدبلوماسي.
وعززت الهيئة العامة لحي السفارات جودة الحياة داخل الحي باتفاقيات وعقود في مجالات متنوعة تختص بالتعليم ورعاية الأطفال والمشاريع الترفيهية، وذلك انطلاقاً من استراتيجيتها لتعزيز الحوار الثقافي، من خلال التعليم والرياضة والتبادل الثقافي، وتنفيذاً لبرنامج جودة الحياة الذي يعد أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030».
ووقع الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لحي السفارات، عدة عقود مع مجموعة من الشركات والجهات المحلية والعالمية ذات الخبرة في مجالات متفرقة، كالتعليم ورعاية الأطفال والمشاريع الترفيهية، بهدف تطوير الحي وتلبية احتياجاته وفق أعلى المعايير والمستويات، مما يساهم في تقديم خيارات مختلفة من الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية التي تساهم في تعزيز جودة حياة الفرد والأسرة.
ومن مبدأ العناية المتكاملة للأسرة، وقع الدكتور فهد بن مشيط، وعبد العزيز الحماد رئيس مجلس إدارة مدرسة «أرتال» التأسيسية العالمية، عقداً لافتتاح إحدى مدارس «أرتال» التي تعنى برعاية وتعليم الأطفال من خلال تمكين التعلم عبر اللعب للأطفال الأصغر سناً، والأنشطة القائمة على المشاريع للطلاب الأكبر سناً، ابتداءً من سن 6 شهور إلى 6 سنوات. وتركز المدرسة على جوانب عدة تعليمية مستنبطة من التكنولوجيا والهندسة والرياضيات والفنون، كما تستهدف استقبال أكثر من 120 طفلاً في سبتمبر (أيلول) المقبل.
وهذا بالإضافة إلى التوقيع مع ريم داغستاني المدير العام المؤسس لشركة «بيتي اللطيف» (Sweet Home)، المتخصصة في مجال رعاية وتعليم الطفل لأكثر من 9 سنوات، لتكون مرحلة ما قبل المدرسة مرحلة نموذجية متميزة هادفة، على أن تبدأ باستقبال الأطفال في سبتمبر (أيلول) المقبل، بطاقة استيعابية تفوق 100 طفل، وذلك من عمر شهرين إلى 6 سنوات. كما تم توقيع عقد مع المدرسة البريطانية الدولية بالرياض، متمثلة في مديرة المدرسة هيلين أولدز، وهي مدرسة تعليمية عالمية تخدم الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و18 سنة، وتقدم تعليماً عالمياً عالي الجودة منذ 1979، على أن تبدأ باستقبال أول طالب في سبتمبر (أيلول) المقبل، بطاقة استيعابية تفوق 1300 طالب.
وفي مجال تقديم الأطعمة، تم التوقيع مع ديم البسام المالك المؤسس لشركة «مدار» الغذائية لتقديم الوجبات، التي تدير سلسلة من المطاعم والمقاهي الراقية، تشمل «سولت» و«باركرز» وغيرها من الأسماء التجارية، وسيتم افتتاح مطعم «سولت» في نهاية العام الحالي، وسيركز المطعم على التفاعل مع المناظر الطبيعية الواسعة في الحي الدبلوماسي، وخلق خطة جذابة نافذة للزوار، مما يثري تجربة الضيوف بشكل عام. وكما أشرفت الهيئة العامة لحي السفارات على توقيع عقود عدد من المشاريع مع الشريك الاستراتيجي شركة «رازا»، ممثلة بالمهندس فهد العيسى الرئيس التنفيذي للشركة، حيث وقعت شركة «رازا» مع دانة الملحم المالك المؤسس لشركة مركز الأطفال «تايم» (TIME)، وهو مركز تعليمي ترفيهي مختلف رائد في مجال اللعب التنموي، يعنى برعاية الأطفال منذ الولادة (بعمر الأسبوعين) على مدار ساعات عمل المركز، حيث يمكن الاستفادة من خدمات المركز بأوقات متفرقة تحددها العائلة.
إضافة إلى ذلك، وقعت شركة «رازا» مع شركة «يوغي» (yogi) الغذائية، ممثلة بالمالك نواف البراهيم، لافتتاح مطعم صحي إبداعي، حيث يمكن للضيوف خوض تجربة فريدة من نوعها من ناحية التصاميم الإبداعية والوجبات الصحية اللذيذة، فيما سيشمل مشروع «المدينة الإعلامية» الذي يقع في حي السفارات (غرب العاصمة الرياض) قطاعات في الثقافة والإعلام والتقنية، تؤثر بشكل مباشر على الصناعة الإبداعية المستقبلية، كالنشر والبودكاست والأفلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والإعلان الرقمي، والتعليم الرقمي، والواقع المعزز وتطوير المحتوى، والتصوير والتصميم والأزياء والصّحف والمجلات والإذاعات والمحطات التلفزيونية، وغيرها.