روسيا تستعيد دفعة جديدة من أطفال «دواعشها» في سوريا

تكشف تسريبات نادرة لقصص أطفال «الدواعش» الروس في سوريا والعراق، عن مآسٍ مؤلمة عاشها هؤلاء الصغار، نتيجة قرار اتخذه شخص ناضج، غالباً أحد الأبوين، بالانضمام إلى هذا التنظيم الإرهابي، ونقل أطفاله معه إلى مناطق سيطرة التنظيم. واحدة من هذه القصص عرضت خطوطها العامة وكالة «تاس»، في تقرير أمس من مركز إعادة التأهيل قرب العاصمة الروسية موسكو، الذي نقلت السلطات إليه آخر دفعة من أطفال «الدواعش» الروس بعد عودتهم من سوريا.
وفي إطار جهود أطلقتها السلطات الروسية لاستعادة أبناء وزوجات مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، وصلت أول من أمس (الجمعة)، طائرة إلى مطار تشاكلوفسكي في ريف موسكو، وعلى متنها 26 طفلاً روسياً، رافقتهم آنا كوزنيتسوفا، مفوضة الرئاسة الروسية لحقوق الأطفال، في رحلة مقبلة من مطار القامشلي.
وكان جميع هؤلاء الأطفال في مخيم الهول للاجئين، الواقع تحت سيطرة ميليشيا «قسد» شمال شرقي سوريا. ووصلت المفوضة الرئاسية الروسية لحقوق الأطفال شخصياً إلى القامشلي برفقة وفد روسيا، وتسلمت هناك من سلطات «الإدارة الذاتية» 35 طفلاً من أبناء العائلات الروسية التي انضمت لـ«داعش»، أعمارهم تتراوح من عامين حتى 17 عاماً. ونقلت كوزنيتسوفا معها على متن الطائرة إلى موسكو 26 طفلاً فقط، وأكدت أن 9 آخرين ستتم إعادتهم إلى روسيا قريباً، بعد إنجاز الإجراءات الضرورية المتعلقة بوثائقهم الثبوتية.
وفور وصول الأطفال إلى موسكو، تم نقلهم بداية إلى مركز صحي، ومن ثم إلى مركز خاص لإعادة التأهيل، قبل تسليمهم لأقاربهم في مختلف المدن الروسية، حيث يعمل معهم هناك مختصون بعلم النفس والتربية، لمساعدتهم في التأقلم بسرعة مع الحياة الطبيعية، بعد أن أمضوا سنوات في ظروف معقدة للغاية، انتهت بفقدان معظمهم والديه أو أحدهما، ومن ثم إقامة في ظروف قاسية للغاية في مخيم الهول ومخيمات أخرى للاجئين شرق سوريا.
وذكرت وكالة «تاس» أن رجلاً وصل من مدينة آسترخان على نهر الفولغا، تمكن من التعرف على ابنتيه، ضمن العائدين، الكبيرة من مواليد 2011، والصغيرة 2013، قال إن والدتهما (طليقته) أخذتهما معها إلى سوريا، دون أن يذكر متى وكيف ولماذا قامت بذلك، وأكد أنه سيأخذهما معه إلى بيتهما في آسترخان، بعد انتهاء فترة إعادة التأهيل في المركز قرب العاصمة موسكو. ومع عدم عرض تفاصيل قصة هذه الأسرة، لا شك أن ما عاشته الصغيرتان خلال السنوات الماضية مأساة حقيقية، لا سيما بعد فقدان والدتهما، ويتعين عليهما الآن اجتياز تجربة جديدة للعودة إلى الحياة الطبيعية مع والدهما، الذي يرجح أنهما تتعرفان عليه من جديد بعد فراق عدة سنوات.
وجاءت استعادة الدفعة الجديدة من الأطفال أبناء «الدواعش الروس» في إطار جهود السلطات الروسية لإعادة عشرات الأطفال الذين توجه آباؤهم وأمهاتهم إلى سوريا والعراق للمشاركة في العمليات القتالية في صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي. وكان السياسي الأردني من أصول شيشانية، سميح بينو، أول من أطلق مبادرة عام 2017 لاستعادة الأطفال الروس من سوريا والعراق، متأثراً بمشاهد مؤلمة ضمن مقطع فيديو نشرته النائبة السابقة في البرلمان العراقي نادية جبوري، وتظهر فيه طفلة مصابة بحروق، كان والداها من أعضاء التنظيم، وقُتلا خلال المعارك، ولم تكن تلك الطفلة تتقن أي لغة سوى الشيشانية، لذلك بدأت عملية البحث عن أقاربها في روسيا.
ومنذ ذلك الحين، قامت السلطات الروسية باستعادة عدد كبير من الأطفال، وتواصل العمل في هذا الاتجاه، مؤكدة حرصها على إعادة الجميع إلى بيوتهم وذويهم.